حاجة الشركات الصغيرة إلى التواصل الاجتماعي

مؤشر الثلاثاء ٣٠/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٣٩ م
حاجة الشركات الصغيرة إلى التواصل الاجتماعي

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

بالرغم من أن الكثير من الناس في العالم العربي يستعينون بشبكات التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق أغراض الترفيه والدردشة وإضاعة الوقت أحيانا، إلا أن البعض منهم نجح في استغلال هذه الوسائل في الاغراض الايجابية كمتابعة القضايا العلمية والتعليمية والتجارية وغيرها من الأمور التي تعود بالنفع على أصحابها. فعلى سبيل المثال، هنالك اليوم 92%من الشركات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي تستعين بشبكات التواصل الاجتماعي في أعمالها التجارية من خلال استغلالها لبعض المنصات المعروفة في هذا القطاع كشبكة الفيس بوك وتويتر ولنكد إن بجانب واتس أب، وغيرها من الوسائل الأخرى، الأمر الذي يساعد أصحابها في الترويج عن مشاريعم وسلعهم ومنتجاتهم الجديدة، وفتح مزيد من قنوات الاتصال فيما بينهم وأناس آخرين. وبذلك يكتسبون مزيدا من الشهرة والمعرفة من قبل العملاء القريبين والبعيدين، ويفتحوا لأنفسهم مجالات التسويق والاتصالات مع الشركات والمؤسسات التجارية الأخرى. وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز العمل التجاري وزيادة المبادلات التجارية الخارجية للدول، وتشغيل مزيد من العمالة الباحثة عن الأعمال، خاصة إذا كانت المؤسسات المصدّرة والمستوردة من مناطق قريبة أو من دول مجاورة.
هذه الخاصية تدفع بعض المواطنين إلى مزيد من الاقبال على شبكات التواصل الاجتماعي واستخدام خطوطها، بحيث من المتوقع أن يرتفع عدد مستخدمي شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" إلى 226 مليون مستخدم في العالم العربي بحلول العام 2018 وفق التقرير الأخير لمؤسسة أورينت بلانيت للأبحاث. وهذا بدوره يساعد أفراد الأسر على زيادة اتصالاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي باستخدام وسيلة الانترنت سواء بالتواصل على أفراد عائلاتهم المهاجرة، أو من خلال الترويج لأي أمر يعود عليهم النفع، الأمر الذي يرفع عدد المستخدمين منهم سنويا من أجل التواصل أوتبادل المعلومات مع العائلات والأصدقاء، أو لأغراض أخرى. ومن أجل الاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها هذا النمو في وسائل الاتصالات وانتشارها، تعمل العديد من الشركات في المنطقة لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها على تغيير استراتيجيتها لتشمل العالم الرقمي، وذلك في إطار جهودها للانتشار بشكل أكبر في أسواقها المستهدفة وبتكلفة معقولة، خاصة وأن دول المنطقة تتسم اليوم بقلة التكاليف في الحصول على خدمات الاتصالات مقارنة ببعض الدول في العالم. وهذا ما يدفع مزيد من الشباب الذي يدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاستعانة بمنصات التواصل الاجتماعي لتحقيق تلك الاغراض الايجابية خاصة من خلال المنصات الاكثر شعبية لدى الناس في العالم. فالشركات الصغيرة والمتوسطة تعتبر اليوم بمثابة العمود الفقري للنمو الاقتصادي في الكثير من دول العالم. وفي السلطنة تلقى تلك الشركات الدعم والحوافز والتمويل للاستمرار في أعمالها التجارية باعتبار أن أصحابها يخففون عبء تشغيلهم في المؤسسات الحكومية التي لا تستطيع استيعاب الخريجيين الجدد منهم، وخاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية السيئة. فالدراسة الحديثة التي أجرتها شركة الاستشارات العالمية حول الأسواق الناشئة تبين أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الناجحة تسهم في خلق فرص عمل بمعدل أسرع بـ 4 مرات، وتعزز من العوائد والناتج المحلي الإجمالي بمعدل أسرع بـ 6 مرات بالمقارنة مع الشركات الكبيرة. وتتوقع الدراسة أن يساهم هذا القطاع بمبلغ إضافي قدره 100 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، وما يصل إلى 2 مليون وظيفة خلال السنوات المقبلة في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها. لذا فإن الشركات الصغيرة لديها فرصة أفضل للنجاح عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالمقارنة مع نظيراتها الأكبر حجماً، نظرا لقلة الخبرات لدى الشركات الصغيرة التي تفتقد في الكثير من الاحيان إلى الموارد البشرية والمالية اللازمة لتنطلق بصورة عاجلة. فمزايا هذه الشبكات بالنسبة لتلك الشركات تعتبر أكثر من مناسبة، وقد نجد الكثير من رواد الاعمال ومنهم بعض الشباب العماني يدخلون إلى سوق العمل عبر هذه الشبكات والترويج لمشاريعهم عبر تلك الوسائل، بل نجح بعض أصحابها خلال السنوات الماضية في منافسة بعض الشركات والماركات العالمية التي تعمل في المجالات نفسها من حيث تقديم المنتج الجيد وبأسلوب ونكهة محلية.
إن شبكات التواصل الاجتماعي سوف تظل أداة ذات قيمة عالية بالنسبة للجميع لما تقدمها من أساليب وخدمات عديدة، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة المبتدئة، وتلك التي مضى عليها الزمن. وهذا يعود إلى المزايا والخصائص الايجابية التي تتضمنها ومن جملتها ميزة التنافسية في السوق. ومع تشجيع المؤسسات الرسيمة لهذه الشركات الصغيرة وتقديم التمويل اللازم لها والاقبال على منتجاتها، فان ذلك سوف يخلق بيئة مشجعة لها على تعزيز أعمالها التجارية في المستقبل، في الوقت الذي سيتجه المزيد من الشباب للأعمال الحرة ليصبحوا روادا في العمل التجاري مستقبلا.