الأيام السعيدة في السلطنة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:١٢ م
الأيام السعيدة في السلطنة

ناصر اليحمدي

عاشت بلادنا طوال الأسبوع الفائت مظاهر الفرح والبهجة والسرور في أيام عيد الأضحى المبارك بإحياء العادات والتقاليد الأصيلة المتوارثة أيضا والتي جعلت من العيد سباقا محموما لفعل الخيرات والتوسعة على العيال والأقارب والجيران والأصدقاء .. فمنذ بداية طلوع شمس أول أيام العيد حتى غروب آخر أيامه والإحسان يعمر ساعاته إيمانا من شعبنا الوفي بأن المجتمع السعيد هو الذي تسمو أخلاقه في المناسبات ليشمل التراحم والتعاون كل جنباته وتمتد الرحمة والتكافل لتصل إلى كل محتاج ومعدم .. فالمشاركة في السراء والضراء وإدخال السرور إلى كل قلب هو المعنى الحقيقي للعيد لا اليوم نفسه وإن لم يسعفنا المال فليكن بالكلمة الطيبة والابتسامة الحانية فمن نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
ومن يجوب ولايات ومحافظات وقرى السلطنة يجد أن مظاهر الفرح واحدة تقريبا .. فذبح الأضاحي وإعداد المشاكيك والتنور وتناول القهوة والحلوى العمانية ورقصات وأهازيج فرق الفنون الشعبية والمهرجانات التراثية واستعراضات الفروسية والأمسيات الشعرية وغيرها من المظاهر الأصيلة التي يفتخر بها كل عماني إلى جانب حفلات الاستقبال وترابط الأسر وتأجيج روح التآلف والمحبة والتكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد جميعها ملامح مشتركة تبدو جلية وواضحة في كل ربوع الوطن.
لاشك أن الشعب الوفي جميعه يحسد أهالي ولاية صحار لأن عيدهم كان عيدين .. فإلى جانب فرحتهم بعيد الأضحى المبارك هلت عليهم فرحة كبرى تفوق أي فرحة وهي التشريف السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه .. فقد أشرقت عليهم شمسان الأولى خاصة بيوم العيد والثانية بالإطلالة المشرقة لجلالته أبقاه الله وأدام عليه نعمة الصحة والعافية وجعل أيامه أعيادا متواصلة.
إن مهرجانات الفرح التي بدت واضحة على أبناء ولاية صحار تبرهن على مدى الولاء والوفاء والعرفان الذي يكنه الشعب الوفي لباني النهضة الشامخة وتجسد روح المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع كما أنها رسمت الوجه الحضاري العماني وما يزخر به تراثنا العريق من إنجازات وملاحم شعبية أصيلة .. فقد عبر أهالي صحار عما يجيش في صدر كل عماني من مشاعر الحب والإخلاص لقائدنا المفدى وتجديد للعهد والطاعة لجلالته أعزه الله.
لقد مرت المناسبة السعيدة رغم وقوع بعض الشوائب والسلوكيات السلبية التي عكرت صفو الفرحة الكاملة والتي تنم عن عدم شعور مرتكبيها بالمسئولية تجاه الوطن وممتلكاته العامة وتتنافى مع القيم العمانية الأصيلة مثل ذبح الأضاحي بقارعة الطريق أو على عتبات المنازل والمزارع وليس في المسلخ مما أدى إلى تكون برك من المياه الملوثة بدماء الأضحية في بعض الأحياء السكنية إلى جانب تناثر مخلفات الذبح على جوانب الطريق وأمام المنازل وهذا بالتأكيد يتعارض مع شروط البيئة الصحية لأن هذه المخلفات تجذب الحشرات حولها التي بدورها تنشر الأمراض والأوبئة ناهيك عن تشويه المظهر العام لشوارعنا وبلادنا بصفة عامة .. كذلك قيام البعض بالشواء في المتنزهات والحدائق العامة التي تعد الرئة الطبيعية للجو والتي يلجأ إليها كل من يريد أن يبتعد عن صخب وزحام المدينة ويمتع أبناءه بوسائل الترفيه المختلفة فنراهم يتركون وراءهم مخلفات الطعام وقد يتسببون بحرق بعض نباتات الحديقة نتيجة السواء باستخدام الفحم الذي تتطاير شراراته لتطال الأشجار والنباتات الجافة .. وهذه السلوكيات السلبية وغيرها في حاجة لتوعية حتى لا تتكرر في الأعياد المقبلة.
ندعو الله أن يعيد على السلطنة كل المناسبات السعيدة أعواما عديدة وهي تحتمي بمظلة الأمن والأمان والعز والمجد في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وأدام عليه الصحة والعافية والعمر المديد.

