مسقط- فريد قمر
مئات من رجال الأعمال والمستثمرين في مكان واحد، قاعة واحدة، وأمامهم هدف واحد وهو الاستثمار في السلطنة.
مشهد لعله يختصر برمزيته مستقبل السلطنة التي تستضيف يومي أمس واليوم منتدى استثمر في عمان الذي افتتح تحت رعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد.
غالباً، ما يدور كوالبيس المؤتمرات يكون أبلغ مما يقال في العلن، وكواليس المنتدى كانت أهم ما دار فيه، اصحاب أعمال أغلبهم من العالم العربي يحملون معهم مجموعة اسئلة تدل على نواياهم، اسئلة تغوص في تفاصيل الاستثمار، بعضهم يسأل عن قوانين وإجراءات محددة وبعضهم يسأل عن قطاعات دون غيرها، وآخرون يدخلون في تفاصيل شروط الاستثمار وطبيعة التملك، بل ويبحثون عن شركاء عمانيين يدخلون معهم في استثماراتهم المقترحة. الامر يعكس الاهداف الحقيقية التي سعى إليها المنتدى، والنجاح الفعلي الذي بت معالمه تظهر منذ انطلاقته صباح أمس في جراند ميلينيوم مسقط الذي تحول إلى ملتقى بين مستثمري الحاضر ومستثمري المستقبل.
جذب المستثمرين
ويقول صاحب الأعمال الإماراتي حمد، وهو الذي أتى بنية نقل جزء من استثماراته إلى السلطنة، "إن عمان تشكل فرصة واعدة لاسيما في المجالين الصناعي والتجاري وذلك نظراً لموقعها الاستراتيجي والموانئ المتقدمة فيها حالياً ومستقبلاً مما يجعلها ممراً ضرورياً للبضائع من الخليج العربي الى شرق آسيا وشرق أفريقيا، ومع التسهيلات الجمركية المطروحة بدأنا كمستثمرين نبحث جدياً عن موطئ قدم في السلطنة".
ويدير الشيخ مجموعة تاميند التي تركز أعمالها حالياً في الإمارات وهي تهتم بنشاطات عدة معظمها في قطاع الصناعة والقطاع اللوجستي، وهما قطاعين وضعتهما السلطنة كأولوية في الخطة الخمسية التاسعة. ويضيف الشيخ في حديث لـ "الشبيبة" :"لمسنا جدية كبيرة من قبل المسؤولين لفتح الاستثمارات وتسهيلها، وذلك من خلال لقاءات عدة في السلطنة وخارجها، وهذا الأمر يشجعنا كمستثمرين على دخول في مشاريع طويلة المدى لا سيما أن دعم الاستثمار هو خطة استراتيجية للسلطنة وليس مجرد طرح عابر، ومتى توافرت الرؤية والإرادة يكون النجاح متوقعاً".
وبدوره قال رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت محمد شقير لـ "الشبيبة": "اللبنانيون موجودون في عمان ولديهم استثمارات منذ 30 أو 40 سنة، غير ان تلك الاستثمارات بقيت محدودة والتبادل التجاري بين البلدين لم يرق إلى المستوى المطلوب، لكن منذ العام 2015 بدأ الوضغ يختلف مع اللقاءات المتعددة بين غرفة تجارة بيروت وجبل لبنان، وغرفة تجارة وصناعة عمان، والتي بدأت تثمر في مجالات تعاون كثيرة" واضاف: "عيون اللبنانيين مفتحة الآن على السلطنة لما فيها من فرص اقتصادية واعدة، وانا اشجع اللبنانيين ان يأتوا ويستثمروا في عمان لما تشكله من قيمة استثمارية".
واوضح أن "قيمة الاستثمار اللبناني في الخليج يبلغ 125 بليون دولار، ودخوله إلى السلطنة يفيد الاقتصاد المحلي، لاسيما ان المستثمر اللبناني قادر على إحداث فارق في أكثر من مجال كالسياحة والصناعة والقطاع المصرفي خصوصاً من خلال التعاون والشراكة مع المستثمرين المحليين".
تذليل العقبات
وعن التحديات التي يوجهها المستثمر في السلطنة أكد "أنه مع البوابة الواحدة بات الاستثمار وتأسيس الشركات اسهل بكثير وكذلك مع وجود المناطق الحرة والدعم المتوافر من الدولة، كل هذه الأمور تشجع المستثمر اللبناني ولذلك نحم موجودون هنا".
