" فتيات شيبوك " .... ثلاثون شهرا في قبضة بوكوحرام

الحدث الأحد ١٨/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٥:١١ ص
" فتيات شيبوك " .... ثلاثون شهرا في قبضة بوكوحرام

ابوجا (نيجيريا) – ش

اعترفت الحكومة النيجيرية للمرة الاولى بانها اخفقت في مفاوضاتها مع بوكو حرام لتحرير الفتيات اللواتي خطفن قبل سنتين ونصف السنة في بلدة شيبوك وما زلن محتجزات لدى هذه الجماعة المتطرفة.
وكشف وزير الاعلام النيجيري لاي محمد في مؤتمر صحافي ان اجهزة الاستخبارات النيجيرية بدأت المفاوضات مع الجماعة الجهادية في 17 يوليو 2015 اي بعد شهرين ونصف بالكاد من انتخاب الرئيس محمد بخاري، حول الفتيات البالغ عددهم 218.
واضاف ان الاستخبارات اجرت ثلاث جولات من المفاوضات خصوصا لمحاولة مبادلتهم بسجناء صدرت على بعضهم احكام لشنهم هجمات اسفرت عن سقوط قتلى، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.
وتابع الوزير النيجيري ان هذا التبادل "كان يصعب قبوله لكن الرئيس اعطى موافقته معتقدا ان الافراج عن الفتيات امر مقدس". واكد ان عملية التبادل كانت جاهزة لتنفيذها منذ اغسطس 2015، لكنها اخفقت في اللحظة الاخيرة.
وتابع ان جولتين اخريين من المفاوضات جرتا في العاشر من ديسمبر 2015 وكذلك مطلع 2016.
واوضح محمد انه "على الرغم من انقسام المجموعة الارهابية الذي اثر بشكل كبير على جهودنا لتحرير الفتيات، ضاعفنا الجهود في حوارنا مع مصادرنا واشخاص آخرين".

عملية الاختطاف
وكانت جماعة بوكو حرام خطفت 276 تلميذة من احدى المدارس الثانوية في شيبوك في 14 نيسان/ابريل 2014. وقد تمكنت سبع وخمسون منهن من الفرار في الساعات التي تلت خطفهن وعثر الجيش على احداهن في مايو.
وبثت الجماعة في اغسطس تسجيل فيديو للفتيات على موقع يوتيوب بعد اشهر من الصمت والتساؤلات حول وضعهن الصحي.
ورغم انتصارات عسكرية عدة منذ تولي الرئيس النيجيري محمد بخاري الحكم في 2015، لا تزال الجماعة تسيطر على العديد من المناطق في شمال شرق نيجيريا.
واسفر تمرد بوكو حرام منذ 2009 عن اكثر من عشرين الف قتيل واجبر 2,6 مليون على النزوح.
واثارت عملية الخطف الجماعية غير المسبوقة موجة من الاستنكار في نيجيريا وفي جميع انحاء العالم شملت كبار النجوم الذين شاركوا في هاشتاغ "اعيدوا لنا الفتيات" ("#برينغ باك آور غيرلز").
ووفرت للجماعة ما كانت تنتظره منذ اربع سنوات وهو الحصول على اعتراف دولي.
واعتبر يان سانت بيار من مجموعة الاستشارات الامنية "مودرن سيكيوريتي" (موسيكون) ان "الدوي" الذي احدثته عملية الخطف في تلك الاونة "فريد من نوعه".
وقال سانت بيار "رغم ان رهائن اخرين محتجزين لدى ارهابيين اثاروا ايضا ضجة اعلامية -- الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط في فلسطين او رهائن السفارة الاميركية في طهران في 1980 على سبيل المثال -- الا انها ذلك كان بالاحرى محصورا في مكان. اما في حالة فتيات شيبوك فان رد الفعل الاعلامي كان دوليا.
واستخدام الوسم (الهاشتاغ) للمطالبة بالافراج عنهن جعل من الفتيات اقوى سلاح للجماعة.
وراى المستشار في مكافحة الارهاب "ان ذلك بالنسبة اليهن نعمة -- لان شهرتهن تحميهن بعض الشيء -- ونقمة لانهن اصبحن عملة تبادل بالنسبة لبوكو حرام" في اشارة الى مطالبة الجماعة في شريط الفيديو الجديد بالافراج عن مقاتليها المعتقلين.

