أسعار السلع توقف سلسلة خسائرها

مؤشر الأحد ١٨/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٥:٥٠ ص

دبي- أولي هانسن

استعادت السلع أدائها القوي لأول مرة منذ ثلاثة أسابيع مع دعم عمليات الشراء واسعة النطاق لمعظم القطاعات. واستمر الدولار بالتراجع ومن المرجح أن يكون هذا الأمر قد ساعد في دفع عجلة الطلب بشكل جزئي، وخصوصاً القفزة الأولية التي حققتها المعادن الثمينة.
وتلقى قطاع الطاقة دفعةً قويةً بسبب الهبوط الحاد في مخزونات النفط الخام الأمريكية، في حين شهدت أسواق الحبوب تعديل الصفقات القصيرة مع صدور التقرير الشهري لوزارة الزراعة الامريكية يوم 12 سبتمبر.
وتلقت المعادن الثمينة دفعةً مبكرةً بواسطة البيانات الاقتصادية الأمريكية التي جاءت على نحو أضعف من المتوقع. ومع ذلك، تم اعتبار الفشل في توسيع نطاق حالة الصعود هذه في إطار الاستجابة إلى الضعف المتزايد للدولار الأمريكي كإشارة على عدم استعداد المستثمرين حتى اللحظة للارتقاء بها إلى مستويات أعلى.
وحققت المعادن الصناعية نتائج متضاربة مع تقابل المكاسب التي حققها النيكل والنحاس بحالة الضعف التي شهدها كل من الرصاص والزنك. وصمد النحاس فوق أدنى مستوياته خلال الشهرين الماضيين إلا أنه بات يكافح بشكل متزايد للخروج من مجاله الضيق نسبياً مع قدرة الدولار الأضعف على تعويض ضعف الأساسيات.
وحقق الذهب أداءً قوياً خلال الأسبوع الماضي، حيث ساعدت البيانات الاقتصادية الأمريكية الضعيفة على التسبب بالمزيد من الضعف لكل من الدولار وعائدات السندات. وبعد العثور على مقاومة فوق مستوى 1،350 دولاراً للأونصة، ظهرت عمليات جني الأرباح مرةً أخرى بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي الذي انعقد يوم الخميس وشهد قيام رئيس هذه المؤسسة ماريو دراجي بتخفيف حدة التكهنات حيال تقديم المزيد من التسهيلات وتخفيف القيود.
وبالرغم من كون هذا الأمر قد ساعد بالفعل على إضعاف الدولار بشكل أكبر، إلا أن غياب المتابعة كان بمثابة مؤشر واضح على عدم استعداد مستثمري الذهب حتى اللحظة للاندفاع نحو مستويات أسعار أعلى خلال هذه المرحلة. وقفزت عائدات السندات الأمريكية والألمانية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوىً لها خلال الشهر كإشارة واضحة إلى أي مدىً أصبحت أسواق السندات تعتمد على سياسات نقدية ميسرة أكثر من أي وقت مضى.
وتمكن المستثمرون الذين يستخدمون الصناديق المتداولة في البورصة والمدعومة بالذهب من الحفاظ على موقع ثابت تقريباً خلال الأسابيع الخمسة الماضية، في حين تجاوزت مبيعات المتداولين التكتيكيين –كصناديق التحوط- مشترياتهم على مدى ستة من أصل ثمانية أسابيع ماضية.
وعلى المدى القصير، نحن نبحث عن ظهور دعم بين 1،334 و1،328 دولار. ويعتبر هذا الأمر بمثابة خرق من شأنه أن يجابه الصعود الأخير ويمكن له أن يعود بالذهب لاختبار مستوى دعم رئيسي عند 1،300 دولار. ومن منظور طويل الأجل، نحن نتوقع عودة الذهب إلى هذا المستوى لكن مع رفض العودة إلى أدنى سعر له قبل استفتاء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عند 1،250 دولاراً للأونصة كقاعدة جيدة يمكن عندها إجراء محاولة أخرى لدفعه نحو الأعلى.
عاد الذهب إلى سعر 1،336 دولار للأونصة، وهو متوسط الأسعار الذي شهدته فترة ما بعد استفتاء البريكسيت في 23 يونيو.
النفط الخام
وتبقى مستويات التقلب التي يشهدها النفط الخام مرتفعةً إلا أنه يواصل التداول ضمن نطاقات أسعار ثابتة. وبعد الأداء القوي خلال شهر أغسطس بمناسبة تجدد التكهنات بتجميد الإنتاج، خضعت السوق لعمليات بيع جديدة مدفوعة باعتقاد مفاده عدم استعداد الدول المنتجة للنفط من أعضاء منظمة أوبك والدول المنتجة من خارج أوبك للتوصل إلى اتفاق حتى الآن.