واعتبر شقير أن "السلطنة اليوم تشكل بوابة إلى إيران التي تشكل سوقاً كبيرا وستساهم السلطنة في أداء دور كبير في إعادة إعمار اليمن وهذا نموذج بسيط عن قدرات السلطنة الاقتصادية التي يرغب المستثمرون في أن يكونوا جزءاً منها".
وبدوره قال مدير تطوير مجموعة نبراس كيفن دود لـ "الشبيبة": " تعتبر نبراس شركة عمانية مئة في المئة، وهي تضع نصب أعينها الاستثمار داخل عمان منذ زمن بعيد غير لكن للأسف لم نستطع تحقيق ما طمحنا له".
واضاف: "لدينا عدد كبير من المستثمرين ولدينا رؤوس الأموال المطلوبة للاستثمار داخل البلاد، لكننا ولدينا خطط مكتملة لكن من دون جدوى، وذلك بسبب بعض الإجراءات التي كانت تؤخر مسألة اخذ القرارات حول أشكال الاستثمار المطلوبة".
لكنه أضاف :" لم نفقد الامل، فالحكومة تسير على الخط الصحيح والخطة الاقتصادية الجديدة واعدة، وهي تعتمد على القطاع الخاص، وهذا هو المطلوب" معتبراً أنه على السلطنة أن تتشجع وتفتح ابوابها بشكل واسع للاستثمار الاجنبي والمحلي.
وأكد أن هناك الكثيرين من المستثمرين متعددي الجنسيات الذين يرغبون في الدخول الى السلطنة والاستثمار فيها وهم بالتأكيد يبحثون في عائدات الاستثمار وهذا ما يجب ان يكون على طاولة البحث المحلية ايضاً للاستفادة من تلك القدرات".
افتتاح المنتدى
وكان المنتدى افتتح بعرض الفيلم الترويجي "لتكون عمان وجهتك" الذي نفذ لتشجيع الاستثمار في عمان، قبل ان يلقي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان سعادة سعيد بن صالح الكيومي كلمة قال فيها :"إنه من يمن الطالع ان يتزامن تنظيم غرفة تجارة وصناعة عمان بالشراكة والتعاون مع اتحاد الغرف العربية منتدى استثمر في عمان مع انطلاق البرنامج الحكومي للتنويع الاقتصادي (تنفيذ) الذي يركز في جانب كبير من اهدافه ومرتكزاته على استقطاب وتسهيل اجراءات الاستثمار المحلي والخارجي عبر قطاعات وانشطة خدمية وانتاجية تتميز بها السلطنة التي لا شك في انها توفر فرصا استثمارية واعدة" مؤكدأً " أن القطاع الخاص العماني ينظر بتفاؤل لمثل هذا البرنامج المحفز للتنويع الاقتصادي" .
واكد الكيومي أن السلطنة "تدرك حجم المنافسة لاستقطاب الاستثمارات وتدرك ايضا ان القدرة على استقطاب تلك الاموال وما يصاحبها من تقنية مرهون بمقدار ما يقدم من تسهيلات وحوافز لذلك هيأت المناخ المناسب والمشجع للاستقطاب محليا وخارجيا وذلك من خلال توفير حزم من الحوافز والتسهيلات وإقرار مجموعة من القوانين والتشريعات المنظمة والمحفزة لنمو وازدهار وضمان الاستثمارات"
وبيّن أن السلطنة بدأت "بالترويج لمجموعة من البرامج الاستثمارية الوطنية كالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وهي تتألف من ميناء وحوض جاف ، ومنطقة صناعية وتجارية ناشئة مفتوحه على طرق التجارة في بحر العرب والمحيط الهندي ، وكذلك منطقة صحار الصناعية الكبرى على ضفاف بحر عمان وميناء صلالة ومنطقته الحرة بالقرب من القرن الأفريقي، فضلا ًعن الفرص الاستثمارية المتوافرة في مختلف المحافظات مثل الصناعات التحويلية وتقنية المعلومات والصناعة المعرفية والسياحة والاستزراع السمكي".
