الأمم المتحدة -
«كانت سوريا قبل خمسة أعوام ثاني أكبر بلد يستضيف لاجئين في العالم. بات السوريون الآن على وشك أن يحلوا محل الأفغان كأكبر عدد من اللاجئين في العالم».
«يحز في قلبي أن أرى أن هذا البلد الذي استضاف على مدى عقود لاجئين من دول أخرى يتمزق على هذا النحو ويجبر هو نفسه على المنفى».
كلمات قالها رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق أنطونيو جوتيريس، الذي شغل منصب المفوض السامي للاجئين لمدة عشرة أعوام في السادس والعشرين من فبراير عام 2014.
جوتيريس.. اليوم مستمر في طليعة السباق ليصبح الأمين العام المقبل للأمم المتحدة. وإثر دورة تصويت ثالثة في مجلس الأمن الدولي، حظي جوتيريس بتشجيع 11 من الدول الـ15 الأعضاء، في حين عارض ثلاثة أعضاء ترشيحه، وأحجم عضو آخر عن «الإدلاء برأي».
ويسبق جوتيريس بشكل كبير وزير الخارجية السلوفاكي ميروسلاف لاجاك الذي شكل تقدمه في السباق مفاجأة إذ حصل على تأييد 9 أعضاء في حين عارض ترشيحه خمسة أعضاء، وأحجم عضو آخر عن «الإدلاء برأي».
وتعادل كل من المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا ووزير الخارجية الصربي السابق فوك يريميتش بحلولهما في المركز الثالث (تأييد 7 أعضاء ومعارضة خمسة وإحجام ثلاثة عن الإدلاء برأي). وهي المرة الثالثة التي يحرز فيها جوتيريس (67 عاما)، المفوض السامي السابق للأمم المتحدة للاجئين، تقدما على العديد من المرشحين المتنافسين، مما يزيد من فرص اختياره لكن دون أن يكون ذلك مضمونا.
في يناير الفائت رشحت حكومة البرتغال رئيس الوزراء السابق أنطونيو جوتيريس لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.
ومن المقرر أن يترك بان كي مون وهو كوري جنوبي منصبه في نهاية العام 2016 بعدما قضى فترتين مدة كل منهما خمس سنوات.
وعادة ما تتناوب مناطق العالم على المنصب وتتصدر أوروبا الشرقية القائمة لكن وزارة الخارجية البرتغالية قالت في بيان إن مسيرة جوتيريس السياسية وخبرته الدولية تؤهله كمرشح مثالي للمنصب. وقال البيان «تعتبر الحكومة هذا الترشيح ضروريا في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى... على العالم أن يحتشد من أجل السلام والتنمية».
وتولى جوتيريس وهو اشتراكي رئاسة وزراء البرتغال من 1995 إلى 2002 وعمل رئيسا للمجلس الأوروبي في العام 2000. وكان أيضا رئيسا لمنظمة الاشتراكية الدولية من 1999 إلى 2005.
وعمل جوتيريس (66 عاما) لفترتين حتى الشهر الفائت كمفوض سام للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على معالجة أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط.
وعلاوة على مواجهة مرشحين من أوروبا الشرقية قد تؤدي سياسة الأمم المتحدة لتحسين التوازن بين الجنسين في اختيار الأمين العام المقبل إلى تقليص فرص جوتيريس للفوز بالمنصب.
يقترب من كي مون
اعتبرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في وقت أن تصدر رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق أنطونيو جوتيريس، الذي شغل منصب المفوض السامي للاجئين لمدة عشرة أعوام، في المنافسة على خلافة الأمين العام الحالي للأمم المتحدة بان كي مون، يعد بمثابة ضربة لمرشحين بارزين آخرين.
قال دبلوماسيون إن رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو جوتيريس ما زال في المركز الأول بين المرشحين لمنصب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بعد إجراء ثالث اقتراع سري في مجلس الأمن الدولي.
