أخصائيون يحذرون من مخاطر استخدام الطلاب للهاتف المحمول

مزاج الأربعاء ٢١/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٠٣ م
أخصائيون يحذرون من مخاطر استخدام الطلاب للهاتف المحمول

مسقط -
تفاعل كثير من المغردين على توتير مؤخرا على وسم يحمل عنوان (معا للحد من استخدام الهاتف في المدرسة)، وكانت أغلب التفاعلات تتمحور حول دور المدرسة باعتبارها مؤسسة تحكمها العديد من الأنظمة والقوانين، وبالتالي وجب عليها فرض هذه القوانين على طلابها بما يتناسب ويدعم سير العملية التعليمية بكل أريحية.

ومن ضمن هذه القوانين منع استخدام الهاتف المحمول في الحرم المدرسي، لما له من آثار سلبية على سلوك الطالب وتحصيله، فهو يشتت انتباهه وتركيزه.
وأشار البعض إلى أن استخدام الهاتف قد يمتد أثره لإلحاق الضرر بزملائه الآخرين، فمن الممكن أن يتسبب في مشاكل قد تصل إلى أروقة المحاكم.
وحمّل الكثير من المتفاعلين، أولياء الأمور المسؤولية الأولى المتمثلة في عدم منع أبنائهم من إحضار الهاتف للمدرسة كونه لا يخدم العملية التعليمية، والاقتصار على هاتف الأخصائي الاجتماعي للتواصل مع أولياء الأمور في حالة حدوث أي شيء يتعلق بالطالب. وفي المقابل يحمّل البعض المدرسة مسؤولية كبيرة في متابعة الطلبة المخالفين وتنفيذ العقوبات اللازمة لمنع انتشار هذه الظاهرة في المدارس.

معارضون وبشدة

يقول الأخصائي النفسي حميد المجيني: أنا أعارض وبشدة استخدام الطالب للهاتف في المدرسة، فما هي الحاجة لجلب الهواتف المحمولة إلى المدرسة! فهي تشغل الطالب عن الاستيعاب والانتباه لشرح المعلم، وهي ظاهرة تولد الكثير من الآثار السلبية التي يمكن أن تسيء لسمعة الطالب والمدرسة، ناهيك عن الجرائم والمخالفات التي قد تنتج من إساءة استخدامها.
وتقول الأخصائية الاجتماعية خلود البطاشية: أنا من معارضي استخدام الهاتف في المدارس، فمن واقع خبرتي وتعاملي شهدت الكثير من الحالات، منها ما يتم التعامل معه بشكل إيجابي، والآخر سلبي وهو الأكثر شيوعا.
ومما يحزن أحيانا هو وقوف الأهل بطريقة سلبية مع الطالب، فيرون أن الطالب من حقه استخدام الهاتف ولا داعي لتطبيق أي إجراءات عليه، مع العلم أن الطالب يعي لائحة شؤون الطلاب التي أصدرتها وزيرة التربية والتعليم العام 2012 حيث إن الإجراءات تطبق منذ صدور القرار.

المادة (ه).

وعن أهم العقوبات التي تطبق على الطالب المخالف تقول الأخصائية النفسية فاطمة الفضيلية: من جهتي كأخصائية نفسية أتحدث مع الطالبة وأُقدِّم لها النصح والإرشاد عن الآثار النفسية والأسرية التي قد تحدث لها نتيجة عدم تطبيقها للقوانين المدرسية، أما من جهة الإدارة، فيتم تطبيق لائحة شؤون الطلبة بسحب الأجهزة الإلكترونية والمسموعة، مع فصل الطالبة لمدة ثلاثة أيام، وتوقيع تعهد من قبل ولي الأمر والطالب بعدم تكرار الأمر، وتسليم الهاتف إلى ولي الأمر شخصيا، وإشهار اسم الطالبة المخالفة ونوع المخالفة والعقوبة لتكون رادعا لزميلاتها.
وتشاركها البطاشية الرأي حول أهم العقوبات التي يتعرض لها الطالب المخالف قائلة: في حالة ضبط الطالب مع هاتف أو جهاز لوحي أو سمعي أو أي شيء آخر كالسماعات وغيرها فإن الطالب يستحق فصل لمدة ثلاثة أيام متتالية على حسب لائحة شؤون الطلاب في المادة (ه) في الانضباط السلوكي، وبعد الفصل يتعهد ولي أمر الطالب أو الطالبة بعدم إحضار الأجهزة مرة أخرى، والأهم من ذلك أن جميع هذه الإجراءات تتخذ في البوابة التعليمية مما يؤثر على سجل الطالب.

