جلالة السلطان ... تحية لرجل السلام في يوم السلام

الحدث الأربعاء ٢١/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٠:١٥ م
جلالة السلطان ... تحية لرجل السلام في يوم السلام

مسقط - الشبيبة

توازن سياسي محسوب بميزان حساس أرسى قواعده جلالة السلطان المعظم قابوس بن سعيد ، حفظه الله ورعاه ، عكس حنكة سياسية فريدة خلال مسيرة مباركة امتدت لما يزيد على الاربعين عاما اثبتت ايامها وتجاربها حرصا حثيثا على السلام في احلك المواقف التي مرت بها المنطقة طوال فترة هي الاصعب..
احداثا جساما مرت على المنطقة اثبتت مواقف السلطنة ازائها واحدة تلو الاخرى الايمان السامي بالسلام واعتبار الحوار اللغة الرسمية والبديل الاوحد لادارة الازمات واطفاء الحرائق وتبريد بؤرها الساخنة .
بنظرة عامة واقعية يتاكد لنا ان شخصية جلالة السلطان حفظه الله ورعاه فرضت نفسها بقوة على الساحتين العربية والدولية لتاثير جلالته وحرصه الشديد على السلام العالمي ودوره في اقراره في المنطقة وهو الامر الذي جعله رجل السلام من خلال فوز جلالته بجائزة السلام من الأمم المتحدة في العام 1998 ..

21 سبتمبر ... اليوم العالمي للسلام حيث يتوجه العالم بالتحية لكل من ساهم في حفظ السلام وكل من اطفا شرارة حرب لايدفع ثمنها الا المستضعفين من الشعوب وكل من بذل جهدا لاعلاء قيم السلام بالعالم وساهم في فض نزاع بطرق سلمية بعيدة عن الحروب ..
فان التحية تكون واجبة ومستحقة بجدارة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد ، حفظه الله ورعاه ، والذي يعد احد ابرز رجالات السلام بالعالم ولاياتي هذا الطرح من فراغ بل انه نتاج لمسيرة عقود تكللت فيها الجهود السامية بالنجاح وجعلت السلطنة محط انظار الجميع وقبلة الباحثين عن الحوار وملاذ المكتوين بنيران الحروب

السلام قيمة عليا

كان السلام دائما ولايزال قيمة عليـا لدى جـلالة السلطان المعظم وشكل محور السيـاسات العُمانية على المستويـات المختلفة خـليجـيـا وإقليمياً ودولياً وهو ماظل جلالته يؤكد عليه دوما وبرهنت عليه دائما سياسات السلطنة وموقفها الداعم لكافة الحقوق المشروعة للشعوب ودفاعها عن ثوابت السلام الدولي وهو مايمكن استخلاصه على سبيل المثال مما اكده جلالته في خطابه في العيد الوطنـي الثامن والعشرين المجيد بقوله (إن من أوجب الواجبات في نظرنا أن تعمل الدول على محاربة الظلم والاستبداد وعلى التصدي لسياسات التطهير العرقي وامتهان كرامة الإنسان وعلى مجابهة احتلال أراضي الغير وإنكار حقوقه المشروعة وأن تسعى إلى إقامة ميزان العدل إنصافاً للمظلومين وترسيخاً للأمن والسلام والطمأنينة في مختلف بقاع الأرض وتجسدت أهمية ذلك في أنه شكل ملحماً بارزاً ومميزاً للسياسات والمواقف العُمانية التي اكتسبت مصداقية تعززت دوماً فـي مختلف الظروف والتطورات التي شهدتها المنطقة على امتداد العقود الثلاثة الماضية).

حكمة القائد وقيادة الحكيم ....
في 16 نوفمبر 2009 أكد جلالة السلطان قابوس بن سعيد ، حفظه الله ورعاه ، في خطابه في افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان على «ان سياستنا الخارجية معروفة للجميع، وهي مبنية على ثوابت لا تتغير، قوامها العمل على استتباب الأمن والسلام والسعادة للبشرية كافة»....
ان تامل تلك الكلمات العميقة تؤكد ايمانا عميقا بالسلام الذي هو محور سياسات السلطنة ومرتكز علاقاتها خليجياً وعربياً ودولياً.
بهذا الفكر الانساني حظت سياسات السلطنة، ومواقفها بتقدير واسع واتاح لها الفرصة لاسهام متزايد لحل مختلف القضايا العربية، واعطاها مصداقية واحتراما في كافة المحافل الدولية .
لهذا كله فليس من المبالغة في شئ القول بانه من نعم الله على الشعب العماني ان جعل الحكمة صفة من صفات القائد وهو ماجنب السلطنة الكثير من المشكلات وحصنها ضد الرياح العاتية التي تضرب يمينا وشمالا بلا هوادة ونظرة سريعة على الخريطة العربية والازمات التي تكاد تعصف بالعديد من الدول تبرهن على تجلي الحكمة في اروع صورها في ادارة دفة الوطن
لم تجنب السياسة الحكيمة لجلالة السلطان الشعب العماني مواجهة مشكلات عاتية فحسب بل ان حكمة قيادتها ساهمت بشكل فعال في جعل السلطنة موضع التقاء كل الاطراف، ومحط ثقة الجميع ، في كل الاوقات وفي مختلف الظروف،

