حاوره: سعيد الهنداسي
الدكتور طارق الجلاهمة المحلل الرياضي بقنوات «بي إن سبورت» الرياضية واللاعب القدساوي السابق في الكرة الكويتية حضر بيننا في السلطنة من خلال تقديمه لدورة تدريبية حول مهارات التحليل الرياضي الإعلامي فكان اللقاء مع هذه الشخصية الإعلامية ممتعا بروعة تحليله الرياضي الشيق من خلال إبداعاته التحليلية للدوري الإنجليزي الذي يجعلنا نعيش معه في أدق تفاصيله الفنية، ولم يغب حال الكرة الكويتية وما تعانيه من أزمات عن حوارنا معه والصفات الواجب توافرها في المحلل الرياضي وغيرها من المواضيع.
كرم ضيافة
دعنا نتحدث عن وجودك اليوم على أرض السلطنة والدورة التدريبية الحالية؟
بداية أقدم شكري للقائمين على هذه الدورة الخاصة بمهارات التحليل الرياضي الإعلامي والشكر موصول للدكتور أحمد الفارسي ومعهد الخليج للإدارة والتكنولوجيا المنظمين لها على ما وجدته من حسن تنظيم وكرم ضيافة وهذا ليس بغريب على الشعب العماني المضياف ونتمنى أن نقدم الإضافة من خلالها.
بطولات الصداقة
بحسب علمي ليست هذه الزيارة الأولى لك في السلطنة، أتمنى أن تحدثنا عن زياراتك السابقة وذكرياتك فيها؟
بالفعل ليست هذه هي الزيارة الأولى، فقد سبق وأن زرت السلطنة من خلال مشاركتي في بطولات الصداقة الدولية التي كانت تنظمها السلطنة والتي من خلالها كانت فرصة لاكتشاف مواهب من اللاعبين كان لهم دور في المنتخبات الخليجية وحتى العالمية بالإضافة إلى زيارات الأصدقاء في رحلات صيد بحرية فأنا من عشاق البحر.
مواصفات المحلل الرياضي:
البعض يعتقد أن مهنة المحلل الرياضي مهنة سهلة وباستطاعة الكثير أن يجيدها، ما هي المواصفات التي يجب أن يتصف بها من يريد أن يقوم بالتحليل الرياضي؟
على مستوى جميع المهن تكون صعوبتها وسهولتها من الشخص نفسه، وتكمن السهولة أن الشخص يقوم بأدائها بشكل بسيط، والصعوبة عندما تكون مبدعا فيها وتتميز، لأن البحث عن الإبداع يحتاج لعمل كبير وتبقى المواصفات أن يكون الشخص مزاولا للمهنة واللعبة، وسبق ممارستها ويعرف قوانينها وأبجديات العمل فيها ليكون محللا جيدا.
قبل الظهور
نشاهد المحلل الرياضي على شاشات التلفزيون في أريحية تامة، ولكن بلا شك هناك مرحلة تسبق الظهور التلفزيوني، حدثنا عن هذه المرحلة تحديدا؟
قبل الاستوديو يجب معرفة المباريات وتفاصيلها الدقيقة والتحضير الجيد للمباراة، ومشاهدة أبرز الحالات التي وقع فيها الفريقان في مباريات سابقة، ومواطن القوة والضعف، ومعرفة اللاعبين الموجودين والغائبين والموقوفين لمختلف الأسباب بالإضافة لوضع المدرب والتعاقدات التي حصلت، كما يجب معرفة وضع الفريق بالدوري وأبرز لاعبيه، وهداف الفريق حتى يكون للمحلل صورة شاملة يستطيع الحديث عنها أثناء التحليل للمباراة.
تجارب وفوائد
عملت في قنوات مختلفة في الكويت والإمارات وقطر، ما مدى الاستفادة من هذه التجارب والإضافة التي وجدتها؟
بدايتي كانت في تلفزيون الكويت كمحلل بسيط، وأملك طبيعة خاصة في العمل، حيث إذا أحببت عملا ما لا بد أن أتميز به، فقمت بإكمال دراستي الأكاديمية، وحصلت على الدكتوراه، ثم دورات الاتحاد الآسيوي وشهادة التدريب، ثم التحقت في قناة أبوظبي الرياضية في تحليل الدوري الإنجليزي، والآن في قناة «بي إن سبورت» من خلال متابعة كبيرة من المشاهدين على مستوى العالم، وهذا شيء يفرحني.
لا أشجع الإنجليز
طالما تحدثت عن الدوري الإنجليزي، هل لارتباطك بالدراسة وعشق الكرة الإنجليزية دور في ذلك؟
لو قلت لك بإني لا أشجع المنتخب الإنجليزي لن تصدق، ولكن الظروف وضعتني في الدوري الإنجليزي، وخضت التحدي لأني من عشاق التحدي والمغامرة.
