اقتصاديون يدعون إلى إجراءات احترازية قصوى للفترة المقبلة

مؤشر الخميس ٢٢/سبتمبر/٢٠١٦ ١٥:١٥ م
اقتصاديون يدعون إلى إجراءات احترازية قصوى للفترة المقبلة

مسقط- يوسف البلوشي

دعا مختصون اقتصاديون الحكومة إلى رفع إجراءاتها الاحترازية لمواجهة أي تداعيات أكبر على الإيرادات مع التنبؤات بأن تشهد ميزانيات دول الخليج ضغوطا في العجز بسبب تدني أسعار النفط التي تشكل العمود الفقري للإيرادات المالية الخليجية. وقال عضو مجلس الشورى سعادة توفيق بن عبد الحسين اللواتي في تصريح لـ«الشبيبة» إن القراءة لمؤشرات الاقتصاد العماني في العام الجاري تدل على أننا مقبلون على فترات صعبة في العامين 2016 و2017 إذا ما استمرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية وبلغ سعر نفط عمان ليوم أمس 43.77 دولار.

وأضاف اللواتي «أنه بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة للحد من الآثار المترتبة عن انخفاض أسعار النفط إلا أنها غير كافية وتحتاج إلى تدابير احترازية أكبر تشمل كافة الخيارات بما فيها مراجعة جميع أنواع الدعم والرسوم الحكومية مع حماية فئات الضمان الاجتماعي والدخل المحدود». وأشار اللواتي إلى «أن على الحكومة أن تراجع أولوياتها وتخفض الصرف غير الضروري وأن تزيد من دعمها للمشاريع الإنتاجية التي تساهم في توسيع قاعدة الاقتصاد العماني وتوفر فرص عمل للشباب». وبيّن اللواتي أن تأخر الإجراءات يؤدي إلى تداعيات اكبر بخاصة في ظل تذبذب أسعار النفط وعدم وضوح الرؤية المستقبلية لها، موضحا أن الاستدانة من السوق المحلي وحتى الخارجي قد تكون صعبة مستقبلا بخاصة مع احتمالية انخفاض التصنيف الائتماني، وهذا العام بلغ عدد المنشورات المالية التي أصدرتها وزارة المالية بدءاً من العام الجاري 19 منشورا تتعلق برفع كفاءة الإنفاق المالي وضبط النفقات تماشيا مع الخطة الاحترازية لمواجهة تراجع أسعار النفط.

توجيهات مالية

تضمن المنشور رقم 12 توجيها من المالية بشأن قواعد إعداد تقديرات الميزانية العامة للدولة لعام 2017 وهي الاستمرار في ترشيد كفاءة الإنفاق العام وضمان استدامته وتنشيط الإيرادات غير النفطية والعمل على رفع مساهمتها في جملة الإيرادات الحكومية والاستمرار في تحسين مناخ الاستثمار والعمل على زيادة معدل الاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي والتركيز على القطاعات الواعدة والمنتجة بما يعزز عملية التنويع الاقتصادي ما يؤدي إلى زيادة معدلات التشغيل وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط، فضلاً عن تدعيم التنمية الاجتماعية وعدم المساس قدر الإمكان بالخدمات الحكومية الأساسية مثل خدمات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه والضمان الاجتماعي. ودعا إلى الاهتمام بمخصصات الصيانة للحفاظ على الإنجازات التنموية المحققة من خلال الإنفاق العام والعمل الموازني على مدار العقود الفائتة والتأكيد على أن الكفاءة الاقتصادية يجب أن تكون معياراً رئيساً يحكم إعداد الوزارات والجهات الحكومية لمشروع ميزانياتها ورفع كفاءة المؤسسات المملوكة للدولة والتأكيد على الحوكمة الجيدة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يمكن من تعجيل تنفيذ أكبر عدد من المشروعات دون اختلال التوازنات المالية على مستوى الاقتصاد الكلي واتخاذ الإجراءات الكفيلة لتقليل عجز الميزانية العامة للدولة واحتوائه ضمن المستويات الآمنة.

