دكتور غوغل..

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٤/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٣٩ م

لميس ضيف

قبل أيام قرأت موضوعا بعنوان " الجزائريون يقاطعون العيادات ويستبدلونها باستشارات من الأنترنت" ! ذكرني ذلك المقال بفتاة عانت طويلا مع وزنها فقررت اللجوء للانترنت وعملت بنصائحه التي لا تُحصى وباتت تشرب خل التفاح ليل نهار وتحتسى المشروبات العشبية المسهلة بلا حساب وتتبع حميات ينشرها غير مختصين تحت عنوان "مجربة ومضمونة" وكانت النتيجة أنها أودعت المستشفى بسبب تسارع ضربات القلب وعانت من مشاكل في الكلى والجهاز الهضمي!!
هي ظاهرةٌ عالمية الآن، يشير لها الأطباء الألمان الآن باسم "سايبركوندريا" ، تتجسد في محاولة الفرد تشخيص وعلاج نفسه بنفسه عن طريق الشبكة العنكبوتية. وكثيرا ما يتوهم المرء المرض بسبب معلومات الإنترنت إذ يفسر صداعا عابراً بأنه ورم في المخ فيقع فريسه مخاوف نفسية تورثه الأسقام النفسية والجسدية.
بعض الناس يفعل ذلك من أجل التوفير، وأغلبهم في تصوري يفعلون ذلك لتوفير الوقت لا المادة فحسب، وهناك نسبة لم تعد تثق بالأطباء المحليين. بالمفاد المعلومات متاحة، وطرق العلاج كذلك، والصدليات تصرف ثلثي الأدوية بلا وصفة طبية والنتيجة إصابة الكثيرين بإضطربات الكبد، والسكري والإكتئاب ومشاكل متعلقة بالأعصاب عموما.
د.ماريا- لويزه مسؤولة بكلية الطب في هانوفر تؤكد أن الدراسات أشارت لكون 65% من المشاركين في الدراسات يقولون بأنهم يقومون بالبحث عن محتويات صحية على الأنترنت ويحاول بعضهم تشخيص نفسه بنفسه.
هل يعقل أن الناس باتت تثق بما ينشر في الانترنت لهذا الحد؟
نعم يُعقل . جاهلين أن الشبكة – وإن كانت تفيض بالمعلومات الجيدة- إلا أنها مليئة أيضا بالمعلومات المضللة. كما أن غزارة المعلومات وطرائق العلاج تربك الفرد أيضا وقد تقوده لاستخدام طرق مختلفة ومتعارضة.
تبدو الظاهرة أكثر شخوصا عندما يتعلق الأمر بالتخسيس والريجيم اللذان يؤكد القائمون على غوغل أنهما أكثر الموضوعات بحثا. والمشكلة هنا أن كل شخص نجح في خسارة الوزن أصبح خبيرا يوزع التوصيات ويصف التمارين رغم ان كل فرد منا حالة خاصة ولا يجوز إسقاط تجارب الآخرين علينا بهذا الشكل.
إجمالا على الناس الحذر ثم الحذر سيما عند التعاطي مع معلومات لا يوجد من ينظمها أو يكبح جشعها، غوغل ليس طبيبا ولم يرتد أية جامعة لتأتمنه على صحتك وحياتك. ولاحظوا أن التجارة هي هدف كثير من المواقع لذا لا تعجب من ترويجها لعلاجات خطيرة لصالح شركات معينة.