د حامد بن شظا المرجان
كثرت التاويلات حول المواقف السياسيه للدبلوماسيه العمانيه بعضها واقعيه واكثرها تغرد خارج السرب خاصه ما تتدواوله بعض الصحف والمواقع اللكترونيه المغرضه. اذا رجعنا الى تاريخ العلاقات الدوليه كانت عُمان أول بلد عربي يرتبط بعلاقات دبلوماسيه مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1833م، وانحصرت العلاقات العُمانية الأمريكية بالجوانب التجارية و السياسية. اما من الناحيه الاوروبيه فالتصريح الثنائى الذى اصدرته فرنسا وبريطانيا عام 1862م لدليل اخر على دور عمان فى التاريخ السياسي والدبلوماسي للعالم. يحكى لنا التاريخ الدبلوماسي والسياسي ايضا الدور العمانى فى محيطه الاقليمى والدولى منذ عام 1744م وقبله الى تاريخنا هذا وعلى الكتاب والباحثين والدبلوماسيين بان يرجعوا للمصادر لمعرفه من اين تاتى ثوابت السياسه العمانية والخارجية . من خلال دراسة الظروف السياسية المعاصرة لسلطنة عُمان، سواء الداخلية منها، أو المحيطة بها إقليمياً وعالمياً، ومن خلال تفحص العوامل المؤثرة في هذه الظروف، التاريخية والإجتماعية والإقتصادية، تتبين لنا المواقف السياسية لسلطنة عمان والتي تميزها عن الدول المحيطه بها، وان المعايير المشتركة التي يمكن من خلالها فهم وقياس الأوضاع في بعض الدول قد لا تكون ملائمة للتطبيق في الحالة العُمانية. وان هذا التباين ناتج من الأرث التاريخي والسياسي والثقافي لسلطنه عمان، فضلاً عن التنوع الفكري والاجتماعي الذي تنفرد به السلطنة عن باقى الدول. هذا التاريخ السياسى والاقتصادى للسلطنه يلعب دوراً مهماً في تشكيل التاريخ السياسي الحديث، ولازالت المضامين الفكرية لهذا التاريخ تؤثر في توجهات السياسة العُمانية المعاصرة،.عدم تناسب سياسة الحياد احيانا في التحفظ التي تتبعها السلطنة في الوقت الحاضر وموقع عًمان الحالي في التفاعلات الإقليمية والعالمية مع المكانة السياسية والحضارية التي كانت يتمتع بها هذا البلد طوال القرون الفائتة هكذا كانت طبيعه العلاقات الدولية لدى السياسة العُمانية ما قبل الدوله العمانيه الحديثه ولكن الصراعات الدوليه وموقع عمان الجيوسياسي والثوابت السياسيه وحكمة القياده العمانيه شكلت معظم مكونات فكر السياسه العُمانية . وكان من مظاهر هذا الفكر أنه ينظر الى ابعاد ومعطيات العلاقات الدوليه من نظره الواقع السياسى وعلاقتها بالصراعات الدوليه من هذا المنطلق تقوم السياسة الخارجية للدولة العُمانية الحديثة على مستوى فهم جديد للمتغيرات الإقليمية والدولية، وإدراك مدى أهمية الانخراط العُماني في التفاعلات السياسية في المنطقة والعالم.
ثم دخلت السياسة الخارجية العُمانية مرحلة فهم محددات هذه السياسة ومكوناتها والعوامل المؤثرة فيها وأدوات تنفيذها. ومن أهم هذه الاعتبارات إدراك أن السياسة الخارجية لأية دولة قائمة على أساس الارتباط المباشر والمعمّق بينها وبين السياسة الداخلية ومؤسسات الحكم . لذا فقد بدأت السياسة الخارجية العُمانية تؤكد في أسلوبها على عدم التدخل في شؤون الآخرين،والتمعن في قراءة الأوضاع المحيطة بالدولة، والانحياز إلى الحلول السلمية في التعامل مع المنازعات التي تكون هي طرفاً فيها،أوالتي تكون في دائرتها الخليجية، أو الإقليمية. وهو الأمر الذي عانت منه عُمان كثيراً فى علاقاتها الاقليميه،
لقد تبنت عُمان صياغة إستراتيجية سياستها الخارجية عبر بناء خطاب سياسي يلتزم بما يتفق ثوابت السلطنه ،ويتوافق مع إمكاناتها وقدراتها؛ وذلك حتى يأتي القرار السياسي منسجماً مع ذاته،وأن يكون متواتراً على صورة واحدة يحكمها "الثابت" ولا تحكمها المرحلية والاستعجال فى القرار السياسي مثل ما هو حاصل فى كثير من دول العالم والذى نتج عنه توترات سياسيه وعدم استقرار خاصه ما يتعلق بامن وسلام المنطقه. لقد تميزت السياسة الخارجية العُمانية بالواقعية والحياد، فبادرت بالتعامل مع معطيات الأحداث بكل حيادية إيجابية، فلم تنكر على مصر توقيعها لاتفاقية كامب ديفيد- في سبتمبر سنة 1978، ولكنها أكدت أنها ستقف مع الحق العربي كيفمااستدار.كما سعت السلطنة إلى المشاركة الفاعلة في الجهود التي بذلت لإعادة مصر إلى الصف العربي، بعد أن تعرضت لنقد وهجوم بسبب زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس في نوفمبر 1977 ولتوقيعها إتفاقية كامب ديفيد وعدم تدخلها فى شوون مصر الداخليه بعد احداث الربيع العربى. وفي الحرب العراقية- الإيرانية (1980- 1988) نهجت السياسة الخارجية العُمانية مسلكاً توفيقياً، إذ رفضت سلطنة عُمان دعوات القطيعة مع طهران، بالرغم من خصوصية العلاقة الجيو-ستراتيجية التي تربط عُمان بإيران، وبذات الوقت لم تتخلّى عُمان عن العراق واستمرت في الوقوف معه لحين إنتهاء هذه الحرب. وفي قضية دخول العراق إلى الكويت ظلت السلطنة تمارس سياسة الحياد والتعقل الأمر الذي مكنّها من قيادة محادثات واتصالات بإتجاه إبقاء العراق في الصف العربي، وفي نفس الوقت خروجه من الكويت.وفي الحروب والتوترات السياسيه فى سوريا وليبيا والصراع اليمنى وعاصفة الحزم حاولت السلطنه بان تلتزم الحياد والقيام بادوار الصلح من اجل ارساء السلام. لم تكن السياسة العُمانية تشتط وتندفع باتجاه ما، ولكنها عملت على اغتنام علاقاتها مع كل أطراف النزاع فى حل القضايا السياسيه دون التدخل فى شوونها الداخليه عبر الحوار وتقريب وجهات النظر لاجل الحلول المناسبه التى ترضى جميع الاطراف، ، تنفرد عمان بعلاقات متميزة مع إيران حيث تمكنت العلاقات بين الدولتين من اجتياز اختبارات غاية في الصعوبة، أظهرت فيها السلطنة دورا مختلفاً ورؤية مغايرة وأهداف سياسية مختلفة استطاعت من خلالها السلطنه بان يكون لها دور فعال فى ازمه ايران النوويه مع دول العالم جنبت المنطقه والعالم من دمار قد لا يكون فى صالح المنطقه . الشائعات والاخبار التى تتناولها بعض الصحف ووسائل التواصل الاجتماعى عن السلطنه واتهامها بانها تدعم هذا الطرف اوذاك فى مناطق الصراع فى المنطقه لا تتفق مع حجم وسمعة وتاريخ السلطنه الدبلوماسى بالاظافه ماذكرناه من مواقف دبلوماسيه تنتهجها السلطنه لاجل ارساء السلام والسلم فى المنطقه والعالم. بحكمة وذكاء السلطان قابوس اصبحت السلطنه مركزا دوليا وعالميا معترف به فى اروقة الدبلوماسيه وصناع القرار السياسي فى العالم بانها قلعة السلام لمن اراد بان يتحاور وينهج طريق السلام والامن والاستقرار .
باحث ومستشار تنموى