ماري ديجفسكي
التقديرات الأولية للأضرار التي نجمت عن الفيضانات الأخيرة شمال انجلترا تربوا قليلا على واحد بليون استرليني أو تعادل – على حد قول صحف اليمين – المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة الى الـ 20 من الدول الأكثر فسادا ، في إشارة الى سخط معارضي المساعدات الخارجية التي تقدمها بريطانيا والتي تعادل 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي. والمؤكد أن هؤلاء الذين غمرت المياه منازلهم مع نهاية العام في مناطق شمال المملكة المتحدة يعلمون جيدا أن طلبات تحسين الدفاعات ضد الفيضانات قد قوبلت بالرفض من قبل وستمنيستر. وربما يقول البعض أن المخصصات المالية متوفرة والمسألة هي إعادة تنظيمها وتوجيهها بعيدا عن المشاريع الفاسدة والحد من بذخ سيارات المرسيدس الوزارية في الخارج وعمل مخططات توجه الإنفاق الى مصارف أرشد. أليس الأقربون أولى بالمعروف؟
ربما تكون الإجابة بنعم ولا أيضا ، وربما تكون نسبة مخصصات الإنفاق على المساعدات الخارجية من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة أعلى من نظيرتها لدى العديد من البلدان الأخرى، إلا أنها لا تزال صغيرة من حيث القيمة الحقيقية. وإذا كان الوزراء وموظفو الخدمة المدنية ، وفقا لما أوردته تقارير في نهاية السنة المالية الأخيرة ، يبحثون عن جهات أكثر استحقاقا لتلقي المساعدات لصعوبة توقعات تقلص الانفاق فإن ذلك لا يعكس إسرافا في الميزانية ولكن فشل التنظيم من جانبهم.
ويجب ألا تكون هناك مثل تلك الصعوبة ، هذا العام على الأقل، فتكلفة ما يقال أنه كان أكبر تدفق بشري منذ الحرب العالمية الثانية يجب أن يستوعب أي فائض في ميزانية المساعدات البريطانية. وسواءا ما كانت تلك المخصصات توجه الى تمويل المخيمات في المناطق المتضررة أو الى تكاليف تجهيز واستيعاب ودمج جميع اللاجئين الذين يصلون أوروبا، فهو استخدام صحيح تماما لميزانية المساعدات ، كونها مزيج معقول من الإيثار والمصلحة الذاتية.
وهناك نقاش مشروع حول قيمة المساعدات الخارجية على المدى الطويل بشكل عام، وإلى أي مدى تحول دون قيام تلك الدول المستقبلة للمساعدة بعمليات التنمية وإصلاح نفسها إذا كانت بالفعل تعزز التبعية والفساد. والتمييز الوارد في بعض الأحيان بين الإغاثة في حالات الطوارئ الأساسية والمساعدة على المدى الطويل ( وهي مشكوك فيها) له ما يبرره، ومن الممكن أن يؤدي إلى تغيير ذي فائدة في النهج.
بيد أن حجة تقليص ميزانية المساعدات الخارجية التي تقدمها المملكة المتحدة لإصلاح الأضرار الناجمة عن الفيضانات، سواء في كمبريا أو يوركشاير، أو فيضانات العام الفائت في وست كنتري ، لا معنى لها. فحتى لو بلغت التكاليف 5 بليون استرليني كما قيل ، فإنها تظل جزءا ضئيلا من 750 بليون استرليني اجمالي ميزانية الإنفاق العام في 2015 ، كما أنه سيتم تقاسمها، كما يجب أن يكون عليه الحال في أي من البلدان المتقدمة، مع شركات التأمين التجارية.
وربما تكون وكالة البيئة محقة أن هناك حاجة إلى إعادة التفكير بصورة كاملة في دفاعات الفيضانات، وقد يكون اقتراحا جيدا أن تكون البداية بالمحطات الفرعية المبنية في مواقع معرضة للخطر وكذا بناء المساكن (الذي ما يزال يجري بصورة مخزية) في مناطق سهول الفيضانات، ومن المنطقي أيضا إعادة توجيه بعض الموارد - ولكن ليس من ميزانية المساعدات.
وربما تكون واحدة من النجاحات التي تحققت في عمليات طوارئ الفيضانات ، من الناحية العملية أن أرقام المشاركين لم تكن كبيرة ، فهناك 300 جندي متواجدون بالفعل ، وأرسل 200 آخرون وهناك 1000 على أهبة الاستعداد ، غير أنه من السهولة بمكان أن نلاحظ الثقة التي جرت بها عمليات الإنقاذ والنظام الذي استعادوه من خلال جهود الإغاثة، والشعور العام أن هناك إجراءات جيدة تتم بالفعل. وكما حدث في لندن عام 2012 عندما أرسل الجيش للتعويض عن الفشل الذريع في الأمن في الألعاب الأولمبية ، فالجميع يحب أن يرى الجيش وهو يبذل المساعدة في الجبهة الداخلية.
وفي أعقاب كارثة العراق، كان هناك قلق بين كبار الضباط حول انهيار "الميثاق العسكري" المتمثل في التضامن المفترض بين المدنيين والعسكريين، وربما يكون نشر المزيد من قوات الجيش في حالات الطوارئ المحلية غير مرضيا لأولئك الذين انضموا للقتال في المقام الأول، ولكنه يمكن أن يفعل المعجزات في العلاقات المدنية العسكرية. كما أن مساهمة الجيش في أعياد نهاية العام تثير سؤالا آخر حول ما إذا كان للملكة المتحدة اليوم أن تستفيد من من أفراد الحرس الوطني المدربين تدريبا عاليا – ومهنيا للبعض – كجزء من المتطوعين؟ ليس ثمة شك أن القادة العسكريين سيجيبون أن الجيش منتشر أكثر مما ينبغي ، لكن الجواب هنا يجب أن يكون واضحا: لنقلل من نبعث بهم الى سوريا ونزيدهم في الجيهة الداخلية.
كاتبة عمود رأي بصحيفة الجارديان