سعيد_بيتزوج_أربعة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٥٩ م

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

تكاثرت مؤخرا دعاوى التشجيع على تعدد الزوجات تحت راية «محاربة العنوسة». ومؤخرا ظهر تسجيل مرئي لشيخ عماني يدعو الرجال للتعدد، والنساء للقبول بزواج أزواجهن.. وقبل ذلك ظهر ناشط في السعودية محاولا تأسيس جمعية عرفها بأنها «محاولة للحد من بقاء النساء بلا أزواج في بلد تتجاوز نسبة من بلغن سن الزواج فيه مليوني عازبة».. فيما ظهر قبل مدة أحد المرشحين في الانتخابات في الإمارات الشقيقة وأعلن أن برنامجه «الانتخابي» يتمحور حول القضاء على العنوسة واعداً بأن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، وداعيا المواطنين إلى ذلك، «وقد أُحيل للتحقيق لمخالفته قواعد الدعاية الانتخابية».. بيد أن دعوة المرشح تلك أثارت نقاشا مجتمعيا محتدما فتصدر وسم #سعيد_بيتزوج_أربعة «نسبة إلى المرشح سعيد النديب» هاشتاغ الإمارات لأيام، وأيّده/‏ وعارضه الكثيرون. وكان من اللافت ظهور مؤازرة علنية له من بعض النساء، فيما هاجمه آخرون بدعوى أن معالجته لملف العنوسة قد تساعد على ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك الأسري، وإغراق الرجال في مزيد من القروض والديون.

في ظاهرة «التشجيع على التعدد» ستجدون لدى الأردن تجربة لافتة، إذ قامت مجموعة من الرجال المؤمنين بالتعدد كحل للعنوسة بتأسيس جمعية «مناصرة التعدد» التي تقتصر العضوية بها – حصراً – على المقتدرين ماليا.. فهم يشجعون الزواج للأثرياء ولا يؤيدون إقبال الشباب، الذين لا يملكون ما يكفي لفتح منازل، على الزواج في خضم ظروفهم تلك.. وقد بلغ أعضاء الجمعية بُعيد تأسيسها 600 عضو تفخر الجمعية بنجاحها في تزويج 350 منهم حتى اليوم!

المفارقة أن الإحصائيات تؤكد وجود 800 ألف شاب غير متزوج في المملكة الأردنية الهاشمية. ومع ذلك، ورغم ذلك.. لم يفكر «المقتدرون» من مؤسسي الجمعية في مساعدة بعض هؤلاء على الزواج بهدف «القضاء على العنوسة» كما يزعمون، عوضا عن تزويج أنفسهم وهو المتزوجون سلفا!! لسنا في معرض مناقشة شرعية لموضوع التعدد ولا أهدافه ولا شروطه بل نسأل ببساطة:

كم من الرجال اليوم قادرون على الوفاء بجميع مستلزمات أسرهم، المادية والنفسية، لتشجعوهم على فتح بيت آخر! ولماذا، عندما يتم الحديث عن التعدد، لا يتطرق أحد لحقوق الأبناء الذين يجدون – بسبب ضغوطات الحياة والتزاماتها – الحد الأدنى من الرعاية من الأب، فما بالكم لو تقسم وقته بين بيتين أو أكثر..! نظن أن الشرع أباح التعدد ولم يشجع ويُثيب عليه، وهناك بون شاسع بين الأمرين، ومن يريد محاربة العنوسة عليه البدء بعشرات الآلاف من الرجال غير المتزوجين في كل دولة ويبحث بجدية في سبب تأخرهم في الزواج ويطرح حلولاً رصينة لإزاحة العوائق في وجوههم لحل مشكلة الرجال والنساء في آن..

أما قهر امرأة بدعوى إنصاف الأخرى.. وهدم بيت بحجة بناء آخر.. ودفع الرجال لخيارات لا طاقة لهم على تبعاتها، فليس حلاً لأي شيء.. بل هو مشكلة في ذاتها.