تحالف واشنطن وانقرة في سوريا على المحك

الحدث الثلاثاء ٣٠/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٣٢ م
تحالف واشنطن وانقرة في سوريا على المحك

واشنطن – عواصم – ش – وكالات

تثير المناورات التركية لمنع القوات الكردية من التقدم في شمال سوريا توترا بين بلدين متحالفين في الحرب على تنظيم داعش وتشكل معضلة دبلوماسية جدية لواشنطن. و"البقاء متحدين" هو الهدف المعلن لواشنطن من اللقاء المقبل الذي اعلن عنه الاثنين بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والتركي رجب طيب اردوجان.
لكن هذا الهدف يتعثر بسبب التوتر المتصاعد بين البلدين العضوين في حلف شمال الاطلسي، منذ الاربعاء مع اطلاق انقرة عملية "درع الفرات" التي تستهدف في سوريا حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم داعش .
وتعتبر انقرة وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي "منظمتين ارهابيتين" مع انهما مدعومان من واشنطن في حملة مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال بريت ماكغورك المبعوث الرئاسي الاميركي في التحالف الدولي ان المواجهات بين تركيا والقوت العربية- الكردية "غير مقبولة"، داعيا كل الاطراف الى "وقف" المعارك.
وكان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن "قال بشكل واضح" خلال زيارة الى انقرة الاسبوع الماضي انه على القوات الكردية ان "تعبر مجددا" الى شرق الفرات والا ستفقد دعم الولايات المتحدة.
وقال مات بريزا العضو السابق في مجلس الامن القومي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش ان هذه الاشارات المتناقضة التي تصدر عن واشنطن تعرض للخطر فرصة جيدة بالاستفادة من الرغبة المعلنة لانقرة لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وعبر عن قلقه لان "الولايات المتحدة يمكن ان تحول انتصارا الى هزيمة".
وقال بريزا الذي اصبح عضوا في المركز الفكري الاميركي "اتلانتيك كاونسل" انه "على الرئيس ان يحدد بوضوح السياسة (الولايات المتحدة) لاننا نواجه حاليا هذا التناقض بين ماكغورك وبايدن".
واضاف ان اغضاب انقرة عبر دعم الاكراد ينم عن تهور من قبل واشنطن، بعدما طلبت لسنتين من تركيا اتخاذ موقف اكثر حزما حيال تنظيم الدولة الاسلامية.
وتابع بريزا انه في المقابل "التأكد من عودة وحدات حماية الشعب الكردي الى شرق الفرات" كما اكد مسؤول اميركي، هو الاستراتيجية الجيدة التي يجب على واشنطن اتباعها.

ليس الخيار الاول
لكن جون هانا المستشار الساسبق للنائب السابق للرئيس الاميركي ديك تشيني رأى ان انقرة تتحمل جزءا من المسؤولية في تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة لانها تباطأت في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال ان "وحدات حماية الشعب الكردي لم تكن الخيار الاول للولايات المتحدة لتصبح شريكتها وحليفتها في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية على الارض، بل كانت كل ما تبقى لنا".
وحذر هانا الذي يعمل حاليا في المركز الفكري الاميركي "فيديريشن فور ديفنس اوف ديموكراسيز" من انه "اذا تحول الوضع الى مواجهة كبيرة بين الجيش التركي او القوات المدعومة من تركيا، ووحدات حماية الشعب، بدون اي اشارة الى التزام اكبر بكثير من قبل تركيا ضد تنظيم الدولة الاسلامية، فان ذلك سيؤدي بالتأكيد الى توتر حقيقي بين الولايات المتحدة وتركيا".
واضاف محذرا في تقرير نشر الاثنين من ان احتمالا كهذا يمكن ان يجبر واشنطن على نقل قواعدها العسكرية الى خارج تركيا.
لكن كمال كريشجي من مركز الابحاث "بروكينغز انستيتيوشن" في واشنطن يرى في التطورات الاخيرة مؤشرات ايجابية.
وقال ان تركيا تبدو وكأنها تخلت عن الامل في انتصار كامل في الحرب الاهلية في سوريا، وهذا الامر ومعه التحسن الخجول للعلاقات بين رجب طيب اردوجان وروسيا وايران، يمكن يفتح الباب لتسوية النزاع في سوريا الذي اسفر عن سقوط اكثر من 290 الف قتيل منذ مارس 2011.
واضاف ان "كل طرف يحاول التقدم قدر الامكان لكن امرا آخر يجري على مستوى آخر ويمكن ان يفتح الطريق لتسوية ممكنة للنزاع".

