الحذر في تشغيل الشركات المساهمة العامة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:١٢ م
الحذر في تشغيل الشركات المساهمة العامة

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

هناك عدة مهام تقوم بها الهيئات العامة للأسواق المالية في العالم ومن جملتها مخاطبة لشركات المساهمة العامة بضرورة الافصاح حول المستجدات والتطورات التي تشهدها تلك الشركات في تداولتها اليومية بين فترة وأخرى. وهذه المؤشرات التي يتم نشرها تعطي ثقة أكبر للمساهمين والمستثمرين في معرفة التطورات والتغيرات والتحديات والمشاكل التي تعاني منها هذه الشركات بين الفينة والأخرى. فكل معلومة تنشر في وسائل الاعلام تهم مختلف الجهات بجانب المساهمين الذين يمكن لهم تقييم أداء تلك الشركات من الناحيتين الإدارية والمالية، ومدى المكاسب التي يمكن لهم ان يجنوها من وراء ذلك.
لكن من خلال متابعتنا لأوضاع بعض الشركات المساهمة العامة في المنطقة نرى أنها تكتفي بنشر بعض الفقرات أو سطرين عما يجري بها من تطورات سواء أكانت هذه التطورات بالايجاب أو السلب، بينما هناك شركات قليلة تعمل على توصيل معلومات دقيقة وكافية للمتابعين ووسائل الاعلام وغيرها من المهتمين. ومن خلال الواقع نجد أن بعض الشركات تحصل فيها اختلاسات أو تلاعب في الأموال أوغيره من أنواع الفساد، إلا أن هذه الأخبار يتم الكتم عليها أحيانا لحين تفوح منها رائحة الفساد، عندها تقوم تلك الشركات بنشر بيان مقتضب عن ذلك.
ونشر المعلومات وقضايا الشركات المساهمة لا يهم المستثمر والمساهم فقط وإنما يكشف أيضا بأن مجالس الإدارات لها القدرة على متابعة أحوال الشركات واكتشاف حالات الفساد، والاختلالات أولا بأول. فالشركات المساهمة العامة، وخاصة تلك التي تعمل في بعض المجالات الحيوية كالاتصالات والمصارف والمال والتأمين والتمويل وغيرها تقوم أحيانا بدفع مكآفات مالية كبيرة لأعضاء مجالس الإدراة، ولبعض مدراء الإدارة العليا دون أن يعرف المساهمون عن حجم هذه الأموال التي تصل أحيانا مبالغ ضخمة، وتعتبر غالبا من حق المساهمين أيضا، باعتبار أن أي زيادة في الأرباح السنوية لتلك الشركات سوف تعود بالخير على المساهمين أيضا.
فلا بد أن تطرح هذه المسائل على الجمعيات العامة للمساهمين أول، وقبلها لا بد أن تصل إلي كل مساهم عبر المخاطبات الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي توضح فيها المبالغ المقترحة التي تنوي تلك الشركات تقديمها لأعضاء مجالس الإدارات العليا، لأن البعض يرى أن هذه التوزيعات التي تتم في الخفاء والظلام تعبتر نوعا من الاختلاس غير المباشر للشركات، في الوقت الذي لا تريد الصحف والوسائل الاعلامية التشهير بتلك الشركات والمؤسسات باعتبار أنها تقوم بنشر إعلانات تجارية لديها، وتخاف أن تفقد الموراد المالية التي تأتي من هؤلاء العملاء، وبذلك تحرص على العلاقة القائمة بينها وبين تلك الشركات، لأن الأخيرة تدفع لها سنويا مبالغ طائلة للترويج وتسوّيق سياساتها وأنشطتها وتنشر أخبارها حتى إذا كان الخبر من الدرجة المتواضعة. وهذا موضوع يحتاج إلى المعالجة أيضا بحيث على الصحف اليومية على تراهن على القارئ بجانب مراهنتم على إيرادات هذه الشركات .
إن نوعية الاخبار التي تنشرها الشركات المساهمة العامة عبر مواقع أسواق المال تتركز معظمها حول قرارات مجلس الادارة بشأن العقود والصفقات وبعض المقترحات الأخرى بجانب تناولها لأرقام الميزانية العامة للشركات في النصفين الاول والثاني من كل عام، الأمر الذي يتطلب من هذه الشركات أيضا أن تهتم بنشر أخبار المكافات السخية التي تنوي تقديمها من أموال الشركات لأي شخص في مجالس الإدارة العليا حتي يكون المساهم على علم بذلك، خاصة وأن الجمعيات العامة السنوية والطارئة أحيانا لهذه الشركات تدار من قبل الجالسين على المنصة الذين لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل لديهم تفويض عن أشخاص كبار أخرى يمثلونهم في مثل هذه المناسبات، وبالتالي فإن أغلب الحاضرين في تلك الجمعيات ليست لديهم القدرة على الاعتراض على تغيير أي بند أو تعديله، وبالتالي فان الكبار هم الذين يقررون ما يشاؤون، حتى وإن طالب الحاضرون بالتغيير، متناسين بأن هناك آلافا أخرى ينتمون لهذه الشركات لم يستطعو الحضور، ولو حضروا جميعهم لتغيرت أحوال تلك الشركات، ولربما امتنعوا عن تلك التوزيعات التي تذهب في جميع الاحوال لأشخاص معينين من الأعضاء ومنهم الوافدين أيضا.
إن الحديث عن هذا الموضوع يأتي نتيجة إلحاح البعض على وسائل الاعلام بالتطرق إلى مثل هذه القضايا التي تهم أحوال الأسواق المالية في المنطقة والذي لا يمكن لها تحقيق المكاسب إلا من خلال الافصاح الصحيح، والعمل على تحقيق المزيد من النجاحات، وأخذ الاحتياطات اللازمة للابتعاد على الأزمات التي يمكن أن تلحق بها، ولكن في جميع الأحوال تبقى قضية المكافات السنوية المرصودة لبعض الاشخاص بمجالس تلك الشركات المساهمة من المواضيع التي يتم تداولها بشكل سلبي في الكثير من الجلسات ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما يجب الحذر منه.