شركات حكومية استراتيجية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٦/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٠٤ م
شركات حكومية استراتيجية

على بن راشد المطاعني

تكتسب التوجهات الحكومية الجديدة في إنشاء وادارة الشركات التي تمتلكها الحكومة ، أهمية كبيرة للعديد من الجوانب لعل من اهمها ،هيكيلة هذا الاستثمارات الحكومية بشكل يتواكب مع متطلبات البلاد من الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية ، و رفد حاجة السلطنة الى تنويع مصادر الدخل ،و جذب المستثمرين، وتطوير وإدماج الشركات المتخصصة ‏في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية و الخدمية تحت مظلة مجموعات قابضة، وتشكيل مجالس إدارة لها من المختصصين في هذه الأنشطة ،من شأنه أن يحقق العديد من الاهداف الهادفة إلى الارتقاء بالاستثمارات الحكومية في القطاعات الاقتصادية الغير النفطية وتعزيزها بما يسهم في زيادة القيمة المضافة، والتوسع في انشاء شركات أخرى في نفس القطاعات تقدم خدمات جديدة السوق بحاجة ماسة لها، فضلا عن الإشراف على الشركات من خلال أعضاء مجالس إدارة متخصصين يسهموا في التركيز على انشطة الشركات ومجالات عملها ولديهم اطلاع واسع ، يجعل إدارة الشركات في المحك في القيام بأعمالهم بكفاءة عالية، ودقة متناهية في العمل، تلافيا لملاحظات أعضاء متخصصين في مجالات عمل هذه الشركات، الأمر الذي يتطلب المضي فيه والتوسع بشكل كبير ليشمل كل الأنشطة الاقتصادية التي فيها جوانب الاستثمار أو تحتاج إلى تعزيز أكبر في المرحلة القادمة.

أن هيكلية الشركات الحكومية وإضفاء التخصصية لها في الأنشطة الاقتصادية، وانشاء شركات جديدة في مجالات إنتاجية و خدمية جديدة، يعد تحولا كبيرا في تعزيز الاستثمار في السلطنة، و رفد استثمارات القطاع الخاص وإضفاء الثقة للاستثمارات الأجنبية في هذه المجالات و غيرها ،أهمها إعادة ترتيب الاستثمارات الحكومية بشكل أكثر تخصصية وفق القطاعات ‏، من خلال تشكيل شركات قابضة في مجالات الأمن الغذائي و اللوجستيات، و السياحة والتعدين والنفط والغاز، تدير استثمارات الحكومية القائمة وتفتح شركات جديدة في مجالات ذات أهمية، فهذا التحول له أهمية كبيرة في إيجاد كيانات اقتصادية معتبرة في الشأن الاقتصادي مستقبلا في رفد الجهود الحكومية في تنويع مصادر الدخل و التنويع الاقتصادي الهادف إلى زيادة مساهمة الأنشطة الغير النفطية في السلطنة ،خاصة وان أثبتت التجارب السابقة صعوبة استثمارات القطاع الخاص، في هذه القطاعات ذات الأمد الطويل والمتوسط، في ظل تنامي الفرص في السوق في البلاد. فتعزيز الاستثمارات الحكومية في هذه المجالات الحيوية من شأنه أن يحقق أهداف خطط التنمية الاقتصادية و يسرع وتيرة العمل فيها.

الجانب الأهم هو إيجاد أعضاء مجالس إدارات متخصصين في هذه المجموعات من القطاعات نفسها له دورا محوريا في فهم متطلبات الاستثمار في هذه القطاعات و ما يتطلبه، و دراية أكبر بالفرص و المخاطر و غيرها ، من جوانب تساهم في الاستثمار وإدارته بكفاءة عالية و اطلاع أكبر، بدلا من اعضاء مجالس إدارة ليس لهم لا ناقة ولا جمل ، في بعض القطاعات، ويكون أشبه بالأعضاء الشرفيين فقط حضور وانصراف لاجتماعات، بدون أن يكون لهم دورا محوريا لعدم الاختصاص، مما يفقد هذه الشركات الكثير من فرص التطوير والمراجعة و المتابعة الدقيقة التي يتطلبها العمل في هذه الشركات، و بالتالي يكون هؤلاء الأعضاء غير فاعلين في إدارة العمل، ومراقبة ومتابعة أداء الشركات، وتعمل الإدارات التنفيذية وفق ما يحلو لها، في هذه الشركات غير ابهه بمجالس الإدارات للأمور أنفه الذكر وغيرها، أما الآن في ظل وجود أعضاء متخصصين من نفس القطاعات من شأنها أن يحدث فارقا كبيرا في العديد من الجوانب التي ترتقي بالعمل ، و تضع الإدارات تحت المجهر، بل تكون عونا لها لا عبء عليها.

