" شيراك " .... " بائع الصحف " الذي حاز ثقة الفرنسيين

الحدث الثلاثاء ٢٧/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٥٥ م

باريس – ش

قالت صحيفة "20 مينيت" الفرنسية إن غالبية الفرنسيين مازالوا يحبون الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك، ويرون أن ولايتيه (ما بين عامى 1995 و 2007) كانت الأفضل على الإطلاق بالمقارنة مع الرؤساء الفرنسيين الذين تولوا الرئاسة بعده.
ووفقاً للاستطلاع الذى أجراه معهد إيفوب، أن هناك 8 من كل 10 فرنسيين (83 %) يتمنون فترة رئاسية جديدة مثلما كانت عليها فى ظل جاك شيراك، وأنه الرئيس الأمثل بالنسبة لهم.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا الاستطلاع جاء بعد ملاحظة أعداد مهولة من الفرنسيين متأثرين بحالة المرض التى يعانى منها الرئيس الأسبق، إضافة إلى حزنهم الشديد عند انتشار شائعات وفاته يوم الأربعاء الماضى.
يشار إلى أن الرئيس الأسبق جاك شيراك مكث منذ أسبوع فى احدى مستشفيات فرنسا لإصابته بمرض رئوى، وأجمع 78% من مويدى الحزب الاشتراكى، و95% من الجمهوريين، و84% من الجبهة الوطنية يحتفظون بذاكرة جيدة لهن وأنهم كانوا فى غاية الحزن على مرضه.
وكانت صحيفة " لكسبريس " الفرنسية قد اكدت في وقت سابق أن فريدريك سالا بارو صهر الرئيس السابق جاك قد اكد ان شيراك، مازال على قيد الحياة وإنه يتلقى علاجه فى مستشفى بيتى سالباتريار، وأنه مصاب بمرض فى الرئة مما يجعله فى حالة خطرة، ولكنه بغض النظر عن حالته فهو مازال حياً، وجاءت هذه الكلمة بعد أن تكررت شائعات وفاة جاك شيراك.
وأشار إلى أن الرئيس السابق والبالغ من عمره 83 عاماً، قد دخل العناية المركزة مؤخراً فور وصوله من رحلة فى المغرب بصحبة زوجته برناديت شيرالك.
والجدير بالذكر انه مساء الاربعاء الماضى اعلن فريدريك سالا بارو صهر شيراك ان زوجة الرئيس الاسبق برناديت شيراك (83 عاما) ترقد منذ الثلاثاء فى المستشفى نفسه نتيجة اصابتها ب"ارهاق" ناجم عن مرض زوجتها فضلا عن "تأثرها العميق بوفاة ابنتهما البكر لورانس" التى رحلت فى إبريل.
وذكرت عائلة الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك أنه تم نقله إلى مستشفى (سالبتريير) بباريس يوم الأحد إثر إصابته بعدوى رئوية.
وكان شيراك (83 عاما) قد عاد إلى باريس قادما من المغرب حيث كان يقضى عطلة مع عائلته، ومن المقرر أن يبقى بالمستشفى لعدة أيام، بحسب المحيطين به.

رفض الحرب على العراق
يشار إلى أن شيراك- الذى رفض الحرب الأمريكية على العراق ويملك شعبية كبيرة- انتخب رئيسا للجمهورية لولايتين متتاليتين فى العامين 1995، و2002 بعد مواجهة غير مسبوقة مع حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف، فبقى 12 عاما فى منصبه ما جعل منه الرئيس الذى يقضى أطول فترة رئاسية بعد سلفه الاشتراكى فرنسوا ميتران.
واطلق اسم الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك على متحف "كى برانلى" بباريس الذى أسسه قبل عشر سنوات.
وبات اسم المتحف المتخصص فى الأعمال الفنية القديمة من أفريقيا وآسيا والأمريكيتين- موزى دو كى برانلى جاك شيراك.
وافتتح الرئيس فرانسوا هولاند معرضا بالمتحف تحت عنوان"جاك شيراك"، الحوار بين الثقافات" و يحتوى على 150 قطعة من بينها ثلاثة أقنعة يابانية قديمة تشبه شيراك الى حد كبير، وترجع إلى أواخر القرن الثامن عشر و تمثل شخصية مسرحية يابانية.
وفى هذا الصدد، قالت برناديت زوجة شيراك ان فرنسا تكون أقوى عندما تتواصل مع ثقافات أخرى، إنها رسالة قوية ولها دلالة كبيرة الآن.
وضم الحفل الذى أقيم بتلك المناسبة العديد من أفراد أسرة شيراك و كذلك من السياسيين المقربين منه مثل ألان جوبيه و وزراء سابقين خدموا تحت رئاسته للبلاد.

