نماذج شبابية بسيطة.. لكنها جميلة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣١/أغسطس/٢٠١٦ ٠٠:٠٧ ص

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

بسيارة اكتراها من جاره، ومبلغ اقترضه من شقيقته، بدأ مهنة بيع اسطوانات الغاز على المنازل بعد أن عجز عن إيجاد وظيفة مناسبة، وتنقل من وظيفة سائق مركبة ثقيلة لوظيفة بائع تجزئة، لوظيفة مندوب، ولم يجد في كل تلك المهن ضالته ولا مبتغاه.

كان قد قرر بعد أن قرصته الحاجة أن يتخذ من هذه المهنة سبيلا مؤقتا للعيش لحين الحصول على وظيفة عسكرية. وسرعان ما اتفق مع أصحاب عدد من المطاعم والمقاهي، الذين يحتاج بعضهم لتعبئة الغاز بشكل يومي، فازدهر عمله الصغير، وصار يجني من عمله البسيط هذا ضعف ما كان يجنيه من عمله كموظف لدى هذه الشركة أو تلك.

شاب آخر يتقن الإنجليزية بسبب ولعه منذ الصغر بالأفلام الأمريكية، كما يتقن الهندية فضلا عن العربية، وظن أن هذا كافٍ ليجد وظيفة مجزية ومريحة ما أن يتخرج من الثانوية العامة ولكن أحلامه تلك تحولت لسراب أرهقه بمطاردته على مدى 7 أشهر، فاقترح عليه عمه أن يكتري منه سيارة الماء التي يعبئ بها للبيوت التي لم يصلها الماء الحكومي بعد مقابل مبلغ شهري. في البدء كان يعمل على المنازل المحدودة التي كانت تتعامل مع عمه. ولأنه يبدأ العمل ظهرا وهو مستعد لتعبئة الماء حتى في وقت متأخر من المساء “خلاف عمه الكهل” سرعان ما اتسعت رقعة المتعاملين معه، وأعانته لغته في التواصل مع المشرفين على مواقع البناء والذين يحتاجون لكميات أكبر من المنازل العادية وهكذا صار يجني 30 -50 ريالاً في اليوم الواحد، لذا رفض – بثقة - الوظيفة لما جاءته أخيرا، فهو في هذه المهنة – رغم بساطتها – ملك نفسه ولن توفر له مهنة أخرى هذا الدخل على أيه حال.

شباب آخرون، أخالهم إخوة، يصطف الزبائن على مقصورتهم المتواضعة في الخوض التي تحمل اسم “برجرووه” إذ يبيعون فيه الوجبات السريعة المشوية، وهم يستخدمون الانستجرام والسناب شات بكفاءة عالية للترويج لأنفسهم، وسرعان ما ينفد مخزونهم من الوجبات المعدة التي تلقى رواجا بسبب جودتها.

تلك نماذج واقعية من المجتمع العماني لشباب لم يلطموا لصعوبة العمل، ولم ينكفئوا على أنفسهم بسبب ضيق ذات اليد، ولم يجلسوا في منازلهم بانتظار وظيفة الأحلام ولم يخجلوا من العمل الذي قد يراه البعض متدنيا. إنها نماذج مشرفة لشباب لا يرون في الكسب الحلال - أيا كان طريقه - عيبا، ولكنهم يرون العيب في الحياة كعالة على الأهل والمجتمع. وهم دليل على أن من يريد العمل حقا لن يعدم الوسيلة أبدا..

فتحية لهؤلاء على كفاحهم، وتحية لهم لانتصارهم على حياة العوز والبحث عن وظيفة.