يعد طريق جوتيريس للمنصب الأممي مضمونا تقريبا، ويعد الاقتراع الأولي السري هو تصويت ذو دلالة لاطلاع المرشحين على موقعهم من السباق، ولاطلاع أعضاء مجلس الأمن أيضا على شكل السباق انطلاقا من هذه النقطة.
ويدلي الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن بأصواتهم من خلال إبداء الرأي في كل مرشح من المرشحين الـ11 والاختيارات المتاحة هي التأييد والرفض وعدم إبداء رأي. وقال الدبلوماسيون إن جوتيريس حصل على 11 صوتا مؤيدا وصوتين معارضين وبطاقتين دون رأي. وفي التصويت الأول الذي أجري في 21 يوليو حصل جوتيريس على 12 صوتا مؤيدا وثلاث بطاقات امتناع عن إبداء الرأي.
وسيعقد مجلس الأمن الدولي اقتراعات سرية لحين التوصل لإجماع على مرشح ليخلف بان كي مون ويقول دبلوماسيون إن الهدف هو أن يتمكن المجلس من التوصية بمرشح محدد للجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا لانتخابه في سبتمبر أو أكتوبر.
وقد انتخب جوتيريس مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين في مايو 2005 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما المفوض السامي، وبعد اندلاع الحرب السورية، وقف جوتيريس في صف اللاجئين مدافعًا عنهم في جميع المؤتمرات والاجتماعات الدولية.
وفي حوار سابق له بتاريخ 9 سبتمبر 2015 قال جوتيريس: إن «السوريين لا يرون أفقًا لحل قضيتهم، وإن المجتمع الدولي يخذلهم، فمن الطبيعي أن يفروا من أجل إمكانية بناء حياة كريمة»، داعيًا الدول الكبرى إلى تقديم مساعدات بنيوية للدول المجاورة لسوريا التي استقبلت من اللاجئين أكثر من طاقتها.
أما من جهة اللاجئين إلى أوروبا فتحدث عن تحرك واسع للمجتمع المدني فيها رغم وجود مخاوف من الغرباء والمسلمين تغذيها أطراف سياسية متطرفة.
أطفال سوريا
في مقال له في عدد ربيع 2013 من مجلة كايرو ريفيو للشؤون الدولية، أن الأطفال السوريين يمرون بصدمات نفسية عنيفة واضطراب نفسي خلال الصراع الحالي.
وناشد جوتيريس المجتمع الدولي أن يعمل على إيجاد حل سياسي لإنهاء الصراع ودعم دول الجوار التي تستضيف أعداد هائلة من اللاجئين السوريين. وأضاف أن إجمالي عدد النازحين السوريين وصل إلى 5.3 مليون نازح.
يقول جوتيريس أن أزمة اللاجئين في سوريا وغيرها من الدول تعد واحدة من التحديات التي تواجه الشرق الأوسط خلال فترته الانتقالية الطويلة والصعبة بعد الربيع العربي. وعن اللاجئين السوريين يقول: وضعهم غير مستقر على الإطلاق، وبدون وصول المساعدات -غير المشروطة- لمستحقيها، يزيد الوضع سوءاً كل يوم. تتزايد أعداد اللاجئين كل يوم، ممن يكون اللجوء هو خيارهم الوحيد للبقاء على قيد الحياة. معظم اللاجئين يعبرون الحدود في جوف الليل، بلا أي متعلقات سوى ملابسهم على ظهورهم. ويحكون بعد ذلك قصصاً مرعبة عن الجحيم الذي هربوا منه.
