ليلة روحانية لفن المالد بدار الأوبرا السلطانية

مزاج الثلاثاء ٢٦/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٢٠ م
ليلة روحانية لفن المالد بدار الأوبرا السلطانية

مسقط-ش

في أمسية روحانية من الليالي الثقافية بمهرجان مسقط 2016، أقيمت مساء أمس الأول محاضرة وأمسية بعنوان "فن المالد أشكاله وقوالبه ورموزه الموسيقية" بقاعة الميدان بدار الأوبرا السلطانية، وذلك ضمن فعاليات اللجنة الثقافية لمهرجان مسقط بالتعاون مع دائرة التعليم والتواصل المجتمعي بدار الأوبرا.
قدم المحاضرة والأمسية مستشار مجلس إدارة دار الأوبرا السلطانية د.ناصر بن حمد الطائي تخللها أمثلة حية من فصول المالد ورموزه قدمتها فرقة أريج الفنية وفرقة سداب لفن المالد.

النغم والإيقاع
ومع بداية الأمسية قدم د.ناصر الطائي عرضا مرئيا تناول فيه محاور منها خصائص عامة للموسيقي العربية تحدث فيه عن تاريخ الموسيقي قائلا أن الفارق الكبير بين الموسيقى الشرقية التي تفهم أفقيًّا والموسيقى الغربية التى تفهم رأسيًّا، كما تتميز الأولى بالنغم والإيقاع والزخرفة الصوتية، وهي الأمور الغريبة على الأذن الغربية وأن العرب جعلوا من صناعة الآلات الموسيقية فنًّا رفيعًا، والنظريات الموسيقية وأصاحبها كنظرية للفن عند الغزالي في كتاب «آداب السماع والوجد» و « إحياء علوم الدين».

المولد النبوي
وذكر الطائي أن هناك خصائص عامة للموسيقى الدينية العربية كفن المشايخ الذي بدأ مع بداية القرن العشرين، وتاريخ الذكر والسماع الصوفي الذي يعتبر رحلة روحية تسمو فيها النفس إلى أعماق العقل والحب لترقوا إلى الكمال عن طريق رقص دوراني مصوحبا بالموسيقى، واستعرض إحتفالات بعض الطرق الصوفية في العالم العربي كليلة ذكرى المولد النبوي التي تقام بتلاوة الأذكار والمدائح والأناشيد الدينية ببعض المدن المغربية التاريخية، فالزاوية التيجانية بمدينة فاس التي تستقطب الآلاف لإحياء المولد النبوي التي ينطلق فيها موكب “الشموع” من ضريح زاوية مولاي عبد الله حسون، حيث يحمل المُحتفلون شموعا مُلونة وضخمة ويطوفون بها أسوار المدينة القديمة مع اختلاف الأدوات والطرق المستخدمة للاحتفال بين منطقة وأخرى.

فن المالد
وتناولت المحاضرة أيضا خصائص الموسيقى التقليدية العمانية فهي متنوعة وثرية في لغتها الموسيقية وصيغتها الفنية وأساليب أدائها اللحنية والإيقاعية فهي تعكس العلاقات الاجتماعية والثقافية التي نسجها العمانيون عبر القرون مع محيطهم الجغرافي والاجتماعي العربي والآسيوي والأفريقي، وعرج الطائي للتعريف بالمالد ونصه الكتابي وأقسـامه وعوائده ومصادر التواشيح الدينية المؤداة في البرزنجيّ والجوانب الموسيقية المالد كالإنشاد الصوتي ومشاركة الايقاعات (التار): حسب الطريقة المقام الموسيقي (بياتي، حجاز، راست الخ...تجنب الصبا والنهاوند) والإرتجا وإعادة المقاطع او التعقيب (الكورال).

التعددية الأدبية
وأشار الطائي في حديثه إلى الايقاعات الموسيقية المستخدمة في فن المالد كالتار والتعددية الأدبية للإطار الفني للمالد كتعددية التقديم فردي أو جماعي أو بالتناوب بين الارتجال الحر التناوب بين الإرتجال الحر (الرواية) وبين الاجزاء الملحنة (الاناشيد) التناوب بين القراءة والإنشاد، وقال يشارك في أداء فن المالد بين 20 إلى 25 رجلاً يجلسون على الأرض ويواجهون بعضهم البعض في صفين متعادلين ويتألف إحدى الصفين من المنشدين الإنفراديين ويجلس في الصف المواجه عدداً مماثلاً من المشاركين يسمى (صف الرديده: اولاد المالد) ويقوم بدور الرد الكورالي على المنشدين المنفردين.

نظام فني
وفي حديثه عن أركان فصل الهوامة المستخدمة في فن المالد مثل الرواية والمنظومة والفصل والتوحيد والقفلة قدمت فرقة أريج الفينة من محافظة شمال الباطنة أمثلة حية التي تناغمت معها الأصوات وحركات الرأس لتتجلى مشاعر روحانية دينية في كلماتها التي تتحدث عن سيرة الرسول أو عن شمائلة -صلى الله عليه وسلم-، وقدمت فرقة أنوار لفن المالد من ولاية السيب أمثلة حية من ثيمات الهيام والوجد الروحي في المالد الذي يتعبر نظام فني متكامل بتعدديته الأدبية والنغمية ويشكل إبتعاد المؤدين عن المقامات "المشحونة" بعواطفها وعياً حسيّاً نحو الإلتزام بالنهج العُماني المتوازن في الأداء يشمل المالد لحضات الوجد والهيام والعشق الرباني الخالص المجردة من الماده وهي أصفى اللحضات الإنسانية للتقرب مع الخالق دون حواجز.

تناغم حضاري
وهكذا تستمر رحلة التنوع الثري لفعاليات مهرجان مسقط الثقافية 2016 في تناغم حضاري الفكري الذي يجدد سطور الموروث العماني الأصيل لفن المالد الذي يعكس ثراء للترابط الاجتماعي لهذه الطقوس الدينية التي تبرز إبداع الإنسان العماني وخصوصيته ومن هنا تبرز أهمية الحفاظ على هذا الموروث الديني في أشكاله الدينية والروحانية الصافية البعيدة عن التصنع والإبتذال.