"كل خطوة يجب أن تكون هدفاً"
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لمذكرات "جاك شيراك" بعنوان "كل خطوة يجب أن تكون هدفاً" من ترجمة الدكتور جان ماجد جبور.
وفى هذا الكتاب يعتمد "جاك شيراك" فى سيرته على تقاليد السير الذاتية لرجال السياسة، وهذا ما يبرز على الأقل فى تدوينه للذكريات المرتبطة بالأحداث والمواقف التى أسهم فى تشييدها أو تلك التى عاصرها، وكشف بعض الأسرار الدفينة وتصفية الحسابات المؤجّلة. هذا ما فعله الجنرال ديغول وجورج بومبيدو وفاليرى جيسكار ديستان وفرانسوا ميتران وغيرهم.
وتغطى هذه المذكرات التى تضم 24 فصلاً السنوات الثلاث والستين الأولى من حياة شيراك، منذ ولادته عام 1932 حتى انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1995، وفيها يتطرق لأهم الأحداث التى عاشها وأثّرت فى مساره. وتشكّل هذه المرحلة الأولى حقبة المسئوليات السياسية حتى وصوله إلى ماتينيون على رأس الوزارة الأولى، تحت حكم جيسكار ديستان، ثم تحت رئاسة فرانسوا ميتران.
تأتى بداية المذكرات بلمحة عن حياة "شيراك" ومساره وكيف ترعرع فى أسرة متواضعة ليصل إلى أعلى المسئوليات فى الدولة، وهنا تبرز صورة ناصعة البياض لشريكة حياته برناديت التى التقاها أثناء الدراسة فى معهد العلوم السياسية والتى تردّد أهلها فى تزويجها من طالب "يسارى" متمرد ليست له أية وضعية اجتماعية، حيث كان بائعاً لجريدة "لومانيتيه" الناطقة باسم الحزب الشيوعى، تزوجا عام 1956، ومنذ ذلك التاريخ لم تفارق برناديت زوجها إلى اليوم: "برناديت شخصية أساسية فى حياتى، أعرف أنى مدين لها بحياتى السياسية.. لم تتأخر يوماً فى بذل جهودها لمساعدتى منذ أول انتخابات خضتها، ترافقنى فى كل مكان، فى المقاهى والمزارع، وكذلك بمدينة باريس، فقد ساعدتنى فى كسب التأييد فى الدوائر الصعبة، وتحمّلت مسؤولياتها كزوجة رئيس وزراء.. وكانت آراؤها ونصائحها وانتقاداتها منيرة لى دائما فى القرارات التى أتخذها، وحول الرجال الذين يجب أن أثق فيهم والذين على الحذر منهم...".

مرحلة صعبة
وتحدث "شيراك" فى هذه المذكرات لأول مرة عن مرحلة صعبة فى حياته، وهى فقدانه لابنته لورانس فى ريعان صباها، إثر إصابتها بمرض غريب عام 1973 أودى بحياتها خلال فترة قصيرة...إنه جرح ما يزال يحمله إلى اليوم ويتجنّب الحديث عنه.
ويعترف "شيراك" فى مذكراته بفضل الرئيس الفرنسى السابق الراحل جورج بومبيدو عليه فى بداياته السياسية، واصفاً إياه بـِ"الأب الروحى" ومؤكداً أنه لولا بومبيدو لما وصل إلى ما هو عليه: "كان رجلاً ذا ثقافة استثنائية.. وكان فى نظرى يرمز إلى فرنسا تماماً كما الجنرال ديجول، وأرى أن نظرتيهما إلى فرنسا لم تكونا متعارضتين... بل إن نظرة بومبيدو كانت أكثر حسماً وأكثر حميمية، وهى فى آن واحد متجذرة فى التقاليد ومنفتحة على الحداثة بكل أشكالها".
واسترجع "شيراك" فى مذكراته ذكريات علاقاته مع شخصيات دولية، وأفصح عن أحداث تتعلّق بالسياسة الخارجية، ومنها الكثير مما يهم العالم العربى، فعلاقة شيراك بالعالم العربى ابتدأت فى الجزائر، حيث كان عليه أن يقضى فيها الخدمة العسكرية فى عامى 1956 و1957.
وخصّ "شيراك" الرئيس العراقى الراحل "صدام حسين" بفقرة تلخص علاقته الحميمية بالعالم العربى، كما تحدث عن سياسة التوازن التى سعت فرنسا إلى الحفاظ عليها دائماً فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التوازن بين إيران أيام الشاه والعراق.
كما يتضمن الكتاب فقرات مشوقة عن قدرة الرئيس شيراك على الانفتاح على الآخرين. فهو لا يخفى مثلاً عشقه لليابان، إلى حد أن الكثيرين يتحدثون عن ابن له هناك، وعن حساب مصرفى وأموال فى بنوك يابانية، ولكن لا شىء ثبت أنه صحيح.
ولد جاك شيراك عام 1932م، بدأ حياته السياسية بتأسيس حزب "التجمع من أجل الجمهورية" (1976م) وحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" (2002م). انتخب لمنصب رئاسة الجمهورية الفرنسية فى 1995م وجُدّد له فى 2002م، انتهت رئاسته بتاريخ 17 مايو 2007م. وكان قبل ذلك عمدة لمدينة باريس لمدة 18 عاماً من 1977م إلى 1995م. كما تولى رئاسة الوزارة مرتين: من 27 مايو 1974م إلى 26 أغسطس 1976م، ومن 20 مارس 1986م إلى 10 مايو 1988م.