تدريس اللغة العربية في المناهج الفرنسية العام المقبل

مزاج الثلاثاء ٢٧/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٢٧ م

باريس -هدى الزين

ابتداء من العام المقبل 2017، وسيتمكن التلاميذ الفرنسيون من اختيار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية التي تدرس في المدارس الرسمية. وقد أكدت وزيرة التربية الفرنسية ، ذو الأصول المغربية، نجاة بلقاسم، بان إدراج اللغة العربية في المناهج التعليمية بالمدارس الفرنسية سيكون بداية من التعليم الابتدائي مرورا بالمراحل الدراسية الاخرى وسيدمج داخل المنظومة التربوية والتعليمية الفرنسية .

ولقي قرار الوزيرة الفرنسية من اصول مغربية، العديد من الانتقادات خصوصا من الاحزاب اليمينية المتطرفة، حيث اعربت البرلمانية الممثلة لحزب الجمهوريين آني جونيفار الأربعاء داخل البرلمان، عن قلقها بإن تعليم اللغة العربية داخل المؤسسات التربوية الفرنسية يشجع على الطائفية في فرنسا كما انتقد النائب في البرلمان الفرنسي آني جون فار عن حزب الجمهوريين الوزيرة نجاة فالو بلقاسم معتبرة تدريس اللغة العربية تعزيزاً للطائفية في البلاد وتقويضا للترابط الاجتماعي واللحمة الوطنية واعتبرت ان «إدراج اللغة العربية يتمّ على حساب اللغة الأم... أي اللغة الفرنسية وعلى حساب لغات أوروبية أخرى مثل الألمانية والانكليزية والاسبانية.

وعلى النقيض من ذلك اعتبرها رؤساء الجمعيات والمنظمات العربية والاسلامية خطوة ايجابية تنم عن انفتاح فرنسا على الثقافات واللغات الاخرى , خصوصا وان الجالية العربية في فرنسا يصل عددها الى ستة ملايين تقريبا يمثلون مختلف البلدان العربية من المحيط الى الخليج وقال بشير العبيدي مدير المرصد الأوروبي لتعليم اللغة العربية في باريس للشبيبة « إن «الخطوة إيجابية جداً وتنم عن استعداد رسمي لإعطاء اللغة العربية مكانتها في فرنسا بعد تهميش طالها سنين عديدة ..
وقال العبيدي : ان هذا الامرقد لقي ارتياحا كبيرا من الجالية العربية الكبيرة في فرنسا خصوصا وان الدول العربية تعتبر اللغة الفرنسية لغة موجودة في المناهج كلغة ثانية ونظرا للعلاقات التاريخية العميقة بين البلدان العربية وفرنسا فان هناك الاف من الراغبين بتعلم العربية في المدارس الرسمية خصوصا وان اللغة العربية هي اللغة الرابعة في العالم من حيث عدد المستخدمين لها . وان هناك عدد كبير من الفرنسيين يرغبون بتعلم العربية من اجل مزيد من التعامل وتنمية العلاقات الثقافية والتجارية بين فرنسا والبلدان العربية .
وقد رحبت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم « الألكسو « في بيان لها بقرار فرنسا إدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج التعليمية ابتداء من العام المقبل 2017 م , ليتمكن التلاميذ الفرنسيون من اختيارها كلغة أجنبية تدمج داخل المنظومة التربوية والتعليمية الفرنسية واعتبرت ان هذا ألقرار خطوة إيجابية لتعليم لغة الضاد للجاليات العربية المقيمة في فرنسا لما تحمله من تأصيل للهوية ومصالحة مع الذات .
كما أكدت منظمة الاليكسو في بيانها حرصها على التعاون مع وزارة التربية الفرنسية من أجل تنفيذ خطة عمل تعليم اللغة العربية لأبناء العرب في المهجر , وتقديم الثقافة والقيم العربية الأصيلة من خلال مشاريع وأنشطة تربوية وثقافية، مضيفة أنها تضع ما يتوفر لديها من خبراء وبرامج تعليمية وكتب وأجهزة رقمية علمية تساعد التلميذ على تعلم اللغة, إضافة إلى تدريب وتكوين المعلمين على أسس تربوية أوروبية من خلال دورات تدريبية خاصة في فرنسا .
وتأتي هذه الخطوة الفرنسية استجابة للطلب المتصاعد كل سنة على تعلّم اللغة العربية من قبل أبناء الجاليات العربية وكذلك من الفرنسيين، حيث تقتصر دراسة اللغة العربية في مراكز تعليمية تابعة للمساجد والجمعيات غير الحكومية وغالباً ما تكون مجانية إضافة إلى المؤسسات التعليمية الإسلامية الخاصة التي تركز على تدريس اللغة العربية وتعليم الدين الإسلامي
وتظهر أحدث الأرقام الاحصائية الموثقة أن ما لا يقل عن 48 ألف تلميذ في المرحلة الابتدائية يدرسون اللغة العربية بشكل اختياري خارج أوقات الدوام الرسمي لكن داخل المدارس الحكومية خصوصا في الضواحي والمناطق التي تعيش بها الجاليات العربية والاسلامية وذلك على أساس ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات أسبوعيا .كما تعتمد بعض الاسر العربية على اساتذة خصوصيين لتعليم ابنائهم العربية مقابل مبلغ لايقل عن اربعين يورو للساعة الواحدة ..
وتعمل وزارة التربية والتعليم في فرنسا حاليا على اعداد الكوادر والمعلمين للغة العربية وفق الشروط الاوربية مثلها مثل كافة اللغات الاجنبية التي تدرس في المدارس الرسمية كالإنكليزية والالمانية والاسبانية وحسب اعمار التلاميذ منذ المرحلة الابتدائية مرورا بالمراحل الدراسية الاخرى .
ومن المقرر أن يكون تعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية اختياريا من بين عدة لغات أجنبية أخرى تشمل الإنجليزية والبرتغالية الصينية والإسبانية والألمانية.
واختارت وزيرة التربية والتعليم حاليا حوالى 200 مدرسة في فرنسا لإدخال العربية إلى مناهجها كلغة ثانية يدرسها التلامذة بعد الفرنسية إلى جانب غيرها من اللغات كالألمانية والإسبانية والإنكليزية. وجاء اختيار العربية نظراً للإقبال بين الطلاب على دراستها، خصوصاً أنها تعتبر اللغة المحكية الثانية في فرنسا لوجود مواطنين فرنسيين من أصول عربية. وسيبدأ تدريس اللـــغة العربية رسمياً في المدارس بدءا من السنة الدراسية الجديدة لهذا العام من خلال أســـاتذة غالبيتهم من أصول عربية، كذلك فان غالبية التــلامذة الذين يتبـــعون هذه الصفوف هم من أبناء المهاجرين العرب وتحديداً من بلدان المغرب العربي اللذين يشكلون الغالبية الكبرى لابناء الهجرة في فرنسا .