* * *
هل تنجح النساء في فك حصار غزة ؟
مازال الفلسطينيون يرزحون في قطاع غزة تحت نير الحصار الخانق الذي فرضته عليهم قوات الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من عشر سنوات .. ورغم الوضع المأساوي الذي يعيشه أهالي غزة من نقص في المواد الغذائية والكهرباء والوقود وتلوث المياه وقلة الأدوية والخدمات الطبية حتى المنازل والبنية التحتية مدمرة نتيجة القصف الجائر الذي صبته على رؤوسهم إسرائيل إلا أن أحدا في المجتمع الدولي لا يحرك ساكنا لإنقاذ هؤلاء الفلسطينيين من هذه المعاناة وكل ما يستطيع القيام به هو تقديم بعض المساعدات البسيطة بين الفينة والأخرى التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. حتى المبالغ المالية التي تعهدت بها دول كثيرة بعد حرب الرصاص المصبوب التي شنتها القوات الإسرائيلية الغاشمة لإعمار ما تم تدميره في غزة لم تف بها ومازال سكان القطاع يعانون من الحصار ويحلمون بالعيش الكريم.
وحاليا تستعد قافلة دولية جديدة ولكن هذه المرة نسائية ومكونة من سفينتين صغيرتين هما "أمل" و"الزيتونة" ويشارك فيها عدد من الناشطات في العمل السياسي والحقوقي والإعلامي من دول مختلفة عربية وأجنبية انطلقت من ميناء برشلونة بأسبانيا متجهة إلى القطاع بهدف كسر الحصار غير القانوني المفروض على غزة وتسليط الضوء على معاناة أهله خاصة المرأة الفلسطينية ليكون الأسطول الرابع الذي يكشف الوجه القبيح لبني صهيون.
بالطبع الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين رجل وامرأة طفل أو شيخ أو شاب فسياسة القمع واحدة والظلم يتوزع بالتساوي على كافة طوائف البشر طالما لا ينتمون للجنس اليهودي.
لاشك أن شجاعة هؤلاء الناشطات المشاركات في القافلة يحسدن عليها فهن لم يكتفين بالمكوث في المنزل أو حتى رفع الشعارات في بلادهن والمطالبة شفهيا بكسر الحصار الخانق على أهل القطاع ولكنهن غامرن بكرامتهن وأمنهن وذهبن بهدف إرسال صرخة مدوية في وجه العدو الغاشم عسى أن تجد هذه الصرخة صدى دوليا فيتحرك المجتمع الدولي لمساعدة شعب يعاني أشد صنوف الظلم.
نتمنى أن تتغلب شجاعة النساء على ظلم قوات الاحتلال فيتم فتح ملف قطاع غزة على المستوى الدولي وتستطيع القافلة منح القطاع الحرية التي يتطلع إليها وشعبه حقه في الحياة الكريمة .. فرفع الظلم وتحقيق العدالة أولي خطوات استقرار المنطقة ولقد آن الأوان لرفع الحصار غير القانوني حتى يعم الأمن ليس منطقة الشرق الأوسط وحدها بل العالم أجمع.
لاشك أن الدعم اللامحدود لانتهاكات الدولة العبرية شجعها على الاستمرار فيها .. فهي مازالت تعيث في الأرض فسادا ولم يظهر على السطح من يردعها ويعيدها إلى حجمها الطبيعي المتناهي في الصغر وكل ما يحدث على أرض الواقع هو الصمت المطبق والتغاضي عما تقوم به من تجاوز للحد بالرغم من أنها تثبت مع الأيام بما لا يدع مجالا للشك أنها لا تسعى للسلام بالمرة وأنها دموية بطبعها ويوهم لها عقلها المريض بأن استقرارها يأتي من عدم تمتع الآخرين بأي استقرار فنراها تنشر بذور الفتنة والحرب في كل مكان حولها حتى ينشغل من حولها بأمورهم الخاصة فيغضون الطرف عما تفعله .. حتى دعاة السلام لم يأمنوا شرها.
إن ما قامت به إسرائيل ضد أناس أبرياء أهدافهم نبيلة كل ذنبهم أنهم سفراء للإنسانية والخير يؤكد بوضوح ضرب الصهاينة بكل المبادئ والقيم الدولية والإنسانية عرض الحائط وأنها تشكل خطرا حقيقيا على العالم كله وليس المنطقة فقط وهذا ما يجب أن يوظفه العرب للضغط على المجتمع الدولي لردع الدولة العبرية وإعادة الحقوق المسلوبة لأصحابها الحقيقيين .. فكفى العرب صمتا وسباتا عميقا وعليهم أن يستفيقوا قبل أن يندموا على يوم لا ينفع فيه الندم فعبارات الشجب والتنديد والاستنكار لم تعد تجدي نفعا.

* * *
آخر كلام
ليس العيد لمن لبس الجديد .. ولكن العيد لمن خاف يوم الوعيد.