أمستردام - مدريد - - وكالات
اجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين في أمستردام لمناقشة الأخطار التي تهدد القارة، بدءا من التهديد الإرهابي، بالموازاة مع إنشاء وكالة أوروبية جديدة لمكافحته، وصولا إلى المخاوف انهيار منطقة شنغن نتيجة أزمة هجرة حادة. ويشكل هذا الاجتماع غير الرسمي الذي لا يفترض أن يصدر عن قرارات، فرصة للافتتاح الرسمي للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب ضمن هيكلية إدارة الشرطة الأوروبية (يوروبول).
وأوضح مدير «يوروبول» روب وينرايت لوكالة فرانس برس أن المركز عبارة عن «بنية دائمة اتخذ قرار بإنشائها على المستوى السياسي، وتقدم للمرة الأولى في أوروبا مركزا عمليا مكرسا لأنشطة تجري على مستوى القارة حول مسائل الإرهاب الحساسة».
ومن المفترض أن يسد هذا الصرح إحدى الثغرات الرئيسية في مجال مكافحة الإرهاب على المستوى الأوروبي، وهي ضعف تبادل المعلومات بين الدول التي لا تتبادل الثقة الكافية للتعاون في المجال الاستخباراتي الحساس.
وستحتل مسألة الإرهاب حيزا كبيرا من محادثات الوزراء الاثنين، بالإضافة إلى المناقشات حيال مسألة «المقاتلين الأجانب» ومكافحة تهريب الأسلحة.
وفي حديث تلفزيوني على قناة «فرانس 5» مساء أمس الأول الأحد، قال وزير الداخلية الفرنسي بيرنار كازنوف: «سنمارس ضغوطا كبيرة على المؤسسات والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
وأوضح أنه ينبغي أن «نغادر الاجتماع مع مشروع جدول زمني»، ومع إرادة «اتخاذ إجراءات أولية ملموسة مع نهاية الربع الأول من العام 2016».
على المحك
بحث أيضا وزراء الداخلية خلال اجتماعهم الأول تحت رئاسة هولندية لمجلس أوروبا أمس الاثنين أزمة الهجرة التي ما زالت تثير الانقسام في الاتحاد.
وبحسب مصادر أوروبية، فإنه يتكرر النقاش حول إمكانية تمديد إجراءات المراقبة على الحدود الداخلية لمنطقة شنغن للحدود الداخلية المفتوحة في الاتحاد. وعادة ما يكون الحد الأقصى لهذه الإجراءات ستة أشهر.
وهددت النمسا السبت الفائت بـ»الطرد الموقت» لليونان من فضاء شنغن في حال لم تشدد أثينا مراقبتها للحدود حيال تدفق المهاجرين. ورد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في حديث صحافي بأن «أشباه الحلول مثل استبعاد دول من فضاء شنغن لا تفضي إلى أي تقدم، ولا تقلص خصوصا دفق اللاجئين، فيما تحدث انقساما في أوروبا».
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها تهديدات مماثلة، ما يدل على سخط بعض الدول حيال عجز اليونان على الحد من تدفق المهاجرين الذين يصلون إلى أراضيها من تركيا قبل أن ينتقلوا إلى أوروبا الشمالية.
في ديسمبر سبق أن أكد وزير الهجرة في لوكسمبورج جان اسلبورن الذي كانت بلاده تتولى رئاسة مجلس أوروبا، أن استبعاد دولة عضو من فضاء شنغن مستحيل قانونيا.
وسيناقش وزراء الداخلية الأوروبيون أيضا اقتراح المفوضية الأوروبية إنشاء هيئة تضم خفر سواحل وحرس حدود لاستعادة السيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد. ومن حيث المبدأ، فإن فكرة المفوضية لا تلقى معارضة علنية بارزة، لكن حتى بين الدول الداعمة للمقترح، تبدو إرادة المفوضية تشغيل هذا الجهاز في بلد لا يريده غير واقعية.
