اللوم على الطيران العماني... لماذا !

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٠٠ م

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

فور إعلان شركة الطيران العُماني عن تحقيق خفض في خسائرها السنوية لعام 2015 بنسبة 21%، بدأت التغريدات والرسائل تنهمل على وسائل التواصل الاجتماعي، لتقارن أوضاع الطيران العماني مع بعض مثيلاتها من شركات الطيران الخليجية الأخرى الناجحة كطيران الإمارات والقطرية. وهؤلاء الأشخاص الذين طرحوا تعليقاتكم يتساءلون عن عدم تمكن الطيران العُماني من تحقيق الأرباح السنوية حتى اليوم، في الوقت الذي تحقق فيه تلك الشركتان من نتائج إيجابية، متناسين بأن تلك الشركات ظلت أيضا لسنوات عديدة تعاني من مشاكل، وتحصل على الدعم الحكومي، وتحقق خسائر سنوية لسنوات عديدة، حتى تمكنت بالتالي تحقيق نتائج إيجابية خلال السنوات القليلة الفائتة. وهذا ما نتوقعه أيضا من الطيران الوطني أن يحققه خلال الفترة المقبلة.

فإذا تمكنت شركة الطيران العُماني من تحقيق خفض بنسبة 25% في المتوسط في كل عام، فإنه سوف يصل إلى نقطة التعادل خلال السنوات القليلة القادمة لتبدأ بعدها الشركة من تحقيق الأرباح والنتائج الإيجابية للاقتصاد العُماني، خاصة وأن بيانها الأخير يشير إلى أن الشركة تتوقع تحقيق مكاسب مالية مجزية والوصول إلى نقطة التعادل التشغيلية في موارد الشركة المالية بحلول الحادي والثلاثين من ديسمبر من العام 2017. كما أنه وفق هذا البيان الأخير فإنها تتوقع بأن تنخفض الخسائر بنسبة 42% خلال العام الحالي 2016 نتيجة للتغيرات التي تطرأ على أسعار النفط والوقود في العالم، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض المزيد من الدعم عنها، خاصة وأن الدعم الحكومي بدأ في التقلص منذ عدة سنوات مضت ليصل خلال العام الحالي 2016 إلى 35 مليون ريال، مقابل 54 مليون ريال في العام 2015، و130 مليون ريال في العام 2014. هذه الحقائق تتطلب أيضا استيعابها من قبل المغردين والمهتمين بوضع الشركة المالي والتي تقوم بتسيير العديد من الرحلات المباشرة من مسقط إلى عدة مدن عالمية التي لم تكن مجدولة على قائمتها خلال السنوات القليلة الفائتة. كما أن الخسائر السنوية للشركة في تراجع أيضا بحيث انخفضت في العام 2015 إلى 86 مليون ريال عماني مقابل 109 ملايين ريال في العام 2014، بينما من المتوقع أن تنخفض الخسائر خلال هذا العام إلى 50 مليون ريال.

وجميع هذه الحقائق تتوالى في الوقت الذي تسجل فيه الشركة نموا مستمرا من حيث عدد المسافرين على أسطولها أو من حيث تناولها لحجم البضائع. ففي العام الفائت تمكنت الشركة من تحقيق نمو في عدد ركابها بنسبة 26% ليصل عددهم 6.4 مليون راكب، فيما حققت نموا في حركة الشحن الجوي بواقع 30%، في الوقت الذي يتوقع فيه مسؤولي الشركة بأن تحقق الشركة زيادة في عدد ركابها بنسبة 14.1% وفي عدد رحلاتها بنسبة 11.2 %، بالإضافة إلى تعزيز حركة الشحن الجوي بنسبة 50 %.

فالرؤية الطموحة لدى الشركة تؤهلها بأن تتواصل النمو الإيجابي لتحصد المزيد من النتائج الجيدة خلال السنوات المقبلة، وتحقق المزيد من التوسع في حركتها حول مدن العالم من خلال استخدامها لأحدث الطائرات التي اقتنتها من الشركات العالمية، حيث من المتوقع أن تزيد رحلاتها لبعض المدن العالمية كلندن ليكون للطيران العماني رحلتين في اليوم بدلا من رحلة واحدة بالإضافة إلى تعزيز رحلاتها إلى باريس، وإطلاق خدمات طيرانها لمدن جديدة كمدينة جوانزو بالصين الشعبية في شهر يوليو المقبل، بجانب تعزيز خدماتها إلى المطارات الهندية، وتسيير رحلاتها من مسقط إلى مدن إيرانية جديدة في مشهد وشيراز، خاصة وأن ذلك يأتي في الوقت الذي تم فيه رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بسبب نشاطها النووي، بحيث ستصل عدد الرحلات إلى المدن الإيرانية إلى 21 رحلة في الأسبوع، الأمر الذي سيسهم في تعزيز دور الطيران العماني ومساهمته في تعزيز الحركة السياحية من جهة، وتحقيق نتائج إيجابية فيما يتعلق بالوضع المالي للشركة.

كما يتوقع المسؤولون في الشركة بتعزيز أعمال الطيران العُماني وشراكتها مع الطيران العالمي في مختلف دول العالم، الأمر الذي سيعطي دفعة قوية لأعمال الشركة، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد العماني، ولتصبح مسقط لاحقا مركزا رئيسيا لحركة الشحن بين أوروبا وآسيا وأفريقيا ودول المنطقة. ومما لا شك فيه فإن البرنامج الطموح للطيران العُماني من خلال توسعه في المدن العالمية يؤكد التزامه التام بتحقيق الربحية المستدامة وبما يسهم إيجابا في دعم كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع العُماني، وذلك من خلال تشغيل وتدريب وتأهيل المزيد من الكوادر العُمانية من جهة، وخفض التكاليف الجارية في الأعمال، ومكافحة الفساد للذين يريدون الإساءة لسمعة هذه الشركة الوطنية من جهة أخرى، بجانب تقديم المزيد من الدعم لمبادرات المسؤولية الاجتماعية، مع ضرورة التزامها بالحفاظ على تقديم أعلى معايير الجودة في خدماتها.