كيف تعرف أنك "ثري"

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٣٨ م
كيف تعرف أنك "ثري"

لميس ضيف

على فراش الموت، أملى "ستيف جوبز" صاحب شركة أبل وأكبر مساهم منفرد في والت ديزني، هذه الكلمات على مرافقه لينشرها للعالم إذ قال: لقد بلغت قمة النجاح في عالم التجارة والمال، وفي أعين الناس كانت حياتي رمزاً للنجاح، ورغم ذلك كانت البهجة قليلة في حياتي، أما بالنسبة لثروتي فقد أصبحت مجرد واقع اعتدت عليه.. في هذا الوقت وأنا ممدد على سريري في المستشفى أتذكر حياتي وأدرك أن جميع الجوائز والثروات التي كنت فخوراً جداً بها أصبحت باهتة لا معنى لها ..في هذا الظلام أنظر إلى الأضواء الخضراء لمعدات التنفس الصناعي وأنصت لأصواتها الميكانيكية فأشعر بأنفاس ملك الموت تقترب مني..الآن فقط وبعد أن أمضيت حياتي محاولاً جمع ما يكفي من المال أدركت أنه كان لدي ما يكفي من الوقت لتحقيق أهداف أخرى لا تتعلق بالثروة .. أهداف أخرى أكثر أهمية مثل:الحب .. الجمال .. أحلام طفولتي ..عدم التوقف عن ملاحقة الثروة يمكن أن يجعل منك مجرد كائن مكوم على فراشه مثلي تماما الآن.نحن كائنات تستطيع أن تحب .. ومصيرنا يجب أن لا يكون فقط الجري وراء الأوهام التي تبنيها الشهرة أو المال اللذين أفنيت من أجلهما حياتي ولا يمكنني أن آخذهما معي الآن.
تلك لم تكن مجرد كلمات، بل عصارة حياة رجل يعرف ما يقول.
يكوم البعض كثيرا من الحسد تجاه الأثرياء. ويشفق البعض منا على نفسه عندما يقارن ما حققه في حياته بما حققه آخر في عمره ذاته. ذاك لأننا نقيس ثروتنا بأرصدة البنوك وصكوك العقارات بيد ان الحقيقة هي ان الكنز والثروة المهمة ليست في النقود بل في ما تراكمه من علاقات دافئة مع عائلتك وشريك حياتك وأًصدقائك . هذه هي الثروة التي تبقى .. وهي التي تمنحك البهجة التي لا تستطيع شراءها من المحلات التجارية .
أن المرء منا ، في عالم طاعن في المادية كعالمنا ، بحاجة للكد لجمع المال الذي يوفر له حياة لائقة . ذاك حقه وواجبه أيضا . لكن ذلك يجب أن لا يسطو على وقت عائلته وعلى المساحات المخصصة لحياته الاجتماعية.
أننا نعبر في هذه الحياة لسنوات محدودة ، قصيرة جدا ، وعلينا استثمارها في ملاحقة أحلامنا وتقفي أثر السعادة الكامنة في الحب والرفقة كي لا نندم يوما على الحياة كآلة في عالم يؤثر الآلات على البشر.