وبعد اجتماع وزراء الداخلية أمس الاثنين، يلتقي وزراء العدل الأوروبيون اليوم الثلاثاء في أمستردام لمناقشة مكافحة الجريمة الإلكترونية. كما سيتطرقون إلى موضوع إنشاء قاعدة بيانات لتبادل المعلومات حول السوابق الجنائية لمواطنين غير أوروبيين، وهو اقتراح قدمته المفوضية الأوروبية في إطار مكافحة الإرهاب.
خسائر «ميركل»
من جانب آخر قالت صحيفة الإكونوميستا الإسبانية أن أزمة اللاجئين أصبحت على رأس أولويات حكومة أنجيلا ميركل، حيث إن هذه الأزمة أدت إلى انخفاض شعبية ميركل في الفترة الأخيرة مما يعجل بنهاية المرأة الحديدية، وجعلتها تخوض معركة صعبة داخل صفوف حزبها في المقام الأول.
وأشارت الصحيفة إلى أن اليمين المتطرف في ألمانيا هو المستفيد الأول من انخفاض شعبية ميركل ومن أزمتها الحالية مع اللاجئين، وتظهر نتيجة الاستطلاع أن اليمين يحقق مكاسب سياسية مستثمرا الخوف والقلق في ألمانيا من موجات لاجئين اجتاحت البلاد في 2015. وتدفق 1.1 مليون من طالبي اللجوء على ألمانيا في العام الفائت ما أثار القلق وحفز دعوات من مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد لتغيير في تعامل ألمانيا مع عدد اللاجئين الذين يتدفقون على أوروبا فرارا من الحرب في سوريا وأفغانستان وأماكن أخرى. ويؤثر القلق المتزايد إزاء قدرة ألمانيا على التعامل مع تدفق اللاجئين والقلق إزاء الجريمة والأوضاع الأمنية بعد الاعتداءات التي تعرضت لها نساء في رأس السنة في كولونيا على التأييد لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وشريكه في الائتلاف حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي. ولفتت الصحيفة إلى أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا بدأ يضغط على المستشارة الألمانية في أزمة اللاجئين، واتهم ساسة اشتراكيون بارزون كل من حزب ميركل المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا، المكونان لاتحاد ميركل، الذي يشكل الائتلاف الحاكم مع الحزب الاشتراكي، بأنهما يعرضان قدرة الائتلاف على الحكم للخطر، من خلال نزاعهما على النهج الصحيح في أزمة اللجوء، وطالب الاشتراكيون بقيادة واضحة. وأوضحت الصحيفة أن هناك خلافا داخل اتحاد ميركل المسيحي منذ شهور حول سبل الحد من أعداد اللاجئين، ويطالب الحزب البافاري بتحديد حد أقصى للاجئين، ومن جانبها تعتمد ميركل على حل أوروبى.
من جانب اخر يتمسك الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا الألمانية بنهجه الصارم في سياسة اللجوء ويعتزم إجبار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على تغيير نهجها ووضع حد أقصى لتدفق اللاجئين.وقال رئيس الحزب هورست زيهوفر أمس الاثنين خلال اجتماع الحزب في مدينة ميونيخ: «يجب أن تحدث نقطة التحول خلال الأسابيع أو الشهور القادمة». وأكد بقوله: «لن نستسلم».
يشار إلى أن حكومة ولاية بافاريا تعتزم مطالبة الحكومة الاتحادية غدا الثلاثاء في خطاب رسمي بحماية فعالة للحدود الألمانية. وقال زيهوفر إن جميع المحامين الدستوريين متفقون أن الحكومة الاتحادية ملتزمة بذلك.
وبذلك يبقى الحزب البافاري على نهجه المنازع لسياسة ميركل في أزمة اللجوء.
وقال الأمين العام للحزب أندرياس شوير: «إنني أدعم بالطبع سياسة المستشارة الألمانية- ولكن ليس في مسألة اللجوء».
يشار إلى أن الحزب البافاري وحزب ميركل المسيحي الديمقراطي يكونان الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل الذي يشكل الائتلاف الحاكم في ألمانيا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.