الحوار اقصر الطرق للسلام
موقف السلطنة من الازمة اليمنة وتطوراتها على مدار الشهور الفائتة يؤكد اولوية السلام في الفكر السياسي لجلالة السلطان وايمان جلالته العميق بان السلام لن يكون نتاجا لحرب وانما الحوار فقط هو الضامن الاساسي والوحيد لتجنب الويلات .. فالسطنة لم تمانع في لعب دور من أجل مساعدة اليمنيين والأمم المتحدة لتشجيع الحوار بين طرفي الأزمة لمناقشة مستقبلهما
ورفضت مسقط تحت قيادة جلالته ان تكون جزءاً من عاصفة الحزم لان «عُمان بلد سلام»، ولا يمكنها القيام بجهود للسلام وهي جزءاً من حملة عسكرية
.
وايمانا من الاعتقاد الراسخ بكارثية استمرارا النزاع النووي بين ايران والغرب سعت مسقط بكل جهدها وادوات ديبلوماسيتها وتكللت جهودها بالنجاح بعد مفاوضات ماراثونية ، حين توصلت ايران والدول الست في 2 ابريل 2015 إلى بيان مشترك يتضمن تفاهماً وحلولاً بما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني واعتبرت طهران أنه وضع حداً لحلقة مفرغة لم تكن في مصلحة أحد، فيما وصفته واشنطن بالتاريخي.

الحرص على وحدة الصف الخليجي
سعت السلطنة على امتداد العقود الاربعة الماضية إلى تعزيز وتعميق مجالات وسبل التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، سواء قبل انشاء المجلس أو بعده، ولم تدخر وسعاً من أجل الدفع نحو هذا الاتجاة
ولا شك ان ثقل مكانة جلالة السلطان حفظه الله علاوة على حكمة سياسته الخارجية واعلائها لقيم السلام والتقارب ونبذ كافة مقدمات الصراع قد ساهم بشكل فعال في طلب وساطة السلطنة في الكثير من الازمات العربية والخليجية وهو ماجسده اتصال امير قطر بجلالته غداة سحب سفراء السعودية والامارات والبحرين من الدوحة على خلفية الخلاف الخليجي القائم حيث سارع امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالاتصال بجلالة السلطان لبحث مستجدات الأوضاع في المنطقة .
وقالت وكالة الأنباء القطرية في وقتها إن الشيخ تميم أجرى اتصالا هاتفيا مع جلالة السلطان تم خلاله بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى استعراض مستجدات الاوضاع في المنطقة .
في الوقت نفسه قالت مصادر مطّلعة إن زيارة معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية إلى الرياض جاءت في سياق مبادرة وساطة من السلطنة لحل الخلاف الخليجي مع قطر.
وأكدت المصادر أن الزيارة التي لم يعلن عنها سلفا جاءت بطلب من الدوحة وبحرص شخصي من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي يعمل على منع تفاقم الخلاف مع جيرانه الخليجيين، وألا يتجاوز الأمر سحب السفراء إلى خطوات أخرى
وأشارت صحيفة "العرب" الصادرة في لندن إلى أن هذه الزيارة اتت بعد يوم واحد من اختتام اجتماعات اللجنة العُمانية القطرية المشتركة في دورتها السادسة عشرة أعمالها بمسقط.
و ذكرت صحف عربية، من بينها مواقع إخبارية مصرية وإماراتية وسعودية، وجود تصعيد جديد في الخلافات الخليجية مع قطر. وذكرت صحيفة الشرق الأوسط نقلا عن “ما أسمته” مصادر خليجية عن وجود جهود جديدة تقودها السلطنة لدعم الوساطة الكويتية لحسم الخلافات بين السعودية، الإمارات، البحرنن وقطر .