و قد يفتح إعادة هيكلية الشركات الحكومية و ترتيب أوضاعها على شكل مجموعات متخصصة في مجالات الاستثمار في السلطنة، وأن يعزز الثقة أكثر، في دخول استثمارات أجنبية أكبر مع مجموعات مشابه في العالم لديها الأموال و الخبرات والتكنولوجيا في نفس المجالات، ‏خاصة في ظل توافر الفرص الاستثمارية في مجالات اللوجستية و الأمن الغذائي و السياحة و التعدين، وتأسيس شركات لإدارة هذه الموارد متخصصة، فمن الطبيعي أن تسيل اللعاب المستثمرين الأجانب، خاصة وجود ضمانات حكومية لهذه الاستثمارات واعدة.

ان تأسيس شركات او مجموعات قابضة، أو تطوير القائمة منها كشركة النفط العمانية للاستثمار في قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات، شركة عمران في القطاع السياحي ، والانطلاقة الجديدة لها لإدارة العديد من المجالات ذات العلاقة بالاستثمار السياحي في البلاد، خطوة موفقة دفعت الحكومة إلى التفكير بإنشاء مجموعات مماثلة في قطاع الأمن الغذائي ، و التعدين و اللوجستيات و الطيران ، هذه الخطوة من شأنها أن أيضا أن تسد الطلب المحلي المتزايد من العديد من المنتجات و السلع و البضائع و الخدمات، السوق المحلي في أمس الحاجة لها، كشركات الأمن الغذائي و منتجاتها في الألبان و اللحوم الحمراء، و الدواجن التي نستورد للأسف 70 بالمائة من منتجاتنا من الخارج، فهذه الشركات ستوفر الكثير من متطلباتنا الغذائية اليومية العاجلة، و الاتجاه إلى انشاء شركات لوجستية متخصصة، للاستثمار في هذا القطاع الحيوي المهم، على ضوء الخطط المستقبلية لإنشاء مناطق لوجستية في محافظات السلطنة، و الاستفادة من موارد الدولة من المعادن على اختلاف أنواعها.

ان هذه الخطوات بالإضافة إلى أهميتها الاستراتيجية كيانات كبيرة سوء يكون في المستقبل لها شأن كغيرها من الشركات العالمية المعروفة ،و تحرك عجلة الأنشطة الاقتصاد الأخرى، ستوفر فرص عمل للكوادر العمانية المتخصصة، و خاصة من الخريجين و الخريجات، من خلال فتح آفاق أوسع للكفاءات العمانية، و استيعابها في شركات تحمل آفاق المستقبل للأجيال ‏، وهذا جانب مهم و احد اهداف الخطط التنمية الحكومية.

بالطبع العمل في هذا المضمار و تكوين شركات كبيرة و متخصصة في العديد من القطاعات، ليس بالأمر الهين، لكن ليس مستحيلا، بعد كل التجارب التمكين التي عملت الحكومة على تنفيذها لإعطاء القطاع الخاص دورا في الإسهام في التنمية الاقتصادية، نجح في بعضها و لم يتمكن في بعضها الآخر، لدواعي الاستثمار طويل الأجل، وحجم الاستثمارات المطلوبة، و تنامي الفرص، مما وضع الحكومة في محك التحول إلى إيجاد كيانات اقتصادية تستثمر في هذه القطاعات المهمة التي أصبحت تمس الأمن بكافة جوانب' " فأفضل أن نبداء و لو متأخرين، من أن لا نبداء" "

نامل ان تكلل هذه الشركات بالنجاح وان تسرع خطواتها في الاستثمار و ايجاد كل الطرق للتمويل والشراكات مع مجموعات دولية مماثلة لاكتساب الخبرة و نقل التكنولوجيا، وتلبية متطلبات البلاد من العديد من السلع و البضائع.