الإضاءة الليلية تكشف البلدان الفقيرة والغنية

مزاج الاثنين ٢٦/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٤١ م
الإضاءة الليلية تكشف البلدان الفقيرة والغنية

كارين كابلان - ترجمة: خالد طه

يمكنك الحصول على فكرة جيدة عن مدى ثراء بلد ما من خلال رؤية كم مقدار الإضاءة التي تنبعث منها ليلا – فقط قارن كثافة الإضاءة في كل من الصين وكوريا الجنوبية بكتلة الظلام في كوريا الشمالية المحصورة بينهما.

ولكن الأضواء الليلية لا تخبرك أي الأحياء أو القرى الواقعة ضمن منطقة كبيرة فقيرة بشكل متوسط وأيها يعيش أهلها في فقر مدقع. فهذا هو مستوى التفاصيل الذي يحتاجه واضعي السياسات عندما يقررون أين ينشرون برامج التنمية الاقتصادية.
يمكنك الحصول على هذه التفاصيل من خلال إرسال مجموعات من المساحين إلى الأحياء المزدحمة والمناطق الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة. ولكن هذا سيكون استهلاكا للوقت بشكل كبير وسيكلف ملايين الدولارات أو أكثر.
لذلك فقد خرج الباحثون في جامعة ستانفورد بوسيلة جديدة لجعل أجهزة الحاسب الآلي والأقمار الصناعية تقوم بهذا العمل. ونموذج الحاسب الآلي الذي استخدموه ليس دقيقا، ولكن قوته التنبؤية لا تقل جودة عن الأساليب التي تعتمد على البيانات المأخوذة من مسوح قديمة.

تحتاج إلى توفر نوع من البيانات التي تغطي كل مكان يعيش فيه الناس. وستحصل على نقاط إضافية إن كانت البيانات في المجال العام كما تحتاج أيضا إلى قدر أقل من البيانات التي تعلم أنها دقيقة جدا.

وأخيرا، تحتاج إلى جهاز حاسوب قوي يمكنه معايرة هذا الكنز من البيانات «الصاخبة» إلى قدر أصغر من البيانات الموثوقة.
قام الباحثون بجامعة ستانفورد باختبار نظامهم على خمسة بلدان أفريقية، هي نيجيريا وتنزانيا وأوغندا وملاوي ورواندا، حيث بدأوا بصورة ليلية ملتقطة كجزء من برنامج قوات الدفاع الجوي الأمريكية للأرصاد الجوية بالأقمار الصناعية. وقد تم افتراض أن الأماكن الأكثر إشراقا ليلا هي الأكثر تطورا اقتصاديا من الأماكن المظلمة.
ثم بعد ذلك جعلوا برنامج الحاسوب يقارن الصور الليلية بصور نهاية ذات دقة أعلى متوفرة في خرائط جوجل الثابتة. وقد استطاع البرنامج الحاسوبي التعرف على بعض الأشكال في الصور النهارية التي كانت مرتبطة بالتطور الاقتصادي.

وقال مؤلف الدراسة، نيل جان، المتخصص في علوم الحاسب الآلي في جامعة ستانفورد للهندسة: «دون أن نخبره عن ماذا يبحث، علم نظام التعليم الآلي بجهاز الكمبيوتر من تلقاء نفسه أن يختار من الصور أشياء عديدة يمكن تعرف البشر عليها بسهولة – أشياء مثل الطرق والمناطق الحضرية والأراضي الزراعية».

ومن السمات الأخرى التي يسهل التعرف عليها الممرات المائية والمباني. بل إن جهاز الحاسوب علم أيضا كيف يميز الأسطح المعدنية عن الأسطح المصنوعة من الأعشاب أو القش أو الطين، بحسب الدراسة.

ولتجميع كل الخيوط معا، قام فريق البحث في جامعة ستانفورد باستخدام أساليب إحصائية لتحديد كيف أن وجود (أو غياب) الأشياء التي تم التعرف عليها في الصور النهارية يرتبط ببيانات الدخل التي تم جمعها في عمليات المسح. على سبيل المثال وجد أن نوع مواد التسقيف على المباني يرتبط مباشرة بالدخل، ونفس الشيء ينطبق على بعد المكان من المنطقة الحضرية.
وقد كان نموذج الكمبيوتر النهائي «تنبؤيا بشكل كبير» بمقياسين مهمين للفقر – متوسط إنفاق الأسر ومتوسط ثروة الأسر. ففي رواندا على سبيل المثال، تنبأ النموذج الحاسوبي بمتوسط ثروة الأسر بشكل أكثر دقة من البيانات المأخوذة من سجلات الهواتف المحمولة، وفقا للدراسة. (هناك مشكلة أخرى تتعلق بسجلات الهواتف المحمولة: فهي سجلات ذات ملكية خاصة، والشركات ليست دائما على استعداد لمشاركتها).
وعندما عالج برنامج الحاسوب البيانات المستقاة من الأقمار الصناعية من بلد واحد من البلدان الخمسة، عمل النموذج الناتج بشكل أفضل في هذا البلد. ولكن في بعض الحالات، أدى النموذج عملا جيدا جدا في التنبؤات في بلاد أخرى كذلك. وقد كتب الباحثون أن هذا ينبغي أن يكون أداة قيمة، لأن الطريقة «مباشرة وغير مكلفة للتوسع عبر البلدان».
وليس جان وزملاؤه هم وحدهم المتحمسون بشأن آفاق استخدام الأقمار الصناعية والحواسيب لمكافحة الفقر. ففي مقال مصاحب للدراسة، قال جوشوا بلومنستوك من مختبر علوم البيانات والتحليلات في جامعة كاليفورنيا في بيركلي إن الاستفادة من بيانات الأقمار الصناعية النهارية – التي تحتوي على معلومات أكثر كثيرا من الصور الليلية – يمكن أن «تجعل من الممكن التمييز بين المناطق الفقيرة والمناطق شديدة الفقر». وهذا بدوره «يمكن أن يساعد على ضمان وصول الموارد إلى من هم أشد احتياجا».

تريبيون ميديا -