القضية الفلسطينية
كانت القضية الفسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني حاضرة في قلب وعقل جلالة السلطان منذ بداية عهده الميمون ولم تدخر السلطنة خلال عقود من النهضة المباركة جهدا في دعم الاشقاء الفلسطينيين على كافة الاصعدة .
وهو ما ترجمه الدكتور رمضان طنبورة رئيس جمعية الفلاح الخيرية في فلسطين حين ثمن وقفة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بمساعدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال العدوان الاسرائيلي الاخير ، وقال طنبورة اننا نعتبر وقفة جلالة السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- والحكومة العمانية والشعب العماني (بأنهم قريبون منا وان الشعب الفلسطيني ليس وحده في الميدان)
وأضاف: إننا نشعر بقرب جلالة السلطان منا وكأنه معنا في الحرب وبعد الحرب على قطاع غزة فهو أعطى التوجيهات والتسهيلات لجمع التبرعات لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني.
وأوضح رئيس جمعية الفلاح الخيرية في فلسطين انه طوال الحرب وصلتنا من الهيئة العمانية للاعمال الخيرية ومؤسسة بادر ومن سماحة المفتي أحمد بن حمد الخليلي ووزارة الأوقاف وأصحاب الخير المساعدات لقطاع غزة وتواصلوا أيضا معنا بإمدادنا بالمواد الطبية.
وأكد طنبورة أنه وبعد توقف الحرب وصل إلى قطاع غزة (80 طنا من الادوية والمستلزمات الطبية وقدمت السلطنة لنا أدوية خلال الحرب بمقدار نصف مليون دولار تم شراؤها من قطاع غزة.

محطات مصرية مصيرية
يتبوا جلالة السلطان قابوس بن سعيد ، حفظه الله ورعاة ، مكانة شديدة الخصوصية في قلوب المصريين لم تات من فراغ بل كانت نتيجة مباشرة لتاريخ طويل من الدعم والمساندة لمصر خلال ازمات مصيرية واجهتها وكانت في امس الحاجة للدعم العربي ولعل مواقف جلالته خلال حرب اكتوبر 1973 وخلال المقاطعة العربية لمصر عقب توقيع اتفاق السلام مع اسرائيل
والواقع ان هذه المواقف نبعت من فلسفة واعية بدور مصر العربي وهو ما اكده جلالته خلال كلمته التى القاها بمناسبة العيد الوطنى الرابع عشر للسلطنة فى سنة 1984حينما قال: "لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي. وهي لم تتوان يوما في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام. وأنها لجديرة بكل تقدير". –
والحق ان جلاله السلطان اكد على هذه التوجهات منذ مبادرة السلام المصرية التي قادها الرئيس الراحل أنور السـادات – رحمه الله – كما لم يتغير موقف السلطنة الثابت تجاه مصر . ولذلك فإن الضمير والوجدان الجمعى للشعب المصرى يسجل بالتقدير الموقف التاريخى لجلالة السلطان قابوس حينما رفض المقاطعة العربية لمصر . ثم واصل مبادراته لاستئناف العلاقات المصرية العربية .
ولعل دعوة جلالته لاستخدام سلاح النفط خلال حرب اكتوبر ليست خافية على كل منصف حين دعا جلالته قبل بدء الحرب بخمسة شهور كاملة حينما اكد عبر صحيفة الدستور الأردنية 5 من مايو 1973 معلنًا رؤيته صريحةً مدويةً حينما قال حرفيا (إنّه يجب على الدول العربية المنتجة للنفط أن تركز انتباهها على الطريق الذي يسير فيه نفطها حتى لا يُصدَّر إلا إلى البلاد التي لا تعادي الأمة العربية)
وهو الامر الذي اكده جلالته في حوار مع مجلة المصور المصرية بتاريخ السبت 23 يونيو 1973 قائل (إن البترول سلاح ذو حدين فإذا أمكن استخدامه كوسيلة للضغط فقد يفيد من هذه الناحية ولكنه من ناحية أخرى قد يضر بمصالح البلاد التي تعتمد اعتمادا كليا على هذا البترول في دخلها القومي، وهذا الدخل يستخدم في تدعيم اقتصاديات هذه البلاد وتقوية جيوشها لمواجهة هذا العدوان، وفي مساندة المواجهة ضد العدو ولذلك فعندما نفكر في قطع البترول عن هذه الدول فيجب أن نبحث أولا عن أسواق جديدة لتسويقه وأعتقد إن هذا ميسور.