كثرة الديربيات
ما هو الشيء الذي تعتقد أنه يميز الدوري الإنجليزي عن غيره من البطولات العالمية؟
ربما يعود السبب في ذلك إلى كثرة «الديربيات» الموجودة في الدوري الإنجليزي، والمباريات لها خصوصيتها مع وجود 3 بطولات في الموسم الواحد، وهي الدوري وكأس المحترفين وكأس الرابطة، وكل هذه البطولات توجد منافسة قوية ومتعة أيضا.
القادسية أبرزني
دعنا نعود إلى وجودك في نادي القادسية الكويتي والمنتخب، ما هي أبرز ذكرياتك معه؟
نادي القادسية له فضل بعد الله سبحانه وتعالى في إبرازي للناس من خلال وجودي في أكبر ناد كويتي، وله شعبية كبيرة في الكويت، وكنت لاعبا فيه حتى 2003، بعدها اتجهت للتدريب لمدة سنة واحدة ثم اتجهت للتحليل.
قناعة
إجابتك الأخيرة تقودني لسؤال آخر، هل عدم تكرار تجربة التدريب هي قناعة داخلية من طارق الجلاهمة أنك لن تقدم فيها الإضافة، والتحليل الرياضي الأقرب إليك وستبدع فيه مستقبلا؟
عندي قناعة أن العمل في التحليل يختلف كليا عن العمل في التدريب، وفي كل العملين سيكون الشخص معرضا للنجاح أو للإخفاق وسأكون تحت ضغوطات أكبر في التدريب ومرتبط بالنتائج، بينما التحليل ضغوطه أقل.
واقع مؤلم
طالما الحديث عن الكرة الكويتية، كيف ترى واقع الكرة الكويتية اليوم؟
بأمانة، واقعنا مؤلم جدا، ومررنا بمنعطفات كبيرة وصراعات خفية أصبحت علنية، وصراعات «كسر عظم» وتفضيل الأنا على حب الكويت وكرياضيين يحزننا ما يحدث في الكرة الكويتية من عبث بعض المسؤولين على الكرة الكويتية، وأعتقد الآن أننا مع موعد مع صفحة جديدة من خلال اللجنة الانتقالية برئاسة فواز الحساوي، وأيضا الأعضاء الجدد ونتمنى لهم التوفيق ويكون لهم دور في عودة الكرة الكويتية إلى سابق عهدها.
متفائل
هل أنت متفائل من المرحلة المقبلة وما ينتظر الكرة الكويتية؟
بإذن الله أنا متفائل، لأننا وبصراحة عانينا من الإيقاف ورفع الإيقاف، إلى متى؟ فهناك دول لا تُعرف على مستوى العالم ولكن من خلال كرة القدم ومنتخباتها الكروية أصبحت معروفة، والرياضة أصبحت واجهة للدول.
ندرة المواهب
في السابق كنا نشاهد مواهب كثيرة في لعبة كرة القدم، هل تعتقد اليوم أن الموهبة أصبحت عملة نادرة في ملاعبنا؟
هذا الأمر بالضبط صحيح لأن اهتمامات الشباب اليوم لم تعد فقط كرة قدم، أصبحت الأجهزة الإلكترونية والسوشل ميديا حاضرة والأبواب الكبيرة التي تفتحت مع تطور الزمن في السابق إذا لم نلعب في النادي بإمكاننا اللعب في الحارة مع الأصدقاء والقرية الصغيرة والملاعب الترابية بينما الآن اختلف الوضع، وأصبح هناك تسوق وسفر وزادت وسائل الترفيه، وقلت بالتالي المواهب التي تتجه إلى كرة القدم.
إعادة بناء:
طالما الحديث عن المنتخبات الخليجية، هل أنت متفائل بوجود منتخب خليجي في مونديال روسيا 2018؟
لا أخفيك سرا ولا أريد أن أكون مبالغا، لكني أعتقد أن منتخباتنا الخليجية في إعادة بناء، فالمنتخب السعودي الذي شرفنا في حضوره 4 مرات في نهائيات كأس العالم أصبح ذلك المنتخب مفككا والآن يتم بناؤه، كذلك المنتخب العماني بعد خليجي 19 في السلطنة تلاشى، ويبحث الآن عن نفسه، والكرة الكويتية موقوفة، والكرة البحرينية عانت بعد الجيل الذهبي الذي وصل للملحق في بطولتين متتاليتين والقطرية في تجديد مستمر، وأعتقد أن منتخباتنا الخليجية بحاجة لعمل كبير لمواجهة منتخبات شرق آسيا القوية أصحاب الحظوظ الكبيرة بوجود لاعبين محترفين في الخارج والداخل، ووجود دوري محترف على أعلى مستوى.