وأكد الكيومي :"أن تفعيل علاقات التعاون والشراكة بين المستثمرين ومؤسسات القطاع الخاص في منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل اوسع يتطلب تفعيل اتفاقيات التعاون المشترك وقبل ذلك تعزيز قنوات الاتصال بين تلك المؤسسات والمشاركة في الفعاليات الاقتصادية وتبادل المعلومات التجارية والاستثمارية والخبرات والتجارب في المجالات الحيوية".
وبدوره قال أكد أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط سلطان بن سالم الحبسي أهمية المنتدى" الذي ينعقد على خلفية مجموعة من التطورات الإقليمية والدولية غير المسبوقة منذ الازمة المالية الكبرى للعام 2008، واستمرار موجة التقلبات في الاسعار العالمية للنفط الذي يعد المحرك الاساسي لاقتصادات كثير من الدول"
خطط متكاملة
وأضاف أنه استجابة لتلك التحديات: "قامت السلطنة برسم وتنفيذ استراتيجية متكاملة تستهدف إراء دعائم اقتصاد متنوع في الأجل المتوسط". وعرض الحبسي أهداف الخطة الخمسية التاسعة التي تسعى إلى تحقيق "التحول في هيكل الاقتصاد العماني من اقتصاد يعتمد اساساً على مصدر واحد وهو النفط إلى الاقتصاد المتنوع" فضلاً عن تحقيق "التحول في محركات النمو بتمكين الاستثمار الخاص والمحلي والأجنبي من القيام بدور رائد مع تعزيز الشراكة بين القطاعين االعام والخاص" ومن الأهداف ايضاً "تحقيق التحول في إدارة المالية العامة لتكون اكثر فاعلية واكثر انضباطاً وذلك بترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية وتحقيق التحول في هيكل سوق العمل بإحداث نقلة نوعية في تأهيل المواطن العماني".
وفي كلمته أشاد رئيس اتحاد الغرف االعربية سعادة نائل رجا الكباريتي "بالجهود والتعاون المتواصل الذي لمسناه من غرفة تجارة وصناعة عمان التي اثمرت في تحقيق نهوض اقتصادي كبير سرفع من مستوى الاستثمار في السلطنة" مؤكدأً أن الاستثمار العالمي يشهد تحديات عدة في سياق احتواء تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي لا تزال تتوالى فصولاً".
واضاف الكباريتي:" نحتاج اليوم للكثير من العمل والتنسيق لننجو قبل ان تغرق السفينة" معتبراً ان المرحلة الحالية " تتطلب ان نسعى لاقتصاد عربي مبني على الابتكار والمعرفة".
جلسات اليوم الأول
وشهد اليوم الأول جلستين، الأولى بعنوان "سلطنة عمان: "الرؤية الاقتصادية والبيئة الاستثمارية" وشارك فيها نائب الأمين العام لمجلس التخطيط الاقتصادي طلال بن سلمان الرحبي الذي قدم الرؤية الاقتصادية الجديدة للسلطنة، ووكيلة وزارة السياحة ميثاء المحروقية التي قدمت شرحاً وافياً للاستراتيجية السياحية للسلطنة وعرضت التسهيلات المقدمة للاستثمار في القطاع السياحي، كما تحدث رئيس اتحاد غرف السعودية عبد الله الزامل الذي اعتبر ان السلطنة ستشكل قريباً المركز التجاري العربي وذلك بسبب المشاريع الكثيرة التي تقدمها لاسيما على الصعيد اللوجستي.
وشاركت في الجلسة ايضاً ممثلة البنك الدولي خالدة عطا التي تحدث عن رؤية البنك للاقتصاد العماني وأهمية أن تكون التنمية أفقية ويلعب فيها القطاع الخاص دوراً كبيراً.
أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان المناطق الاقتصادي الحرة والفرص المتاحة للاستثمار، وأدر الجلسة مدير عام الاستثمار بالهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات سمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد، وشارك في الجلسة مدير المحطة الواحدة للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، صالح بن حمود الحسني، مدير الشؤون التجارية بالمنطة الحرة في صحار فيصل بن علي البلوشي ونائب الرئيس التنفيذي لميناء صلالة أحمد بن علي عكعاك فضلاً عن الأمين العام والرئيس التنفيذي للغرفة العربية البرازيلية.