وقال جوتيريس إن الصراع السوري تسبب في نزوح أكثر من أربعة ملايين شخص داخلياً، كذلك أكثر من1.3 مليون لاجئ ممن طلبوا اللجوء للدول المجاورة، نصفهم من الأطفال الذين تضرروا من الصراع بشكل خاص. معظمهم فقد أبويه، أو إخوته، أو أصدقاءه. كما رأوا منازلهم وأحياءهم تقصف، ومدارسهم تُدمر، قال جوتيريس. مستوى الصدمات والاضطراب النفسي -خاصة بين الصغار- مرعب. ورغم ما تقدمه المنظمات الإنسانية من مجهودات كبيرة، إلا أنه لا يمكنها تلبية كل هذه الاحتياجات على الوجه الأكمل، والمساعدة في شفاء الوصمات التي خلفتها الحرب على نفسية هؤلاء الأطفال. تم تشريد مئات الآلاف من الأرواح الصغيرة بسبب هذا الصراع، بحيث أصبح هناك جيل كامل في هذا البلد موصوما بالعنف والصدمات النفسية التي ستستمر لسنوات.
وناشد جوتيريس المجتمع الدولي أن يوفر الدعم للدول المستضيفة لهذه الأعداد من اللاجئين. وقال يتم استنزاف قدرات الدول المستضيفة بشكل خطير. وأضاف كما يعتبر هذا النزوح الضخم مصدراً للقلق على استقرار المنطقة بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الدول المستضيفة دعماً دولياً قوياً للمساعدة على استقرار اقتصادياتها ومساعدة الحكومات على الحفاظ على سياساتها الكريمة في إبقاء الحدود مفتوحة. وهذا هو أساس حماية اللاجئين.
غزة
في يناير من العام 2009 دعا جوتيريس إلى الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية في الصراع الذي دار في قطاع غزة، بما في ذلك احترام الحق العالمي للأشخاص الذين يفرون من ويلات الحرب أن يلتمسوا الأمان في دول أخرى.
ورغم عدم وجود تحرك أو نزوح واسع النطاق إلى خارج غزة بسبب الحصار، فقد ذكر جوتيريس الدول المجاورة بمسؤوليتها عن توفير سُبل الوصول إلى الأمان لهؤلاء المدنيين الفارين من العنف.
وقال جوتيريس: «ينبغي أن يستطيع الذين يضطرون إلى الفرار من قطاع غزة أن يكونوا قادرين على القيام بذلك وأن يجدوا الأمان في دول أخرى وفقاً للقوانين الدولية. لذلك، فإنني أدعو إلى أن تكون جميع الحدود والطرق المؤدية إليها مفتوحة وآمنة، وألا يُمنع الفلسطينيون الذين يسعون لمغادرة غزة من القيام بذلك». كما أعرب جوتيريس عن تأييده القوي وتضامنه مع المنظمة الشقيقة، وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الموكل إليها مهمة توفير الدعم للفلسطينيين والتي تجاهد من أجل تنفيذ مهماتها في محيط غزة الإنساني المتدهور باستمرار.
وأضاف المفوض السامي بقوله: «يتحتم بصفة قاطعة تسهيل التقديم الفوري للمساعدات الإنسانية إلى الضحايا المدنيين لهذا الصراع، بما في ذلك الوصول إليهم من مصر وإسرائيل. إننا نناشد المجتمع الدولي وجميع الجهات الفاعلة الإنسانية لدعم جهود منظمة الأونروا في مساعدة الضحايا الأبرياء».
وقد قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتقديم بعض مساعدات الطوارئ إلى جمعية الهلال الأحمر المصري لتقديمها إلى الفلسطينيين في حالة قبول دخولهم إلى الأراضي المصرية. والمفوضية السامية للاجئين مستعدة لإيفاد فريق للطوارئ ومعدات إلى المنطقة حسبما يتطلب الأمر. وأعرب المفوض السامي عن بالغ قلقه إزاء ارتفاع ضحايا النزاع من المدنيين فصرّح بقوله: «إن الخسائر الفادحة التي يعاني منها المدنيون الأبرياء، بمن فيهم العديد من الأطفال، مُفجعة. وبصفتها وكالة إنسانية عليها التعامل مع تداعيات العنف والاضطهاد على مستوى العالم، فإن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعرب عن عميق صدمتها وحزنها للمعاناة والخسائر في الأرواح . وإنني أضم صوتي إلى السكرتير العام بان كي مون في الدعوة إلى وقف فوري لجميع أعمال العنف».