مواقف متعددة

وعند سؤالنا عن إذا ما شهد أحدهم موقفا لطلاب مخالفين يجيب المجيني: نعم هناك موقف من هذا النوع وتم الجلوس مع الطلبة وتقديم النصح والإرشاد لهم وتعريفهم بالسلبيات المترتبة من حمل الهاتف المحمول للمدرسة مهما كانت الضرورة لذلك، وقد أدت بعض المواقف لحدوث أضرار كبيرة على التحصيل العلمي للطلبة في حين أدى بعضها إلى إشكاليات قانونية.
ويضيف الأخصائي الاجتماعي سعود الغافري قائلا: نعم هناك مواقف متعددة أهمها إحضار الهاتف لقاعات الاختبارات لاستخدامها في الغش، والبعض يستخدمها في الفصول الدراسية وبخاصة أثناء شرح المعلم، حيث قمنا بمصادرة الهواتف واستدعاء أولياء أمورهم وطلب منهم كتابة تعهد بعدم إحضارها إلى المدرسة مرة أخرى.

أسباب كثيرة

وعن أهم الأسباب التي تدفع الطالب لإحضار الهاتف للمدرسة يقول المجيني: في سن المراهقة كل طالب يريد أن يبرز شخصيته بطريقته الخاصة، وبعضهم يتخذون الطريق الخاطئ في إبراز ذاتهم، وأيضا هناك من يريد أن يظهر أنه فوق قوانين المدرسة والتباهي أمام زملائه في الفصل أو المدرسة.
وتشر الفضيلية إلى أسباب أخرى قائلة: من أهم الأسباب التي تدفع الطالب لإحضار الهاتف للمدرسة هي اللامبالاة في التعليم وانعدام الدافعية نحو التعلم، ورفقاء السوء المنقطعين عن المدرسة الذين قد يكون لهم الدور البارز أيضا في إحضار الهاتف للتواصل معهم، كذلك العلاقات غير المرغوبة قد تدفع الطالبات لإحضار الهاتف بدون علم الأهل.
فيما يرى الغافري أن التقليد ومحاكاة العصر من أهم الأسباب التي تدفع الطالب لإحضار هواتف للمدرسة، وكذلك تساهل كثير من أولياء الأمور وعدم متابعة ابنه، وقد يكون ضعف القوانين المدرسية أحد الأسباب الرئيسية في انتشار هذه الظاهرة بين الطلاب.
وأوضحت البطاشية: هناك أسباب كثيرة تدفع الطالب لاستخدام الهاتف في المدارس أولها المباهاة أمام الآخرين بأن الطالب يمتلك هاتفا جديدا ومميزا، وأيضا برامج التواصل الاجتماعي التي جعلت هذا الجيل متلهفا ومتطلعا لتسجيل جميع الأحداث التي تمر به ابتداء من استيقاظه واستعداده للذهاب إلى المدرسة إلى دخول المدرسة والالتقاء بزملائه وما يحدث في الفسحة.
كثيرة هي التفاصيل التي يتم تناقلها، كما لا ننسى هذا الانفتاح الذي جعل الجنسين متطلعين على تفاصيل الحياة لكل شخص من خلال برامج التواصل الاجتماعي كالانستجرام والسناب شات وغيرها.

