نتيجة لتطور التكنلوجيا في العصر الحديث أصبح العالم قرية صغيرة، وهذا يرجع بالطبع لمواقع التواصل الاجتماعي، بل أصبحت جل الأمور الحياتية تدار إلكترونياً من تعليم إلى تسوق إلى عقد صفقات تجارية انتهاء بطلبات الزواج. ونتيجة لهذه الطفره أصبح لازما أن يكون هناك تضاد في الجانب المقابل، وتطورت أساليب الاحتيال والغش لتصبح إلكترونية أيضا بمسمى الابتزاز.
وقديما قالوا إن الأمي هو من لا يجيد القراءة والكتابة، ولكن مع تطور التقنية تطورت الأمثال أيضا لتلائم الواقع ليصبح الأمي هو "من لا يجيد استخدام الحاسب الآلي" ومنها الإبحار للفضاء الواسع عبر الشبكة العنكبوتية " الانترنت" بل وتعدى الأمر ليصبح استخدام الانترنت بشكل مستمر ومتواصل وجزءا من الحياة اليومية عبر الهواتف النقالة والتي أصبحت هواتف ذكية بمميزات حواسيب مصغرة.
والسؤال هنا: من منا ملم بمخاطر استخدام الانترنت ومواقعه المختلفة بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل هناك من نصح ووجه أبناءه وإخوانه وكل عزيز لديه حول مخاطرها وكيفية التعامل معها والحذر منها لاسيما مع انتشار عصابات جرائم منظمة في الفضاء الإلكتروني أصبحت تمارس الابتزاز والاحتيال بكافة انواعه وطرقه وأشكاله.
دعونا هنا أولا نعرف الابتزاز الإلكتروني على أنه "وسيلة لإجبار ضحايا الجرائم الإلكترونية على أداء خدمات جنسية أو دفع مبالغ ضخمة مقابل عدم نشر صور أو مقاطع فيديو تخصهم على الانترنت تم الحصول عليها عن طريق برامج المحادثة المختلفه".
ويتم هذا عادة عن طريق إرسال طلب صداقة للمشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة من قبل مشتركين مجهولي الهويات منتحلين أسماء شخصيات شهيرة في المجتمع وبعد أن يتم قبول طلب الصداقة يتم جرهم بعدها لتحميل أحد برامج المحادثة بالصوت والصورة حين يتم من قبل المبتز استعمال صور فيديو مركبة توهم الضحية أنه فتاة. وهنا تبدأ فصول المأساة حين يقع الضحية بالفخ ويتم الإيقاع به وتصويره ومن ثم ابتزازه وتهديده فيما بعد بنشر المقاطع أو الدفع مراراً وتكراراً بل وتطور الأمر ليصل إلى رسائل عن طريق برامج المحادثة المشهور WhatsApp تطلب منك الاتصال الهاتفي مع ارفاق صورة امرأة حسناء كأسلوب جذب.
وتعدى الأمر في ذلك ليتم استدراج اطفال صغار السن بعد ايهامهم بأنهم يتواصلون مع اطفال في نفس سنهم بهدف الإيقاع بهم بأشكال خبيثة مبتكرة. ولعل من أشهر هذه القضايا قضية المراهق الاسكلتندي دانيال بيري الذي كان ضحية واقعة تحرش قضى على إثرها نحبه بعد أن قفز منتحرا من على جسر قرب العاصمة الاسكلتندية أدنبرة. وبعد ذلك تمكن الإنتربول من ضبط 58 شخصا يمارسون الابتزاز الإلكتروني كما لم يسلم طلبة الجامعات من الابتزاز وذلك عن طريق برنامج سكايب وغيره من البرامج المنتشرة هذه الأيام والتي ينبغي الحذر منها ولعل من الأسباب التي تؤدي تفشي ظاهرة الابتزاز والاحتيال هي قلة الوعي لدى المستخدم وغياب الرقابة التي تؤدي إلى سوء الاستخدام من النافع إلى الضار.
ولدينا في السلطنة جهات متخصصة للتصدي للهجمات الالكترونية المختلفة وهي حائط صد وعين يقظة لكل من تسول له نفسه التلاعب عبر الفضاء الفسيح الانترنت بالسلطنة ولعل أهمها هو المركز الوطنى للسلامة المعلوماتية والذي يقوم بالتعامل مع الحوادث الامنية الالكترونية فى توفير مجموعة من الخدمات الامنية الالكترونية تستهدف جميع مؤسسات وشرائح المجتمع بما فى ذلك المؤسسات الحيوية والخاصة وكذلك المواطنون والمقيمون كما يقوم المركز بتدشين مجموعة من المبادرات فى هذا المجال وهي عبارة عن محاضرات وندوات وحلقات عمل متعددة عبر مختلف المواقع تمثل جهات حكومية وتعليمية ومجتمعية وغيرها.
الجدير بالذكر أن المركز قام بالتصدي لـ 112 قضية ابتزاز الكترونى خلال عام 2015 وذلك بالتعاون مع شرطة عمان السلطانية هذا غير الجرائم الإلكترونية الأخرى التي تعدت الـ 500 قضية. ومن هذا المنطلق ينبغي على أولياء الأمور توعية أبنائهم بالمخاطر التي قد يواجهونها خلال دخولهم الشبكه العنكبوتية لاسيما مواقع التواصل الاجتماعي وإبلاغهم فور وقوعهم ضحايا للابتزاز لا قدر الله حتى يتسنى للجهات المختصة القيام بدورها على الوجه الامثل لمواجهة هذه الظاهرة المقيتة.