بين التذمر.. والتفاؤل

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٠:٠٢ ص

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com

www.facebook.com/msrahby

(هناك) من ينظر إلى الكتّاب على أنهم قوم (لا يعجبهم) شيء، وما وجدوا أمرا إلا استخرجوا منه عيوبه، تاركين كل حسنة فيه، ومضخمين عيبا صغيرا، كان حقيقة أو متخيلا لسوء فهم.

في السلطنة نتساوى في ذلك، ونتشابه، مع سائر الصحفيين في كل أرجاء العالم، المتسع شعوبا وحكومات.. وأخطاء، هذه بضاعة يعملون بها وعليها، ويكسبون منها رزقهم، والأهم هي الرسالة المناطة بهم، كسلطة رابعة لا يمكن تغييبها، مهما بلغت حدود التضييق والملاحقات، وأحسب أنه في بلادنا المسار أمامنا واسع، يلزمنا بعض الهدوء في طرح القضايا، وتجنب الخطوط الحمراء التي تشكل حساسية في المجتمع، وهذا ليس خصوصية عمانية، إنما حتى في أكثر الدول حرية هناك خطوط حمراء، لا يمكن الاقتراب منها.

خلال الأسابيع الماضية كتبت عن قضايا عدة، مع انتقاد كبير وواضح لبلدية مسقط والمخططين والهيئات المقدمة لخدمات، جعلت أحدهم ينصحني بالكفّ عن “هذه المناكفات” خلال الوقت الحالي، فانتقاد الحكومة كثيرا عواقبه كبيرة، هكذا ردد أكثر من صديق بطريقة أو بأخرى..
أرى أن انتقاد الحكومة واجب، بشرط عدم التعامل معها كآخر، بل هي نحن جميعا، المواطن الوزير يشبه المواطن الصحفي والمواطن العادي، جميعنا نحمل مسؤولية تجاه بلادنا، ولأنّ دور الكلمة أن تكون منبّهة فمن الضروري أن تناقش الأخطاء ويكتب عنها، مع انتقاد الشخصية (المسؤولة) لا الشخص في ذاته.
ننتقد الأخطاء لأننا نخاف أن تتضخم أكثر في وطن نريده نقيا كما نحب، مع أن ذلك مستحيل في واقع الحياة البشرية، إنما شعورنا تجاهه كوطن يلزمنا بالتفكير في حالة الأفضل دائما.. وكما أرفض أن أنحاز إلى حزب (المتذمرين) إلا أن وجودي في حزب (المتفائلين) يجعلني أخشى من هذا التفاؤل فيعمي أبصارنا عن تصرفات فردية تتحول إلى حالة عامة، كالتعامل مع المال العام وفق مقولة “صيد وادينا حلال”!

لا أحب الجلوس إلى المتذمر والمحبط والذي لا يرى أي نعمة بين يديه متحققة من خيرات هذا الوطن الجميل. من حق الفقير حياة كريمة تحفظ له حقوقه كاملة، كأي مواطن آخر، لكن لا يمكن إلغاء الفقر والظروف الصعبة والتفكير السلبي، والأهم تلك الحالة من الإفراط في الإنفاق حيث نتحول إلى “مديونين” من أول سنة وظيفة، ومن الغريب جدا أن يعزى ذلك إلى الدولة، مع أني لا أدافع عنها، ولا عن أخطاء التخطيط، ولا غياب الرؤية لتفعيل طاقات الشباب وتمكينهم في مسار العمل التنموي، لكن من يرتكب خطأ في حق نفسه وهو يشتري رفاهيته قبل أن يصلب عوده في الوظيفة، فتلك هي مشكلته لا مشكلة حكومة، ولا بلد يحمّل جميع الأخطاء.. ارتكبها مسؤول في حق وطن، أو ارتكبها مواطن في حق.. نفسه، مع أنه يرتكب (ربما) جريمة في حق وطنه ومجتمعه.. أبسطها تعامله مع وظيفته إهمالا وتقصيرا!

على المتذمر أن يعطي درسا في العطاء، أن لا يكون ناحتا في الصخرة الصلبة دون أن يقدم لنا نموذجا جماليا يجعله قدوة، فإذا كانت الحكومة، بسلبيتها، زرعت أمامك كل هذه المعوقات، فماذا فعلت من أجل نفسك.. إيجابيا؟!