مواجهة الواقع! -1

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:١٤ م

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

يربكنا الواقع في كثير من تفاصيله، كونه الجسر الذي يوصلنا إلى مجهول يدعى المستقبل، والنظر إليه بجدّية مهمة وطنية، لنرى تحدياتنا، ومواقع وقوفنا على حواف هذا الواقع / الجسر، تحديات تواجه البلاد، وأخرى تواجه العباد، وبين الكلمتين رابط يجمعهما في قارب واحد، عليه أن يعبر صخب المحيطات بسلامة وسلاسة.
وفي راهننا فإن أسئلة الغد باتت أكثر ضرورية مما عليه قبل عقد أو عقدين من السنوات، حيث كانت الرؤية واضحة أكثر، ولا أقول واضحة (فقط)، فهذه السمة نلمسها في سياق معايشة يومية مع الناس، وما لا يطرح في الإعلام تطرحه المنتديات والمقاهي والجلسات، عامها وخاصها، بجرأة (لا تحتمل) وخفة توسّع شرائح متابعيها، فبات المتحدث به عن المسكوت عنه يرتفع صوته أشد، فيما توفر عناصر من نوع هامش الحرية مجالا للإبحار في مواضيع شتى، شفويا على الأقل، وهامشنا واسع مقارنة بآخرين، حيث يمكننا الكلام بمتسع، الأهم ألا نكتب كل ما نسمع أو نستنتج!! وهي مفارقة حسنة على أية حال..
أركّز على سمة الهامش المتاح أمامنا من حرية، مهما بدا ضيّقا في نظر آخرين بما لا يكفي للتنفس، إنما أشعر أن به متسعا بما يمكننا عبره الكتابة عن قضايا كثيرة. وإطلاق الاتهامات ضد الجانب الرسمي ليس حرية بالضرورة، مع أنه "عادي" ينبغي اعتياده كونه ظاهرة مدنية تتسم بها شعوب الأرض، فمن يتولّون أمر الناس يصبحون مطالبين بما يفوق قدرتهم و(كفاءتهم) في غالب الأحيان.
وهنا يفترض وضع موضوعي القدرة والكفاءة على طاولة البحث، لأن الألقاب والمحسوبيات لا تصنع نجاحا بالضرورة، وبينها من يفقد مفهوم الشغف بالنجاح، وهذا كارثي على المستوى الإداري، وعلى صياغة المستقبل بالمعرفة.
من الإشكاليات التي نواجهها في واقعنا سهولة تناول الحجارة والرمي بها في اتجاهات شتى، وإطلاق الأحكام الجاهزة، والسير في ركب ما يقال دون معرفة حقيقية بما حدث ويحدث، لكن الصعب تقديم دليل واحد يتبيّن به المرء الخيط الأبيض من خيط أسود نهتم به دون غيره، وهذا له أسبابه أيضا، فغياب الشفافية في الحصول على المعلومة وغياب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وأسباب غيرها تجعل الساحة فارغة لنشر التأويلات، صحيحها وملتبسها ومغرضها، لأن هناك من ينتظر ملء الفراغات في حياته الاجتماعية.
التفكير في مساحة أوسع من هامش الحرية مكوّن أساسي في عملية مواجهة الواقع، فهو "واقع" يلعب بأدوات مختلفة، أبرزها التقني، في ظل عمل إداري "تقليدي" فلا يمكن أن نتصور إدارة حكومية تعيش عصرا به كل هذه التقنيات والانفلاتات، على تنوع كبير يندرج تحت هذه المفردة الأخيرة، ثم يرتفع منسوب غضب رئيسها لأن هناك أقلاما وأصواتا تنتقده، وأحجارا تنهال عليه، ثم لا نجد من يفسّر لماذا حدث ما حدث، أخطأ (هو) أو أصابت الأقلام والأصوات، فالمواطن ليس ذلك الحاقد أو الحاسد أو المنتقد الدائم كما يصوّره (بعضهم) حينما يصاب بخيبة أمل من خدمة حكومية (يقدمها مواطن مثله) والمفارقة أن المواطن الجالس على كرسي الخدمة ينعت حينها بأنه مكوّن حكومي، مع أنه أبسط من طالب الخدمة والذي ينعت حينها بأنه من (المواطنين) الذي تقصّر الدولة (على عمومها) في تيسير أموره.