قصف اهداف لداعش
قال الجيش التركي امس الثلاثاء إن طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قصفت الليلة قبل الماضية أهدافا لتنظيم داعش قرب مدينة جرابلس الحدودية السورية الليلة قبل الماضية بينما توغلت قوات مدعومة من أنقرة في شمال سوريا.
وأضاف الجيش في بيان دون تفاصيل أن طائرتين من طراز (إيه-10) قصفتا ودمرتا أهدافا للتنظيم المتشدد.
وفي الأسبوع الماضي انتزعت قوات مدعومة من تركيا السيطرة على جرابلس من قبضة الدولة الإسلامية. ومنذ ذلك الحين توغلت في مناطق تسيطر عليها فصائل متحالفة مع الأكراد وتساندها واشنطن.
ولطالما عقدت الخلافات بشأن السياسة في سوريا العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وفي حين أن أنقرة عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش فإنها تشعر بالقلق من دعم واشنطن للمقاتلين السوريين الأكراد إذ تعتبرهم امتدادا للمسلحين الأكراد الذين يشنون حملة مسلحة داخل تركيا.
من جهة اخرى قال معارضون مسلحون والمرصد السوري لحقوق الإنسان امس الثلاثاء إن المعارضة السورية المسلحة سيطرت على بلدة استراتيجية في محافظة حماة في هجوم كبير يهدد بلدات موالية للحكومة تسكنها الأقلية المسيحية والعلوية إلى الشمال من عاصمة المحافظة.
وجرى اقتحام بلدة حلفايا يوم الاثنين بعدما شنت جماعة جند الأقصى المتشددة وكتائب تابعة للجيش السوري الحر هجوما خلال الليل سيطروا خلاله على عدة نقاط تفتيش للجيش السوري وقوات موالية للحكومة في ريف حماة الشمالي.
وتقع البلدة قرب طريق رئيسي يربط المناطق الساحلية بطريق حلب-دمشق السريع. وهي على بعد بضعة كيلومترات فقط من بلدة محردة المسيحية التاريخية إلى الغرب.
وقال أبو كنان وهو قائد في جماعة جيش العزة إحدى الجماعات التي خاضت المعركة في البلدة "نحن نطهر البلدة بعد تحريرها من رجس النظام والنصيرية وأعددنا لهم مفاجآت."
وسمح الانهيار السريع للدفاعات الحكومية للمعارضة المسلحة أيضا بالسيطرة على سلسلة من القرى بينها البويضة وزلين والمصاصنة. وتهدد قوات المعارضة بلدة طيبة الإمام إلى الشرق من حلفايا.
وقرب الهجوم المعارضة المسلحة من صوران معقل الجيش السوري وبوابته الشمالية إلى مدينة حماة عاصمة المحافظة.
وقال مصدر عسكري سوري إن ضربات جوية نفذها الجيش قتلت عشرات من مسلحي المعارضة ورفض تأكيد أو نفي سقوط حلفايا في أيدي المعارضة. وقالت مواقع إلكترونية موالية للحكومة إن الجيش يرسل تعزيزات من أجل استعادة البلدات التي خسرها.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط حلفايا وقال إن طائرات يعتقد أنها سوريا ضربت مواقع للمعارضة في المنطقة وإن ما لا يقل عن 20 مسلحا من المعارضة قتلوا في الاشتباكات.