ضبط الإنفاق

أما في المنشور المالي رقم 15 فتعلق حول ضبط وجدولة مستوى الصرف خلال الفترة المتبقية من العام 2016 وفيه قالت وزارة المالية إنها من خلال مراجعة الموقف التنفيذي للموازنة العامة من يناير إلى أبريل 2016 فإنها قد لاحظت ارتفاع مستوى الصرف الجاري في بعض موازنات الوزارات والوحدات الحكومية بنسبة كبيرة جدا الأمر الذي أدى إلى الضغط على الخزانة العامة للدولة في توفير السيولة اللازمة لتغطية الالتزامات والمصروفات خلال تلك الفترة، ودعت المالية إلى الوقوف على الأسباب التي أدت إلى ارتفاع مستوى الصرف خلال الفترة من يناير إلى أبريل من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015 واتخاذ الإجراءات الكفيلة لضبط مستوى الصرف مستقبلاً.
من جانبه قال رئيس الجمعية الاقتصادية د. سعيد الصقري لـ «الشبيبة»: «إن المعالجات الحكومية لأزمة انخفاض أسعار النفط لم ترقَ بعد إلى المستوى الذي يحد من آثارها الصعبة»، مدللا بذلك «ارتفاع المصاريف الجارية في بعض الوحدات الحكومية». وأضاف الصقري: «على الحكومة عاجلاً اتخاذ تدابير إضافية للحد من تلك الآثار وخفض المصاريف الجارية يأتي في مقدمة تلك التدابير ولا ريب أن نقول إنه يجب اتخاذ خطوات حقيقية نحو تقليص الجهاز الإداري للدولة وخفض أعداد الموظفين فيه بإحالة بعضهم إلى التقاعد». وأشار الصقري إلى «أن التنويع الاقتصادي وجذب رؤوس الأموال بات أمرا ملحا لتنويع قاعدة الاقتصاد والتحول من الاقتصاد الريعي القائم على النفط إلى اقتصاد متنوع المصادر ولن يتأتى ذلك إلا بتسهيل الإجراءات ووضوحها وتحقيق مبادئ الشفافية والرقابة والتقييم حتى يتمكن المستثمرون من تنفيذ مشاريعهم في السلطنة بدون عراقيل معظمها اصطناعية». وأفاد الصقري أن المؤشرات العامة للمالية العامة للدولة والنشاط الاقتصادي تشير بشكل عام إلى الركود وازدياد نسبة العجز بأضعاف عما هو مقدر في الموازنة العامة للدولة مما يعني أننا مقبلون على فترات صعبة إذا لم يتم التعامل مع الأزمة بالشكل المطلوب واتخاذ تدابير جريئة في تقليص العجوزات. وأضاف الصقري أن الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الحكومة من خلال الاستدانة المحلية والسحب من الاحتياطات العامة قد لا تكون متوفرة خلال الفترات المقبلة مما يتطلب من الحكومة استعراض كافة الخيارات المتاحة والعمل بالشراكة مع القطاع الخاص وفئات المجتمع الأخرى على تجنب أي آثار أخرى تصيب الاقتصاد العماني وتؤدي إلى تسريح المواطنين العاملين في القطاع الخاص.

برنامج «تنفيذ»

وأوضح الصقري أن برنامج «تنفيذ» قد يشكل بارقة الأمل ولكن البرنامج وحده لن يكفي إذا لم يخرج بقرات ملزمة ومنظومة متكاملة من الإجراءات الخاضعة لمعايير الأداء والرقابة والتقييم المستمرين وأن يصاحب ذلك مبدأ الثواب والعقاب على المسؤولين عن التنفيذ في الوحدات الحكومية وفي أول منشور مالي حسب المنشور على موقع الوزارة الإلكتروني دعت وزارة المالية المسؤولين الحكوميين من الوزراء والمستشارين ورؤساء مجالس الإدارات للهيئات والمؤسسات العامة (الحكومية) بأن الموازنة المعتمدة لعام 2016 قد تضمنت العلاوات الدورية المستحقة للموظفين، وفي المنشور الثاني وجهت وزارة المالية الوزارات والمؤسسات الحكومية كالشركات بعدم طرح أية مناقصات أو إسناد أي أعمال أو الدخول في أي التزامات مالية على الموازنة الإنمائية المعتمدة لعام 2016 قبل الرجوع إليها؛ وعللت الوزارة ذلك لضمان عدم تأخر صرف الدفعات المستحقة للمقاولين والموردين. أما المنشور الرابع فدعا إلى إيقاف وتأجيل برامج البعثات الدراسية على نفقة الوزارات والوحدات الحكومية والاستفادة من البعثات الدراسية المركزية والمعتمدة في موازنة وزارة التعليم العالي.
أما المنشور الخامس فدعا إلى ترشيد الإنفاق في الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على 50 % حيث وجهت المالية إلى وقف كافة الامتيازات الممنوحة للموظفين خارج إطار الراتب المستحق، كما تضمن المنشور الثامن توجيها إلى ممثلي الحكومة في الشركات التي تبلغ فيها حصة الحكومة 40 % إلى الالتزام بالتوجيهات المالية المتعلقة برفع كفاء الإنفاق وتخفيض المصروفات.
أما المنشور التاسع فتضمن مناشدة من المالية إلى كافة الوزارات والوحدات الحكومية بالاستمرار في مراجعة كافة رسوم الخدمات الحالية مع الأخذ في الاعتبار كلفة تقديم الخدمة والمتطلبات المستقبلية لتطوير تقديمها وبما يؤدي إلى ترشيد استخدام الخدمات والبحث في مدى إمكانية إضافة رسوم أو روافد جديدة من شأنها أن تعمل على تعزيز الإيرادات الحكومية غير النفطية ومراجعة آليات التحصيل الحالية والعمل على اتخاذ إجراءات من شأنها رفع كفاءة التحصيل.

أما المنشور 16 فيتعلق بشأن مناقصات عقود الخدمات في الوزارات والوحدات الحكومية حيث رأت وزارة المالية من خلال مراجعة كلفة عقود الخدمات في الوزارات والوحدات الحكومية خلال الأعوام من 2010-2016 ارتفاعها بشكل كبير بخاصة فيما يتعلق بعقود النظافة وصيانة المباني ودعت إلى مراجعة هذه العقود وتقييمها.

أما المنشور 17 فدعا إلى ضبط ومراقبة حركة وتنقل المركبات والآليات الحكومية ويأتي هذا التوجيه بعد أن كشفت مراجعة إغلاق الحسابات الشهرية للإنفاق العام حتى مايو الفائت استمرار ارتفاع الصرف المتعلق باستخدام المركبات الحكومية والمتمثل في مصروفات استهلاك الوقود والصيانة وقطع الغيار والتأمين. أما المنشور رقم 18 فدعا الشركات الحكومية والشركات التي تساهم فيها الحكومة إلى الالتزام بنسب التعمين في هذه الشركات بعد أن لاحظت المالية تدني نسب التعمين فيها حسب المنشور. أما المنشور 19 فتضمن تعديلات على بعض بنود مهمات السفر الخارجية والداخلية لوحدات الخدمة المدنية.