خالد عرابي
أسدل الستار مؤخرا على المعرض الفني التشكيلي "عراق" للفنان العراقي علي آل تاجر والذي نظمته الجمعية العمانية للفنون التشكيلية بمقرها وافتتحه وزير الخدمة المدنية معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون، وقد استمرت فعاليات المعرض -الذي ضمت جنباته 41 لوحة صورت كثيرا من جوانب الحياة العراقية- عدة أيام.
المعرض سلط الضوء على جوانب عديدة من حياة العراقيين في فترات مختلفة بدءا من حياة الاستقرار والازدهار وأحدث مقارنة مع ما يعيشونه الآن كما صور حياة العراقيين من فئات مختلفة بعناصرها ووجوهها الرجالية والنسائية إلا أنه ركز على النسائية أكثر إذ كان لها النصيب الأكبر من عدد اللوحات.
كما جاءت لوحات "آل تاجر" -التي تزينت بها القاعة الرئيسية بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية- وكأنها آلة تصوير تلتقط بعدستها كل ما تقع عليه فتنقل بألوان جميلة وجذابة كثيرا من التفاصيل، فمن على ضفتي نهر الفرات تجد الفتاة العراقية بزيها المميز تنظر إلى المياه وترقب ما يحدث هناك، كما تجد الفتيات من مناطق مختلفة والتباين ظاهر في أزيائهن، وكذلك يصور بلوحاته المناسبات الاجتماعية مثل الزواج وغيرها.
"7 أيام" سألت الفنان علي آل تاجر عن كيفية الترتيب للمعرض فقال: جاء بالتنسيق مع الجمعية العمانية للفنون التشكيلية والاستاذة مريم الزدجالية -مديرة الجمعية- وذلك لكون سلطنة عمان دولة مساندة ومحبة للسلم والسلام كما أنها تحظى بنصيب وافر ومتميز من ذلك نظرا لما أرساه بها جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- مقابل الحالة التي تعيشها دول عربية أخرى من عدم الاستقرار منها: العراق نفسها ودول مثل ليبيا واليمن وسوريا، لذلك أركز في أعمالي الفنية على التناقضات الموجودة في العراق، فمثلا ما كانت تعيشه العراق من سلام وخير وتطور وازدهار في فترات سابقة وما تعيشه الآن من تدهور وعدم استقرار وصل إلى حد الخراب والدمار وضياع الذكريات الحلوة التي عاشها كل مواطن عراقي على أرض هذا الوطن دون أي مقدرة على الحفاظ عليها، بل ووصل الأمر الآن إلى هجرة كثير من العراقيين أنفسهم لوطنهم. لذلك في هذا المعرض أحاول في أعمالي أن أوثق ما استطيع توثيقه لما حدث وما يحدث على أرض العراق.
الوجه والعينان
أما عند سؤاله عن غلبة الصور والوجوه على لوحات المعرض فقال: من المعروف أن الوجه وخاصة العينين هما المدخل لنفسية الإنسان ولذا فهنا -ومن خلال تلك اللوحات- أحاول أن أعبر عن ما أريد أن أنقله حول الناس في العراق وحياتهم من خلال وجوههم وتعابيرها.
أما عن لوحات المعرض عامة فقال: هي إحدى وأربعون لوحة معظمها "أكريلك" على الخشب وهي طباعة "ديجيتل" وكلها بشكل عام عن العراق وتراثه وعن العمارة العراقية وهذه الأعمال قمت برسمها خلال الفترة ما بين 2014 إلى الآن ولكن منها عملين يعودان إلى عام 2010، وكما ذكرت فمن خلال كل تلك الأعمال أحاول أن أنقل للمتابع كيف كان وضع العراق في الماضي وكيف أصبح الآن.
وعن رؤيته لوضع العراق الآن قال: العراق أصبح وضعه أكثر تأزما ويعيش إشكالية كبيرة يراها ويعلمها الجميع.
أما عن العلاقة بين الفن التشكيلي وما يعيشه بلد ما من ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فقال آل تاجر: رؤيتي أن الفن التشكيلي ليس له علاقة بالوضع سواء كان جيدا أو غير جيد، بل العكس تماما، ففي بعض الأحيان حينما يكون الوضع غير جيد يكون ذلك بمثابة شحنات إضافية للفنان للانتاج والإبداع حتى وإن كان هذا الواقع الذي سينقله غير المأمول.
وبالنسبة للوضع الحالي للعراق قال: اتمنى أن يكون أفضل طبعا ولكنه اليوم أفضل من قبل سنة، وقبل سنة أفضل من قبل سنتين ومن قبل ثلاث وهكذا ولكن يبقى أنه غير جيد وغير المأمول لكن لدينا أمل أن يصبح أفضل وإن كان هذا يحتاج إلى معجزة. أما أكثر الأوقات ازدهارا للعراق فرآها في فترات متقطعة وليست فترة بحد ذاتها أما الفترة المثالية والأفضل من وجهة نظره فكانت في العهد الملكي.
وبسؤاله عن دخوله كفنان إلى عالم الرسوم المتحركة وكذلك تأثير دخول التكنولوجيا واستخدام الحاسب الآلي فيها وفي الفن التشكيلي أجاب قائلا: دخلت هذا المجال في سن مبكرة فبينما كنت في أواخر سنوات الدراسة الجامعية أحببت أن أعمل أيضا في مجال الرسوم المتحركة ولكن في وقتها كانت الأمور صعبة جدا وأكثر تعقيدا من الآن ومع هذا فقد خضت التجربة في ذاك الوقت الذي كان في أواخر الثمانينيات وعملنا فيلم رسوم متحركة ولكن كانت التجربة الوحيدة، ولكن الآن الأمور أصبحت أسهل بكثير بسبب وجود التكنولوجيا ولكن ضاع ما بها من متعة وإبداع، ففي الماضي كان الفنان هو من يبدع أكثر فيخرج الشخصيات وألوانها ودرجاتها الخاصة به، أما اليوم فهناك كثير من الفنانين يعتمدون على الآلة -أي الحاسب الآلي- في كل شيء ولذلك فاليوم نجد أن الأشياء جاهزة والرسام مثل الآلة تماما مجرد منفذ، ولذا فهذا الوضع أفقد الكثير من الفنانين الكثير من الخصوصية، والخلاصة أنني كفنان أرى أن صناعة اليد "هاند ميد" هي الأعلى في كل شيء.
الجدير بالذكر أن علي آل تاجر هو فنان عراقي، ولد في أوائل الستينيات من القرن الفائت، وهو حاصل على دبلوم معهد الفنون الجميلة فرع الرسم ثم بكالوريوس كلية الفنون الجميلة ثم ماجستير الفنون الجميلة من بغداد وهو عضو نقابة الفنانين التشكيليين العراقيين، وقد عمل رساما في عدد من المجلات العراقية منها المزمار وآفاق عربية، وأنجز فيلما للرسوم المتحركة كما عمل مصمم أزياء في دار الأزياء العراقية وأقام العديد من المعارض الشخصية والمشتركة في العراق ولبنان والأردن والبحرين.