حارتنا.. ونكتة الفساد!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣١/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٠٨ ص
حارتنا.. ونكتة الفساد!

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

انتشر مقالي “في حارتنا فساد” كثيرا، بخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي التي اكتسبت حساسية مفرطة لتعميم مفردة “فساد” وإعادة إنتاجها على مستويات متعددة، حيث الحديث فيما أفسده البشر، صدقا أو اتهاما، مغر، بما يكفي لنرى أنفسنا أنقى وأتقى.. مع أن أكثر أولئك الذين يتحدثون في الفساد وعنه، وهم واقعون فيه، إنما بطريقة يجدون فيها مسالك لتبرير تصرفاتهم.

وقبل أن أدخل في (لبّ) الموضوع أشارك قرائي حكاية بسيطة، كافية للتدليل على ما يحدث، في مستويات نراها مقبولة، لكنها هي الأخطر (جدا)..

أراد صاحبي هذا إنجاز معاملة متيقن أنها سترفض لأسباب فنية، تحدث معه أحدهم بأنها (ستمشي) لكن تحتاج إلى 50 ريالا فقط، مدعيا أنها رسوم، ولو عرف القارئ أين يعمل ذلك الذي يرغب في (الخمسين ريالا) لقبض رأسه (كما يقال) تعجبا.. وسيتم القبض عليّ فورا!!
ذلك موظف بسيط، يمكنه أن يقفز على القانون، علما أن معاملة ذلك الشخص مرّت، بدون رشوة.. ولكن بالواسطة!
أما الفساد في حارتنا فهو مترسخ، وأكاد أتجرأ بالقول إنه تحت سمع الحكومة وبصرها، ويراه من هو محسوب على مجلس الشورى أو الدولة أو سائر المسؤولين الذين يقطنون حارتنا أو يمرون عليها، أو قرأوا مقالي الأسبوع الفائت.
هيئة الكهرباء والمياه اهتمت بالأمر.. فقطعت علينا الماء مرة بعد مرة، ومصابيح الإنارة في الشوارع الداخلية تمضي في عزلتها شهرا إثر شهر، والحفر في الشوارع باقية أسبابها، كما هو شأن عمود الإنارة الساكن وسط شارع إسفلتي عجزت الذهنية عن إيجاد حل له، أما تسميات الشوارع أو الدوارات فهذه ستبقى عاما يتلوه عام، لأن (الجهة المسؤولة) في إجازة، حيث لن يسألها أحد، قامت بواجبها أم لم تقم!
وسأذهب إلى النكتة مباشرة:
يوجد تجمع للمياه أمام منزلي مباشرة، وقمت بتقديم بلاغ على الخط الساخن، والتواصل مع مسؤولين وعدوا بحل المشكلة كونها تأكل الشارع المسفلت الذي دفعت فيه مبالغ، ولا أريد تكرار سيناريو مسلسل آخر في شوارع أخرى يتم إصلاحها كل بضعة أشهر، حيث يتحول الإسفلت تحت وطء المياه المتجمعة إلى عجينة.
في الثانية عشرة والنصف ليلا حضرت المعدات، وتحت دهشة المشهد كان السؤال: ماذا تفعلون بعد منتصف الليل، قالوا، وهم يحفرون ما فسد من أرضية الشارع المسفلت، نبحث عن تسرب المياه كأنما مشكلة انقطاعات تكمن في النقطة تلك..
خشيت عليهم من خروج نفط في منتصف الليل وهم يمعنون الحفر في شارع مسفلت، لكن الحل جاء اليوم التالي، صبّوا عليه الإسمنت، فبدا وسط سواد (القار) لوحة سوريالية.. واللافت أنهم كانوا يعملون ليلا بجوار أعمدة الإنارة المعتزلة قسرا، وفاتهم أن الماء الذي حفر الشارع لم يأت من جوف الأرض، بل من منازل غفلت عن مراقبتهم البلدية، ربما لأنها مشغولة بمراقبات أخرى!