الأهل والمدرسة

وتشير الفضيلية إلى أن أولياء الأمور هم السبب الرئيسي في إحضار الطالب للهاتف يليه المدرسة حيث تقول: ولي الأمر هو السبب الرئيسي في إحضار الطالب للهاتف؛ لأنه يجب وقبل خروج ابنه من المنزل وذهابه إلى المدرسة أن يتابعه ويعرف ما الذي نسيه وما الذي أخذه معه، ثم المدرسة وهي بدورها تقدم التوعية للطلاب حول مخاطر إحضار الهاتف إلى المدرسة مخافة أن تحدث أمور كالسرقة مثلا أو تصفح الطلاب لهواتف زملائهم وانتهاكهم لخصوصيتهم، كما يجب عليها أيضا إطلاع الطلاب على لائحة شؤون الطلبة والقرارات المتبعة لذلك وتوزيع اللائحة على الطلبة وأولياء أمورهم حتى يطلعون عليها ويكونون على دراية تامة بالقوانين والأنظمة، ووضع كاميرات في الممرات والأماكن المتوقع وضع الهواتف بها لكي يرتدع الطلاب عن القيام بذلك.
وتشاركها البطاشية الرأي قائلة: برأيي أن الأسرة لها الدور الأكبر والفاعل في متابعة الطالب،
كما وأنها هي المسؤولة عن امتلاك الطالب للهاتف من عدمه، فكلنا نذكر الأجيال السابقة، وكيف كان من الصعب أن يمتلك أحدنا هاتفا محمولا ما لم يلتحق بأحد مؤسسات التعليم العالي، أو يحصل على وظيفة.
وتضيف: أما الآن فالطفل لديه هاتف منذ الابتدائي ويمتلك جهازا لوحيا منذ عمر الزهور، وأصبح الهاتف جزءا من كيانه وشخصيته وحياته، فكيف للمدرسة أن تأتي بأنظمة وقوانين تمنع ذلك وتطلب منه أن يتخلى عن هاتفه بكل سهولة أو أن يعاقب على شيء لا تعاقبه عليه الأسرة، ومن المضحك الآن أن أقصى عقوبة من الممكن أن تنفذها الأسرة على ابنها هي سحب هذا الجهاز عنه، وذلك في حالة اكتشفت قيامه بشيء مخل بالآداب أو استخدامه للبرامج بطريقه غير صحيحة أو رسوبه في المواد الدراسية أو سهره بالليل وتسيبه وانقطاعه عن الدوام الدراسي.
وتتابع البطاشية: وللعلم من واقع تجربتي، أن الطالب الذي لم يعش في بيئة أسرية منظمة وفق قوانين تنظم استخدامه لهذه الأجهزة وكيف تستخدم ولماذا وفي أي وقت، من صعب جدا للمدرسة أن تغيّر سلوكه؛ لأن الأسرة تهدم ما تبنيه المدرسة لذلك يجب أن تتفق الأسرة مع الإجراءات التي تتخذ مع الطالب من خلال جلسة أسرية يقوم بها الأخصائي الاجتماعي يضع فيها خطة للتعامل مع هذه الفئة في المنزل والمدرسة.

الآثار السلبية

وعن الآثار التي يمكن أن تؤثر سلبا على الطالب تقول الفضيلية: استخدام الطالب للهاتف يؤدي إلى عدم قدرته على تنظيم وقت المذاكرة وتعلم أمور لا تتناسب وفئته العمرية وأيضا قد توجد ضعفا في التواصل الاجتماعي والأسري (يعتاد على انشغاله بالهاتف منذ صغره) وعدم القدرة على تعلم لباقة الحديث مع الآخرين، فضلا عن الأضرار الصحية التي قد تلحق به مثل فقدان البصر أو ذبذبة في الدماغ أو خلل في خلايا اليد.
ويبيّن المجيني: الهواتف يمكن أن تشتت ذهن الطالب وتضعف من تركيزه وتقلل من اهتمامه بالدروس كما تتسبب في إشكاليات بين الطلبة وكذلك إشكاليات مع المعلمين وقد تصل بعض هذه الإشكاليات إلى أروقة المحاكم ناهيك عن الأضرار الاجتماعية والصحية والأخلاقية.
وتشاركهم البطاشية قائلة: إذا ما تحدثنا عن الآثار، لا يخفى علينا الآن ما يحدث من أمور منها تبادل صور وفيديوهات وإطلاع الطالب وهو في مرحلة صغيرة من عمره على أمور قد تكبره سنا، وقد يفهمها بطريقة خاطئة على العكس لو تعلمها من دينه وعقائده لتعلمها بأسلوب تربوي صحيح. للأسف كم من بيوت تهدمها رسالة أو صورة أو فيديو أو محادثة قام بها مراهق أو مراهقة وكم من مشكلة سنسمع حدوثها، ولو وقفنا وقفة رجل واحد على أنه لا هواتف في المدارس، ولا هاتف للطالب إلا في المرحلة الجامعية.

الحلول
وعن الحلول التي يمكن أن تحد من انتشار ظاهرة استخدام الهواتف في المدرسة يقول المجيني: لا بد من تعويد الطالب على الصدق والأمانة والإخلاص في العمل وتوعيتهم بأهمية المدرسة والالتزام بقوانينها ومبادئها وإظهار السلبيات الجمة من وراء إساءة استخدام الهاتف.

بدورها تقول الفضيلية: إذا كان ولي الأمر صديق ابنه وابنته، استطعنا أن نحد من ذلك بشكل جزئي، حيث يقوم ولي الأمر بعقد اتفاقية مع ابنه أو ابنته بتسليم الهاتف بشكل يومي قبل الذهاب إلى المدرسة، وعند التزامه بذلك يكافئه ولي أمره، مصطحبا ذلك التعزيز اللفظي من مدح وثناء، ويوضح ولي الأمر لابنه أو ابنته المخاطر التي قد تحدث من اصطحاب الهاتف إلى المدرسة.