مواجهة الواقع! (2)

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٥٩ م

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

بين أيدينا واقع يفترض مواجهته، تركه هكذا يعقد مساراتنا إلى المستقبل، عدا ما يلقيه على الواقع من ارتباكات، فحرية النقد والتعبير إزاء مواقف (مسألة الضعف الإداري ودورة الإنتاج مثالا) ضرورة ماسّة، والحديث عن أهمية وجود كفاءات في مفاصل الدولة ممتلكة لياقة عالية، بدنية ونفسية ووطنية، ضرورة قصوى لتعزيز مواجهة الواقع بما يمكننا به السير نحو غد مضماره واسع، ولن ينفع فيه مسؤول أصيب ظهره (بالديسك) لطول بقائه في كرسيه، ولا يقدم ما يشفع له البقاء حتى عاما واحدا!

ماذا نحن فاعلون بالحاضر، مع افتراض أنه لا يجدر الحديث عنه عبر نوافذ معتمة، فلا يمكننا أن نرى المستقبل إلا من خلال ما تسمح به، فالهزة الاقتصادية وما أعقبها من ارتباكات، أبسطها وصول التقشف إلى فعالية أدبية صغيرة مخصصة للشباب لم تنقطع منذ عشرين عاما، عدا خفض اشتراكات الصحف والمجلات، تلك (الارتباكات) لن تكون عابرة دون عودة، وقد ذقنا ألمها عدة مرات في المسيرة المعاصرة، وعبورها يبدو أثقل من سابقه؟!

تلك مراجعات على المستوى العام ضرورية، لكن هناك ما هو مهم أيضا، وربما (أهم): مراجعة ذاتية لخطواتنا، كأشخاص، تنعكس حساباتنا الخاطئة أيضا على الصورة العامة لحاضر البلاد ومستقبلها..
من صلاح تفكير الفرد سنتجّه إلى مراجعات على مستوى المجتمع، ليكون قائدا لا مقودا فقط، فالنقد للأوضاع العامّة يضخّم من السور الذي نشيّده حول ذواتنا، فخيباتها وانتكاساتها مرجعها (وفق أصابع الاتهام الجاهزة) إلى وضع عام يلقى إليه تبعات كل أمر..
هذه الفكرة السائدة لم توجد من فراغ، مسبباتها (حقيقية أو متوهمة) تفترض تحليلا يتبين ما يمكن أن يحقق مراجعة حينما يتعلق الأمر بمواجهة واقع يقود إلى مستقبل، نريده واثقا، وداعما لثقة الفرد بنفسه وبوطنه.
هنا أستعيد فكرة عابرة، محاسبة أفراد فقط لا تعني أن هناك من لا يلتقي مع رؤاهم مهما بدا الصوت خفيضا، ما يهم في مرحلتي الحاضر والمستقبل تلك اللحمة الوطنية التي عرفنا بها، ويضرب بها المثل لدى شعوب تفتقدها، وفي زمن مختلف، وأجيال تختلف، تغدو المفردات أيضا بحاجة إلى مراجعة، ما الذي يسيء إلى «البلد» وما هو المحسوب على حرية التعبير، والفكر الذي لن يصادر، ربما لأن احتكار التفسير يأخذنا إلى صدامات تبيان المعنى، ما هو الفرق بين التفسيرين، قانونيا في المقام الأول، وليس اعتباطيا.
المراجعة تشمل مفردتي «الأمن والأمان» قبل أن يفقدا معناهما لفرط التكرار، لماذا تحقق هذا الشعور الرائع في بلادنا، في حين يعد حلما في بلاد أخرى؟ والأهم: كيف يبقى صماما موثوقا به في الحاضر والمستقبل، على حد سواء؟