وخلال الأسبوع الماضي، شهدت السوق تصاعداً إضافياً مدفوعاً بمزيج مكون من ضعف الدولار والأخبار المفاجأة التي تشير إلى أن المخزونات الأمريكية من النفط الخام شهدت أكبر انخفاض لها خلال أسبوع منذ عام 1999. وأظهر تقرير المخزون الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاض المخزونات الأمريكية بواقع أكثر من 14 مليون برميل خلال أسبوع واحد فقط. وبالرغم من عدم توازن هذا التقرير بشكل كامل، قام المتداولون بتغطية الصفقات القصيرة أولاً قبل الشروع بطرح الأسئلة ذات الصلة.
وبالنظر على الرسم البياني الوارد أدناه، نجد أن هذا الهبوط نجم عن هبوط الواردات بواقع 2 مليون برميل يومياً. وجاء هذا التخفيض، الذي يعادل حجم ناقلة نفط يومياً، مدفوعاً بإغلاق الموانئ على ساحل الخليج العربي وتحويل مسار ناقلات النفط أثناء اندلاع العاصفة الاستوائية هيرماين. ونظراً لوجوب اعتبار هذا الأمر حدثاً معزولاً وعدم النظر إليه كإشارة على وجود تحول جذري، ينبغي أن تشهد الأسابيع القادمة انتعاشاً حاداً. كما أن حركة الأسعار السلبية قبل نهاية الأسبوع بدأت الظهور.
ومع ذلك، أظهر تقرير حالة البترول الأسبوعي بدوره استمرار الطلب القوي على منتجات التكرير وهو أمر يتعارض مع الاتجاهات الموسمية، في حين هبطت تقديرات إنتاج النفط على مقربة من أدنى مستوى لها خلال العام. ويمكن لهذا الامر أن يشير إلى أن عودة منصات النفط إلى العمل خلال الأشهر الماضية لم تستطع سوى إبطاء حالة انخفاض الإنتاج التي بدأت في شهر تموز الفائت دون أن تستطيع عكسها.
وستتوجه الانظار بصورة متزايدة إلى اجتماع المنتدى الدولي للطاقة المزمع انعقاده في الجزائر بين 26-28 سبتمبر، حيث ستستغل الدول المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة من خارج أوبك الفرصة للنظر في الحالة الراهنة للسوق. وتتمثل رؤيتنا بأنه على الرغم من توقيع كل من روسيا والمملكة العربية السعودية على اتفاق للتعاون في مجال إيجاد أسواق مستقرة، من غير المرجح أن يتم توقيع أي اتفاق خلال هذه المرحلة مع سعر نفط يقارب الخمسين دولاراً للبرميل.
ومن شأن سعر عند هذا المستوى أن يواصل دعم جهود الاستحواذ على حصة سوقية من الدول المنتجة بتكلفة عالية من خارج أوبك، وخاصة في أمريكا الشمالية. كما قامت شركة ’أباتشي كورب‘، أحد أكبر منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، بتسليط الضوء على قدرة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على تحقيق الأرباح عند أسعار أكثر انخفاضاً. وخلال هذا الأسبوع، كشفت الشركة عن عثورها على احتياطي "هائل" من النفط والغاز في منطقة غرب تكساس يمكن أن يقدر بثلاثة مليارات برميل من النفط الخام و75 مليار متر مكعب من الغاز. وتمثل الأمر المثير للاهتمام في هذا السياق باعتقاد ’أباتشي‘ أن المنطقة يمكن أن تدعم بين ألفي وثلاثة آلاف بئر عند سعر 50 دولاراً فقط للبرميل.
ويستمر خام برنت بالتداول وفق نمط مثلثي الشكل. وتوقفت عمليات البيع الواسعة خلال شهر أغسطس قبل الوصول إلى الدعم بعد موجة من التصريحات، وخاصة من قبل وزير الطاقة السعودي. ويعتبر الفشل في الصعود فوق حاجز الخمسين دولاراً للبرميل خلال الأسبوع الفائت بمثابة مؤشر آخر على بقاء النفط محدود المجال خلال الوقت الراهن.
وقامت الكثير من الأجزاء المتحركة كالعرض أو عدم وجود عرض من قبل المنتجين الرئيسيين واتجاه الدولار وموسم صيانة مصافي التكرير والتصريحات الكلامية وأخيراً وليس آخراً التطورات التي شهدتها المراكز المفتوحة التقديرية، على الأقل في الوقت الراهن، بإنشاء بيئة تداول مناسبة في المقام الأول للتداول التكتيكي قصير الأمد.
ينبغي لاختراق حاجز الـ 51.50 دولاراً للبرميل أن يشير إلى تمديد نحو 55 دولاراً في حين يبدو الدعم عند 45 دولاراً راسخاً خلال الفترة الحالية: