من هي المرأة "العوده"؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٢٣ م

لميس ضيف
حتى السبعينات من القرن الفائت، كانت الفتاة تزوج في دولنا بعد بلوغها في سن الثانية أو الثالثة عشر. وكان الولد يزوج في السابعة عشرة. كان الطفل الأول يأتي بعد الزواج مباشرة ويتوالى بعده الحمل دون فاصل زمني يتيح للمرأة الراحة. لم تكن هناك مطاعم take away ولا وجبات جاهزة ومعبئة سلفا وكانت الأم توفر لعائلتها ثلاث وجبات معدة منزليا. لم تكن هناك خادمات للمساعدة، لذا كانت الأم تغسل بيديها وتكنس وتمسح وتقوم بأعمال مرهقة جسديا حتى وهي حامل، ولم تكن هناك عناية صحية بالمستوى القادر على التعاطي مع مشاكل المرأة الصحية. ولم يكن هناك " غيرلان" ولا " بويدندس" ولم تكن عناية المرأة ببشرتها من أولوياتها أصلاً.
بالمفاد كانت الحياة تستهلك المرأة.. وتستهلكها مبكرا.. فإن هي ما بلغت منتصف الثلاثين وجدت بكرها أصبح شابا في عمر الزواج وتزوج وأنجب فتحولت – هي – لجدة!
وما أن تصبح جدة حتى تتقمص بالفعل دور الجدة وتعيش في سجنه وهي لم تبلغ الأربعين بعد!
لذا من البديهي أن تُعتبر المرأة في الثلاثين آنذاك "عانس" بل وقبل هذا العمر أيضا. وتُحسب المرأة في الأربعين "عوده" بمعنى مسنة في لغتنا الدارجة.
ولأننا قوم ( إنا وجدنا آباءنا وأجدادنا على ذلك)، ولأن اجترار مفاهيم وعادات الماضي جزء من أمراضنا الاجتماعية. فقد أخذنا تلك التعريفات معنا من عصر الجدات وطبقناها على واقع مختلف اليوم بالنسبة للنساء والرجال أيضا.
فاليوم ينفق الفتى/ الفتاة الـ12 عاماً الأولى في التعليم المدرسي وثلثهم في التعليم الجامعي. ويتخرج الواحد منهم وهو في 22 عاماً ولا يجد الوظيفة تنتظره بالطبع فينفق عامين بالمتوسط ليعمل ومثلهم ليشتري مركبة ويرتب حياته. وضعفهم – او أكثر – ليتهيأ للزواج.
لذا تأخر سن الخطوبة بالنسبة للشابة والشاب ليتراوح بين 24-28 عاماً بالمتوسط. ونحن نتحدث هنا عن الخطبة التي يأتي الزواج بعدها بعام أو عامين.
في السن الذي كانت المرأة تتحول فيه لجدة تتحول النساء اليوم لأمهات. وحياة المرأة الرغيدة تسمح لها أن تبدو أصغر من عمرها بعشر سنوات لأنها تنعم بمساعدة الخدم والآلات الكهربائية وتُعالج بكفاءة كل مشكلة صحية تواجهها .
الشابة في الثلاثين اليوم ليست "عانسا" . ولا المرأة في الأربعين "كبيرة" وليست "عجوزا" في الخمسين. بل أني أقابل نساء في الستين في قمة التوهج والعطاء ولديهن طاقة جميلة يحسدن عليها. بكل ما يتوفر اليوم من معطيات ودعم للمرأة لا تشيخ إلا من تختار الشيخوخة أو تُكره عليها بفعل الأمراض.
فالزمن تغير والنساء كذلك.. فلا تلوكوا تعريفات عفى عليها الزمن..