ديان بيريه
كانت تكاليف التقاضي وإعادة هيكلة البنوك الأوروبية المرتفعة سببا في تكبيد دفاترها خسائر كبيرة فضلا عن الأداء الرديء في سوق الأسهم. وفيما تتأمل الصناعة المصرفية والهيئات التنظيمية الأوروبية الآن في هذه الحال المزرية التي آلت إليها الأمور وتبحث عن حلول، فينبغي لها أن تنظر في توزيع عائدات البنوك ــ بما في ذلك مكافآت الموظفين وأرباح المساهمين ــ باعتبارها جزءا من المشكلة.
الواقع أن توزيع العائد يشكل أحد الأسباب الرئيسية وراء نقص رؤوس أموال البنوك الأوروبية. ولكي نفهم السبب، ينبغي لنا أن نعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما بدأت هيئة الخدمات المصرفية الأوروبية اختبارات إجهاد دفاتر الموازنة لأكبر 123 بنكا في منطقة اليورو ووجدت نقصا في رؤوس أموالها بلغ 25 مليار يورو (28 مليار دورلار أميركي).
في ذلك الوقت، طالبت هيئة الخدمات المصرفية الأوروبية البنوك بوضع خطط لمعالجة نقص رؤوس الأموال لديها في غضون ستة إلى تسعة أشهر. وقد تحركت بعض البنوك فرفعت رؤوس أموال المساهمين من خلال إصدارات الحقوق، وفي بعض الأحيان بمساعدة كبيرة من الحكومات. ولكن أغلب البنوك لجأت إلى تهدئة الأجهزة التنظيمية عن طريق التخلص ببساطة من الأصول الأكثر خطورة لتحسين نسب رؤوس أموالها.
وقد أجرت هيئة الخدمات المصرفية الأوروبية سلسلة أخرى من اختبارات الإجهاد وأعلنت النتائج في أواخر يوليو/تموز. وفحصت هذه الجولة الأخيرة 51 بنكا، وخلافا للاختبارات السابقة، لم تكن مصممة لتحديد نقص رؤوس الأموال، بل لتوفير "إطار تحليلي مشترك للمقارنة المستمرة وتقييم قدرة بنوك الاتحاد الأوروبي الكبيرة على الصمود في مواجهة التطورات الاقتصادية السلبية".
الآن يفترض القائمون على التنظيم أن القطاع المصرفي الأوروبي مرن وقادر على الصمود في مواجهة الصدمات السلبية. وفي نفس يوم إعلان هيئة الخدمات المصرفة الأوروبية، أعلن أسوأ البنوك أداء، بنك مونتي دي باتشي دي سيينا الإيطالي، عن تمويل جديد بقيمة 5 بليون يورو (5.6 بليون دولار أميركي)، وفقا لمتطلبات رأس المال الخاصة به والتي تبلغ 5.6 مليار يورو.
ومع ذلك، كانت ردة فعل السوق لهذا الإعلان سلبية (انخفض مؤشر يوروستوكس للبنوك بنحو 7.5% في غضون يومين)، وهو ما يرجع في الأرجح إلى أن هيئة الخدمات المصرفية الأوروبية لم تدرج تقديرات محددة لنقص رؤوس أموال البنوك الأوروبية ولم تطرح الخطوط العريضة لخطة إعادة الرسملة.
الواقع أن توزيعات الأرباح التي قدمتها البنوك غير الممولة بالقدر الواجب ترقى إلى تحويل كبير للثروة من حاملي السندات الثانويين إلى حاملي الأسهم، لأن حاملي السندات هم الذين سيتكبدون الخسائر في أي أزمة. وهي علاوة على ذلك ربما تمثل تحويلا للثروة من دافعي الضرائب إلى حاملي الأسهم في القطاع الخاص، لأن إنقاذ الحكومات بموجب القواعد المصرفية الجديدة لا يجوز إلا بعد أن يغطي (ينقذ) حاملو السندات 8% من حقوق المساهمين والتزامات البنك.
على النقيض من هذا، تُرغَم البنوك التي تفتقر إلى رأس المال الكافي في الولايات المتحدة على وقف كافة أشكال توزيع رؤوس الأموال إذا فشلت في اجتياز اختبار الإجهاد. ومن حسن الحظ أن هيئة الخدمات المصرفية الأوروبية أيضا تفكر الآن، بعد جولة 2016 من اختبارات الإجهاد، في تطبيق هذا النوع من العقوبة التنظيمية. وبالتالي فقد "تفكر السلطات المختصة أيضا في المطالبة بإدخال تغييرات على خطط رؤوس الأموال للمؤسسات"، وهو ما قد يتخذ عِدة أشكال مثل فرض القيود المحتملة على الأرباح اللازمة للبنك لكي يتسنى له الحفاظ على المسار المتفق عليه في إطار تخطيطه لرأس المال في السيناريو السلبي".
وفقا لتقديراتنا، لو كانت الهيئات التنظيمية الأوروبية تبنت هذا النهج وأرغمت البنوك على وقف دفع الأرباح في عام 2010 ــ عندما بدأت أزمة الديون السيادية في أوروبا ــ فإن حقوق المساهمين المحتفظ بها كانت لتغطي أكثر من 50% من العجز في رأس المال في عام 2016.
,تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى خطوة أولى بسيطة نحو منع تآكل رؤوس أموال البنوك: منع البنوك التي تعاني من عجز في رؤوس أموالها من دفع أي أرباح (بما في ذلك الأرباح الداخلية مثل مكافآت الموظفين). الواقع أن مثل هذه السياسة لن تتطلب حتى أن تطرح الهيئات التنظيمية مواضيع مثل إصدارات رأس المال، أو عمليات الإنقاذ، أو إشراك الدائنين في الإنقاذ، وقد بدأت بعض البنوك بالفعل في تعليق توزيعات الأرباح. وكل ما تبقى الآن هو أن يعمل البنك المركزي الأوروبي على فرض هذه الممارسة في مختلف أنحاء منطقة اليورو.
أستاذة الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك.