السويق - سعيد الهنداسي
تكثر كميات أنواع من الأسماك في السوق المحلية فجأة وتنخفض أسعارها، ثم تعاود الأسعار الصعود ليعلل الصيادون ذلك بأن الصيد قليل وأن الأسماك لا تتوفر في البحر بكثرة.
تبدأ قصة رحلة الأسماك في البحر في بعض محافظات السلطنة الساحلية إلى محافظات أخرى، وتتوفر الأسماك في محافظات أخرى كالشرقية والوسطى مقابل ندرتها في أماكن أخرى كالباطنة، وتستقر الأسماك في بحر الشرقية والوسطى وظفار، الأمر الذي يجعل من المنطقة الشرقية والوسطى مصدراً للأسماك إلى بقية محافظات السلطنة والدول المجاورة نظراً لكثرة الأسماك، فلماذا تقل الأسماك هنا وتكثر هناك؟
في محافظة الشرقية تكثر أسماك السهوة والجيذر وتختلف كثرتها من فترة لأخرى، ففي هذه السنة لم ينقطع سمك الجيذر أبدا من سواحل الشرقية بينما كان متقطعا في مواسم فائتة، أما في محافظة الباطنة فإن صيد الجيذر يختلف من موسم إلى آخر، وكذلك في الباطنة.
بشكل عام فإن الأسماك تكثر في الشرقية، وفي الباطنة تكثر أسماك الضلعة والصيمة والعومة والبرية التي يكثر صيدها في الشتاء، بينما يكون حجم العومة في محافظة الشرقية أكبر من حجم العومة في الباطنة، كما أن الكنعد يوجد في مواسم بالباطنة وأحيانا يرحل إلى الشرقية.
أسماك موسمية
وتعد أسماك الباطنة أسماكاً موسمية، بمعنى أنها متنقلة، فكل شهرين إلى ثلاثة شهور يكون هناك موسم لصيد أصناف من الأسماك لأن بحر الباطنة رملي لا يوجد به جبال كبيرة، أما بحر الشرقية والوسطى وظفار ففيه جبال كبيرة وبالتالي فهناك مراع كثيرة تجعل السمك ثابتاً لا يتنقل.
وللأسماك السطحية مواسمها كالكنعد والجيذر والسهوة، فهي تقل في نهاية الشتاء، فيما يتوفر الكنعد بكميات كبيرة شتاء في الشرقية، وكذلك أسماك القاع مثل الشعري فهو يتوفر بكثرة في الباطنة لأنه ينزل من العمق ويأتي إلى الساحل، أما في الشرقية والوسطى وظفار فالأسماك القاعية ثابتة في هذه المحافظات في الفصلين شتاء وصيفا وكذلك توجد الأسماك السطحية بكثرة صيفا وشتاء.
وفي الباطنة لا توجد أسماك ثابتة، بل هي موسمية سواء السهوة والكنعد والحبار والقد بسبب رحلتها ما بين بحار السلطنة، فهذه الأصناف توجد بكثرة في بحر الشرقية والوسطى وظفار بينما هي قليلة في الباطنة. ويعود سبب ذلك إلى حجم الجبال البحرية في بحار هذه المحافظات.
وعن سبب ندرة الأسماك في الشتاء يقول صيادون إنها تبحث عن الدفء والاماكن الدافئة في مياه البحر، فإذا وجدت الأسماك أن حرارة الماء باردة فإنها تصاب بالكسل والخمول فتبحث لها عن أماكن أكثر دفئاً في عمق البحر، أما إذا كانت حرارة الماء مناسبة فإن الأسماك تخرج من أعماق البحار لتحط رحالها على الشواطئ والموانئ وتأخذ جولة في البحر بكل حرية وتتناول الطعام المتوفر.
أسعار الأسماك
وتعتبر أسعار الأسماك في الوقت الحالي مناسبة للمستهلكين، لكن أسعار بعض أنواع الأسماك ترتفع مع قدوم فصل الشتاء، فسعر الكيلو من الجيذر يصل الى ريالين ونصف ريال عماني بينما يرتفع سعره شتاء ليصل الى 3 ريالات ونصف ريال عماني، أما السهوة فسعرها حاليا ما بين 8-9 ريالات عمانية وفي الشتاء يصل السعر إلى ما بين 12 و 14 ريالا عمانيا.
كما ارتفع سعر السهوة حاليا بسبب انقطاعها لفترة عن السوق وكذلك قرب دخول الشتاء، أما الجيذر فسعره مناسب إلى حد ما، فالكيلو من الجيذر يباع بريالين وهو صيد الشرقية بينما صيد الباطنة على سبيل المثال يبلغ 3 ريالات عمانية.
وتتوافر حاليا في السوق أسماك الصيمة والجداد والسلسول وبعض الأنواع الاخرى.
أهم الأسماك التي يتم صيدها في فصل الشتاء هي أسماك الكنعد والخيبط والضلعة والبكة والسهوة. وفي السابق كان يتم صيد هذه الاسماك عن طريق (ليخ العشاري) بالهيال والخيط، أما الوقت المناسب للصيد فهو عند العصر وفي المساء.
أوقات الصيد شتاء
هاني البلوشي من بلدة الغليل بولاية السويق من الشباب الذين عشقوا مهنة الصيد وهو يقول: إن أفضل الأوقات للقيام بعملية الصيد في فصل الشتاء تحديدا هي ما قبل غروب الشمس بدقائق معدودة. ويعلل هذا بأن الماء يكون قد تشبع بدرجة كبيرة من حرارة الشمس وأصبح دافئا قدر المستطاع.
أما عن أجود الأسماك في هذه الفترة فهي الجيذر والشعري والسهوة والسلسول والكوفر والصال والليلي والعنبر والصوفر وكذلك العنبر والصيمة، أما الكنعد فممنوع صيده حاليا لأنها فترة تكاثره، وبعد 15 أكتوبر المقبل يمكن صيده.
وحول الوقت الذي يفضل القيام بعملية الصيد فيه شتاء يقول هاني البلوشي إنه في الصباح الباكر عند الفجر وكذلك عند الساعة 3 عصرا. وعن سبب تفضيله للصيد فجرا علل البلوشي ذلك بالقول إن حركة الأسمك تكون مناسبة جدا في هذا التوقيت تحديدا بسبب الهدوء الذي يخيم على المكان وقيام الأسماك بالبحث عن الطعام. وذكر أنه يجب أن يتم الأخذ بعوامل المد والجزر في عين الاعتبار.
وينصح البلوشي من يهوى الصيد في فصل الشتاء أن يذهب في بداية الشهر القمري وكذلك في منتصفه لأن ذلك يساعد في الحصول على أكبر عدد من الاسماك بسبب حركة الأمواج ومياه البحر.
مردود جيد
سعيد بن مصبح الرديني صاحب سيارة لنقل الأسماك تحدث بداية عن طبيعة عمله قائلا: عملنا يتطلب منا التواصل مع مجموعة كبيرة من الصيادين، وأنا أقوم بشراء الأسماك منهم بالقرب من البحر كما أنني أملك مراكب صيد أخرى بحكم أنني صياد وأقوم بتجميع هذه الأسماك وتحميلها في سيارة نقل الأسماك وبيعها في أسواق السمك في كل من المصنعة والسويق والخابورة حتى صحار. وهناك مردود جيد من خلال مزاولتي لهذه المهنة التي هي مهنة الآباء والأجداد.
و واصل الريدني حديثه بالقول: ليس هناك عمل لا يخلو من التعب وبذل الجهد. ومهنة الصيد تحتاج إلى صبر ومدة من التفكير في كيفية صيد السمكة والتوقيت المناسب لها وعملية تسويقها في الأسواق، وكل هذه المراحل تحتاج إلى أن يتحلى صاحب المهنة بالصبر والقدرة على تجاوز كل الصعوبات التي تواجهه.
وفرة حالياً
وحول أسعار هذه الأسماك ومدى توفرها في الأسواق يقول سالم بن سعيد الجهوري: حاليا يعتبر الوضع مناسبا، هناك وفرة من الأسماك، وربما يعود ذلك إلى منع بيعها خارج السلطنة ما أعطى هذه الأسواق فرصة لتوجد بها مجموعة من أسماك الكنعد والشعري والكوفر والخباط وغيرها من الأسماك. وعن أسعار الأسماك في سوق السويق قال الجهوري: هناك ارتفاع ملحوظ في أسعار الأسماك وفي فترات متفاوتة، وربما يعود ذلك إلى قلة المعروض في فترة سابقة، ولكن مع توفر الأسواق أتوقع أن نشهد انخفاضا ملحوظا بسبب العرض والطلب على شراء الاسماك من الباعة في السوق والمشترين لهذه الاسماك.
أسماك القاع
وتحدث عضو سنن البحر جمعة البلوشي عن أنواع الأسماك التي توجد في القاع فقال: هناك أسماك قاعية متمثلة في (عندقة الستين) وهي سمكه حمراء توجد في الجبال بالأعماق وهي من الأسماك المرغوبة، وكذلك الشعري الذي يوجد على الجبال ويتكاثر بكميات كبيرة في الشتاء وقيمته جيدة، وهناك السهوة والجيذر وهي أسماك سطحية وليست قاعية، وسمك الصدى، وهو من نفس الفصيلة، وهناك سمك القد المعروف علميا بالبراكودا، وهو ليس قاعيا بل في وسط البحر ويتكاثر بدرجة كبيرة في فصل الشتاء.
أسماك الدوابي
نبيل بن جمعة الضباري تحدث عن الأسماك التي يتم صيدها بطريقة (الدوابي) فقال: هناك أسماك توجد في العمق ويتم صيدها بالدوابي ومن هذه الأسماك (صلخوة، البزيمي، الصال، الهامور، الشعري، السمان). وعن الأسماك التي تتكاثر عن طريق الشدود قال إنها تضم (اليميامة، والسيمة، والغلية، والقشران، والغرابية، والكنعد، والعومة، وسكل، والطلاح) بينما سمك البرية يأتي مرورا بأعداد كبيرة ويتم صيده، وهناك الليلية والشعري، والسهوة والجيذر، والكر والخناي، والشعن، والكوفر. وأضاف: يأتي الدلفين بمجموعات كبيرة وقد شاهدناه في الأيام الخالية عندما نفق بكميات كبيرة. وحول أسباب قلة صيد الأسماك شتاء قال إن ذلك يعود إلى حدوث أمواج قوية في البحر، ما يقلل من قيام الصيادين بعملية الصيد حتى لا يتعرضوا للأذى من جراء هذه الأمواج العاتية.