لسن حالة فريدة
لكن "فتيات شيبوك" لسن للاسف حالة فريدة. ففي 14 ابريل تاريخ الذكرى الثانية لعملية الاختطاف، تذكر منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) بان "الفين الى سبعة آلاف سيدة وفتاة ما زلن قيد الاسر" غالبا ما تم تزويجهن بالقوة او اجبرن على القيام بعمليات انتحارية.
واكد توبي فريكر من هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة والعاملة في ابوجا لفرانس برس "انها ليست مجرد تقديرات فان العدد يرجح ان يكون اكبر"، مضيفا "ان شيبوك ليس سوى جزء من المأساة التي تحل بالفتيات والصبيان على حد سواء".
وفي الواقع كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش مطلع اغسطس ان 10 الاف صبي "احيانا حتى في الخامسة من العمر" لا يزالون مفقودين. وفي نوفمبر 2014 خطف ثلاثمئة طفل من اهلهم في مدينة داماساك بولاية بورنو.
وروت ناجية من مجزرة باما في الاول من سسبتمبر 2014 لفرانس برس قبل بضعة اشهر ان رجال المدينة احتجزوا ومن رفض منهم الانضمام الى الجماعة قتلوا.
وقال منير سيف الدين من مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة "ان فتيات شيبوك اصبحن رمزا". رمز لعشرات الاف الضحايا، رمز لنزاع باكمله.
حتى ولو ان الجيش النيجيري احرز انتصارات عسكرية عديدة، وحتى ولو اكد الرئيس محمد بخاري ان "بوكو حرام مهزومة تقنيا" فان الحرب لن تنتهي فعلا الا بالافراج عن هؤلاء الفتيات.

مفاوضات باءت بالفشل
في الرابع عشر من أغسطس الفائت أعلنت الحكومة النيجيرية أنها "على اتصال" مع جماعة بوكو حرام بشأن شريط فيديو جديد بثته الجماعة يظهر ما قالت إنهن تلميذات خطفتهن قبل عامين في شيبوك بشمال شرق نيجيريا. وفي هذا الشريط دعا رجل الحكومة النيجيرية إلى الإفراج عن مقاتلي بوكو حرام المعتقلين.
وقال وزير الإعلام النيجيري لاي محمد سعيد في بيان "بما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاتصال بنا بشأن هذه القضية، نريد التأكد من أن الذين نحن على اتصال بهم هم أنفسهم" الجهة التي يدعون تمثيلها.
وقال رجل يخفي وجهه بعمامة في شريط فيديو مدته 11 دقيقة بث على موقع يوتيوب "عليهم أن يعرفوا أن بناتهن ما زلن معنا". ويظهر التسجيل فتيات محجبات يرتدين عباءات سوداء، يجلس بعضهن أرضا بينما وقفت أخريات وراءهن. وأضاف الرجل مرتديا بزة عسكرية أن "نحو أربعين منهن تم تزويجهن بينما قتلت أخريات في عمليات قصف جوي". وقال "عليهم أن يطلقوا فورا سراح إخواننا المحتجزين لديهم"، متوعدا بأنه إذا لم يتم الإفراج عن السجناء، فلن تكون الحكومة النيجيرية قادرة على إنقاذ الفتيات.
وتحدثت في الشريط فتاة بلهجة شيبوك المحلية، وحاولت حبس دموعها خلال وصفها هجوما جويا شنته القوات المسلحة النيجيرية. وفيما كانت الفتاة تتحدث عن الغارات، بدا في الخلفية عدد من الفتيات اليائسات يمسحن دموعهن، وكانت إحداهن تحمل طفلا.
وبث الشريط بعد شريط آخر نشر في 4 أغسطس توعد فيه الشكوي المتواري عن الأنظار، بتكثيف القتال، ليدحض ما يشاع عن انقسامات داخل التنظيم الإسلامي النيجيري المتطرف.

عمليات تمشيط
يذكر انه قتل 38 عنصرا من جماعة بوكو حرام وأصيب جنديان بجروح خلال "عمليات تمشيط" نفذها عسكريون من النيجر وتشاد الأسبوع الحالي في منطقة ديفا (جنوب شرق النيجر)، بحسب ما أعلن الجيس النيجري امس الاول الجمعة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع النيجرية الكولونيل مصطفى ليدرو للتلفزيون الرسمي أن "الحصيلة الإجمالية الأولية هي التالية: من صفوفنا، أصيب جنديان بجروح طفيفة. في صفوف الأعداء قتل 38 إرهابيا".
وأضاف ليدرو إنه تم الإستيلاء في الوقت نفسه على "كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر" التي تعود للمتمردين.
وأوضح أن الجيشين النيجري والتشادي شنا "عمليات تمشيط" بعد "هجمات" بوكو حرام في مناطق "تومور وغيسكيرو في 12 و14 سبتمبر".
ولم يقدم البيان أي تفصيل حول هجوم غيسكيرو الذي نفد الأربعاء.
ولكن بحسب سكان ومنظمات غير حكومية محلية، فإن عناصر من بوكو حرام "هاجموا مساء الأربعاء قرية غيسكيرو" الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا من مدينة ديفا "من دون وقوع ضحايا".
وفي مطلع يونيو تمكنت الجماعة الاسلامية المتمردة في اعقاب هجوم واسع النطاق شنته على بوسو وشارك فيه المئات من عناصرها، من دحر القوات الحكومية التي خسرت يومها 24 من عناصرها اضافة الى سقوط عدد غير محدد من القتلى المدنيين، قبل ان تستعيد قوات نيامي السيطرة على المنطقة عبر هجوم مضاد.