"نبش" وسبل حل أزمة التوظيف في المنطقة

مقالات رأي و تحليلات السبت ٢٤/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٢:٠٧ ص
"نبش" وسبل حل أزمة التوظيف في المنطقة

احتلت صاحبة الأعمال اللبنانية لولو خازن باز مكانًا بارزًا في ساحة التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط بعد فوزها في مسابقة تلفزيون دبي «المُبادر» عام 2012. ومنذ ذلك الحين، وهي تواصل تحقيق النجاح والتقدم. وقد حصلت الخازن على جائزة البرنامج وقيمتها 275 ألف دولار أمريكي استثمرتها في إنشاء أول منصة توظيف إلكترونية في المنطقة وهي «Nabbesh.com»، حيث تسعى إلى المساهمة في حل أزمة البحث عن عمل في المنطقة.

وفقًا لتقديرات البنك الدولي، تحتاج منطقة الشرق الأوسط إلى توفير 100 ألف فرصة عمل بحلول عام 2020 للحفاظ على مستويات البطالة الحالية والمعروف أنها مرتفعة بالفعل. ويهدف «نبّش» إلى المساهمة في حل هذه المشكلة من خلال ربط المواهب الإقليمية ذات الخبرة بوظائف عبر الإنترنت وفرص عمل من المنزل. ويستفيد «نبش»، الذي يشبه مواقع elance.com وguru.com في الغرب، من الإنترنت في ربط العاملين من المنازل والطلاب بالمشاريع التي لا تتطلب قدرًا كبيرًا من التواصل المباشر.
وخلال أربعة أعوام من انطلاق الشركة، زاد عدد أفراد الفريق المؤسس من ثلاثة أشخاص إلى عشرة أشخاص، وسجّل بالموقع 6 آلاف شركة و100 ألف موظف حر. وتساهم دبي حاليًا بنسبة 80%من الوظائف، بينما تساهم مصر وبقية دول الخليج وفلسطين بالنسبة المتبقية والبالغة 20%. فإلى أي مدى ساعد «نبّش» في حل مشكلة البطالة في المنطقة حتى الآن؟

تقول باز: «العمل لا يزال مستمرًا. لقد نجحنا في ربط آلاف الأفراد على مدى السنوات الأربعة والنصف الماضية، حيث قمنا بنشر أكثر من 16 ألف فرصة عمل حتى الآن. ولا شك أننا وفرّنا المزيد من الفرص».
وأوضحت باز أن هناك الكثير من الطلاب الذين يدرسون للحصول على مؤهل جامعي. «فإذا كان العمل الحر خيارًا لهم لكسب المال. فهل حققنا هذا الهدف؟ مرةً أخرى نقول إن العمل لا يزال مستمرًا».
لم تكن رحلة باز سهلة على الإطلاق، حيث أكدت أنها واجهت الكثير من التحديات طوال الوقت.
«عندما أنشأتُ «نبّش»، فكرت في أننا سنحتاج إلى ثلاثة أعوام من العمل الجاد، لكن لم يكن الأمر كذلك. سنحتاج في الأغلب إلى سبع سنوات أخرى من العمل الجاد. وبعد مرور عشر سنوات فقط، يمكن القول أخيرًا بأننا أصبحنا ضمن الشركات الكبيرة والراسخة في السوق».
«كانت السنوات الأربعة الأولى تركز على تحديد المنتج المناسب وفهم طبيعة العمل الحر ومعرفة المزيد عن التحديات المتعلقة بكيفية التعامل مع العملاء». وتوضح باز بأن سوق العمل الحر حديث الظهور نسبيًا في المنطقة، وقد فرض العديد من التحديات المتعلقة بنمو الشركة. «هناك حاجة ماسّة للتعليم وتثقيف الأفراد حول طبيعة العمل الحر وآدابه. كيف نتعامل مع الخلافات مع العملاء؟ كيف ندير توقعاتهم؟ وكيف نحدد أسعار الخدمات؟»
أوضحت باز أيضًا أن العمل الحر بعيدًا عن مكان العمل لا يزال مفهومًا حديثًا نسبيًا، وغالبًا ما يُساء فهمه في المنطقة. وأضافت أن الغرض من «نبّش» كان الربط بين الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي والمواهب من جميع أنحاء المنطقة، ومن ثم يتم أداء العمل عبر الإنترنت وبتكلفة أقل، لكن هذا النموذج يتطلب بعض التعديلات لتلبية احتياجات المنطقة.
«أدركنا أن هناك افتقار شديد إلى الثقة في المنطقة، فالجميع يريد توظيف شخص داخل مكان العمل. وحوالي 90%من عملائنا يريدون من الموظف الحر أن يذهب إلى مكاتبهم، وهو ما يتنافى مع الغرض الذي أنشأنا من أجله هذا المشروع في المقام الأول. لذا هناك الكثير من الأمور التي لا بد أن نتعلمها وبالفعل قمنا بإدخال بعض التعديلات إلى نموذج العمل».

وأشارت باز إلى أن الترجمة والتصميم من أكثر المهارات المطلوبة في الشركات الإقليمية، وهذه المهارات تتناسب جيدًا مع طبيعة العمل عبر الإنترنت. «يمكن القيام بالكتابة الإعلانية عن بُعد أيضًا، لكن عادةً ما تطلب الشركات من الكتّاب أن يأتوا إلى مكاتبهم لبعض الوقت».
تقول باز إنه عندما تؤسس عملًا رياديًا للمرة الأولى، «فإنك تكون ساذجًا للغاية في البداية». فما النصيحة التي قدمتها باز إلى أصحاب المشاريع المبتدئين في المنطقة؟
«عليهم أن يتعلموا أنه لا يمكنهم الارتباط عاطفيًا بالأشياء من حولهم وأن يتعاملوا بواقعية مع ما تظهره البيانات. حيث يميل رواد الأعمال المبتدئين إلى التركيز على الإيجابيات ومن ثم لا ينظرون إلى الأمور نظرة ناقدة. اليوم تحركني الأرقام في عملي أكثر بكثير مما كان عليه الأمر قبل أربعة أعوام».
«في كل مرة أود فعل شيء ما، يكون هناك الكثير من الاختبارات التي لا بد من إجرائها أولًا. فالقرارات الخاطئة مكلّفة للغاية. لدينا في الوقت الحالي فريق عمل ممتاز يضم خبراء في عدة مجالات. واليوم نعمل بوتيرة أسرع ونعتمد بصورة أكبر في عملنا على الأرقام والتحليلات».

حل مشكلة البطالة

تقول باز إن «نبّش» يمثل جزءًا من حل أزمة البطالة المتفاقمة في منطقة الشرق الأوسط. وتؤكد على الحاجة إلى مزيد من التدخلات من جانب الحكومات لخفض معدلات البطالة وتوفير المزيد من فرص العمل. وأحد الوسائل لتحقيق ذلك هو زيادة جاهزية العامل في أنحاء المنطقة. إذ يعتبر نقص الخبرة في أماكن العمل بين الشباب مشكلة رئيسية. وتضيف: «ينبغي أن يكون التدريب داخل الشركات إلزاميًا بموجب القانون، لأن أحد أكبر المشاكل التي يواجهها الشباب هو أنهم غير جاهزين للعمل. فهم يتخرجون من الجامعات ولديهم القليل من المهارات التي قد لا تكون مطلوبة لدى أصحاب العمل الحاليين، مما يعني أنه على الشركات الاستثمار في تدريب هؤلاء الشباب وتأهيلهم للانضمام إلى سوق العمل».
وتوضح باز أن التدريب الإلزامي يضع المتدربين في بيئة العمل الفعلية ويبعدهم عن التوقعات غير الصحيحة. «إنهم يتخرجون ولديهم اعتقاد بأنهم مميزون، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. فمنطقة الشرق الأوسط تختلف عن الغرب الذي يبدأ فيه الأطفال العمل في سن الخامسة عشرة من عمرهم في المقاهي أو تسليم الصحف؛ أما ثقافتنا فمختلفة عن ذلك. ولذا عندما يدخل الشباب سوق العمل، يكون لديهم من العمر 21 أو 22 عامًا، وهو ما يمثل مشكلة». وتضيف باز أن تعزيز وظائف السوق يتطلب إتاحة فرص العمل التعاقدي وحماية الأفراد الذين يعملون بموجب عقد عمل. «في دول الخليج العربية، الخيار الوحيد هو في العمل بدوام كامل، أما إذا أردت أن تكون عاملًا حرًّا فسيتعين عليك تأسيس عملك الخاص، وهذا الأمر لا يشجع على وجود الصور المختلفة من المشاركة في السوق مثل العمل بدوام جزئي».
هل يمكن اختزال التصدي لمشكلة البطالة حقًا في حلّين بسيطين؟ تجيب باز بأن هذا ليس صحيح تمامًا، لكن هذين الحلّين يترتب عليهما فوائد كبيرة. «إذا قمنا بمعالجة هاتين المشكلتين سواء الجاهزية للعمل أو توفير المزيد من المرونة في سوق العمل، فسيكون ممكنًا توفير أشكال مختلفة من الفرص وكذلك المشاركة بفعالية في حل أزمة البطالة».