ثقافة الاحتراف
سأتوقف مع الاحتراف الخارجي للاعب الخليجي، لم نر اسما استطاع الحضور أوروبيا باستثناء علي الحبسي لماذا يا ترى؟
ثقافة الاحتراف للاعب الخليجي ما زال في البداية، وهنا وعبر صحيفة «الشبيبة» أوجه إلى ضرورة توثيق مسيرة علي الحبسي الاحترافية، لأن هذا درس للأجيال المقبلة، حيث يُعد الحبسي مثالا للاعب الخليجي العربي المسلم في التزامه وانضباطه، حيث شرف الكرة العربية، وهذه التجربة يجب الاستفادة منها.
فكرة واردة ولكن
خلال عملك في نادي نوتنجهام الإنجليزي، لماذا لم تفكروا في التعاقد مع علي الحبسي، هذا النادي المملوك لشخصية رياضية خليجية؟
لا أخفيك سرا بالفعل كانت هناك نية ورغبة منا في نادي نوتنجهام في التعاقد مع هذا الحارس الرائع، ولكن الظروف حالت دون ذلك، لأنه كان يلعب في أندية الدوري الممتاز، ونحن كنا في الدرجة الأولى، وأنا شخصيا وجدت أنه من الظلم أن ينزل لاعب بمكانة علي الحبسي من الدرجة الممتازة إلى الدرجة الأولى وكان حينها في قمة تألقه.
ضريبة التحليل
هل تعتقد أن عالم التحليل أخذ الدكتور طارق الجلاهمة عن هوايات معينة كان يزاولها وابتعد عنها حاليا؟
بالفعل بالنسبة لي أعشق البحر والصيد والرحلات، وأنا مغرم للبحر بشكل كبير، والتحليل أخذنا عن هذه الأمور بدرجة كبيرة، كما أخذني أيضا عن ممارسة لعبة كرة القدم بدرجة كبيرة، وفي النهاية لا بد أن تدفع ضريبة الأمر الذي تحبه وتعشقه.
تكتيك عميق
من خلال متابعتك للبرامج التحليلية، هناك من يقوم بالتحليل بشكل مبسط وآخر يتوسع فيه، إلى أي الفريقين تميل؟
أنا من مدرسة الدخول إلى عمق الأفكار التكتيكية، وليست السطحية، بينما الوصف البسيط للمباراة بإمكان معلق المباراة أن يقوم بالدور، ولكن أن تدخل في أفكار وعقول المدربين فأنا أشجع أن توجد مثل هذه المدرسة في الأستوديوهات التحليلية لأن توصف الشيء الأخير للفريقين.
استوديو داخلي
هناك استوديوهات تحليلية تكون في أرضية الملعب، وأخرى تكون في استوديوهات القناة، أيهما تفضل وتشعر بأريحية فيه؟
لكلا الموقعين سلبيات وإيجابيات، في الملعب تكون كاشفا للملعب، والتي لن تشاهدها من خلال الأستوديو في القناة نفسها، والكاميرا لن تستطيع أن ترى كل شاردة وواردة، لكن في الاستوديو داخل القناة بالإمكان أن تعيد اللقطة ونأخذ راحتنا، وأنا أفضل الأستوديو من داخل القناة لأنه أكثر هدوءا وأكثر تركيزا.
مواقف طريفة
تحدث بعض المواقف الطريفة من خلال أستوديو التحليل من المحللين لا يشاهدها المشاهد العادي، أتمنى لو نتعرف عيها من خلالك؟
هناك دائما ما يكون نقاش حاد بيني وبين المذيع الرائع محمد سعدون الكواري والمحلل العزيز ميدو، ويقوم المحلل الجميل نواف بدور الحكم في هذه المواقف ويلطف الجو إذا ما حدثت نقاشات حادة بيننا.
أعشق نوتنجهام:
بعيدا عن الحيادية، من هو النادي الذي يشجعه الدكتور طارق الجلاهمة؟
بالتأكيد نوتنجهام فورست، لأني عملت فيه، وأتمنى له كل التوفيق والنجاح، والنادي لشخصية كويتية رائعة وهو الأخ العزيز فواز.
استثمارات خليجية
طالما تحدثت عن الاستثمارات الخليجية في الأندية الأوروبية هناك من يقول طالما هناك أشخاص يدفعون مبالغ ضخمة لهذه الأندية الأوروبية، لماذا لا يتم تطوير أنديتنا المحلية للوصول للمنافسة؟
أنا شخصيا مع هذا التوجه، وأتمنى ذلك والآن في الكويت هناك توجه إلى خصخصة الأندية الرياضية، وكل ناد يطرح في مناقصة ومزايدة، وهذا شي طيب طالما الأموال موجودة لماذا لا يتم شراء ناد محلي، والاستثمار فيه، وسيكون له عائد على الرياضة الخليجية.