هل الإناث محميات من «التوحد»؟

مزاج الثلاثاء ٠٥/يناير/٢٠١٦ ٠٠:٤٠ ص
هل الإناث محميات من «التوحد»؟

أليشيا هولاداي - ترجمة: أحمد بدوي

لسنوات جاءت تقارير العلماء والمتخصصين أن انتشار مرض اضطراب التوحد أعلى بين الذكور بصورة كبيرة عن الإناث، ولكن هل يمكن أن يجد الباحثون لدى الفتيات مفتاحا لتحقيق إنجازات مستقبلية كبيرة في بحوث وعلاجات التوحد؟

تشير معظم الدراسات إلى أن نسبة انتشار مرض التوحد في الأولاد مقارنة مع البنات هي 4 إلى 1 وهذا يعني أن الذكور أكثر عرضة لتشخيص الإصابة بالمرض أربعة أضعاف الإناث.

وفي الماضي كان هذا التفاوت الكبير يعزى ببساطة إلى حساسية خاصة عند الذكور، بيد أنه وخلال السنوات الخمس الأخيرة فقط درس الباحثون بجدية الأسباب الكامنة المحتملة لهذا الاختلاف، وحتى الآن ما يزال فهمنا لتلك الظاهرة محدود إلى حد ما.

وعلى الرغم من انخفاض نسبة تشخيص الإصابة بالمرض لدى الفتيات إلا أن المصابات بهذه الحالة يكون لديهن طفرات وراثية أكبر من الفتيان، وعلى وجه الخصوص يكون لدى الفتيات ازدواجية أو حذف للحمض النووي أكبر بكثير منه لدى الذكور، وهو ما يطلق عليه اختلافات نسخ العدد في الجينوم. وفي العادة تكون أعراض الإصابة عند الفتيات الأكبر سنا أشد منها عند الأولاد، بما في ذلك انخفاض درجات معدل الذكاء.

وإذا كان لدى الإناث كميات أكبر من هذه الاختلافات في الحمض النووي، والوراثة تمثل عامل خطر لمرض التوحد، فلماذا يتم تشخيص مرض التوحد لدى عدد أقل من الفتيات؟ قد يكون هناك شيء ما يوفر حماية للفتيات من الأعراض الحادة، وهو مفهوم أصبح يعرف باسم «التأثير الوقائي للإناث».
وقد وجدت دراسات أن أشقاء الإناث المصابين بالتوحد يكون لديهم أعراض أكثر حدة للمرض عن أشقاء الذكور المصابون بالمرض، وهو دليل على التأثير الوقائي. وهذه الدراسات تشير إلى أن الإناث تتطلب المزيد من الطفرات الجينية، أو التحميل الوراثي حتى يكون هناك تشخيص الإصابة بالتوحد من خلال الأدوات السريرية الحالية.
ولكن ما هو هذا التأثير الوقائي؟ وهل هناك جين يمنع تأثير الجينات الأخرى، أو يوجد جينات تعويضية؟ وهل هناك عوامل بيئية معينة لدى الإناث، كوجود هرمونات معينة، مثلا تغير الطريقة التي يتم بها التعبير عن جينات التوحد؟ وهل الجينات التي تتحكم في نمو المخ يختلف انتظامها لدى الفتيان عنه لدى الفتيات؟ هذه كلها نظريات محتملة.
وقد أبرمت شراكة بين مؤسسة علوم التوحد The Autism Science Foundation مع مركز سيفر للتوحد Seaver Autism Center في ماونت سيناي في نيويورك ليسهل على الباحثين استكشاف التأثير الوقائي لدى الإناث. وتسعى مبادرة أخوات التوحد التي أطلقت حديثا لبناء قاعدة بيانات كبيرة للأعراض والخصائص الوراثية لدى جميع أعضاء الأسرة حتى يسهل على الباحثين استخدامها لاستكشاف هذه الظاهر، وسيتم جمع بيانات عن الأخوات غير المتأثرات من المشاريع القائمة بالفعل مع بيانات الأنماط الظاهرية السلوكية لجميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الأشقاء غير المصابين. وستكون البداية لقاعدة البيانات بعينات من اتحاد تسلسل التوحد، وهو برنامج تعاون دولي واسع لمشاركة العينات والبيانات. وربما يكون الوقت قد حان للقيام بأبحاث أكثر عمقا في هذه الظاهرة، والتي يمكن أن تظهر بشكل جيد للغاية باعتبارها أفقا جديدا هاما في علوم التوحد.

عن لايف ساينس