عدن – إبراهيم مجاهد
لم يكن يعرف الشاب اليمني فهد عبدالله غازي ذو الـ 17 ربيعاً بأن خروجه من منزله في العام 2001م سيغيبه 15 عاماً بعيداً عن أسرته وزوجته ومولودته البكر التي لم تكن قد عرفته أصلا فحينها كان عمرها شهر ونصف حين خرج والدها من منزله وأبلغ أسرته إنه سيسافرُ إلى دولة عربية.
خرج ولم يعد
ولم تكن تعرف أسرته أيضا حينها أن فهد سيخرج هذه المرة ولن يروه إلاّ بعد عقد ونصف، بعد أن يقضى فهد هذه السنوات في غياهب السجن ظلما ودون أن توجه له تهمة أو يخضع خلالها للمحاكمة. في جريمة فاضحة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الذي ينظر إلى فهد وغيره ممن هم في هذا العمر لم يبلغ بعد السن القانوني، حتى يتم اعتقاله أيام معدودة.
اليمني فهد خرج من اليمن وعمره 17، أفرجت عنه أمريكا، واستقبلته السلطنة للإقامة المؤقتة، وعمره الآن 32.. فهد غازي الشاب اليمني الذي ينحدر من مديرية "الحيمة" الريفية، التابعة لمحافظة صنعاء شمال غرب اليمن، لم يعد اليوم ذلك الشاب ذو الـ 17 ربيعا فعمره اليوم 32عاما، وابنته الوحيدة "حفصة" لم يعد عمرها شهر ونصف بل صارت تقترب من عمر والدها حين تم اعتقاله في العام 2001م، لكنها لا تعرف والدها إلاً من خلال الصور التي كان يبعثها فهد مع نشطاء الصليب الأحمر أو المنظمات الحقوقية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. لأن والدها كان أحد المعتقلين اليمنيين في المعتقل الأمريكي في خليج جوانتنامو بكوبا.
"حفصة" غاب عنها والدها وهي مولودة.. وفهد اليوم يعتبر نفسه وتعتبره أسرته أيضاً ولد من جديد فبعد خمسة عشر عاما من الاعتقال الظالم، ها هو يعيش اليوم بأمان، وهو واحدٌ ممن أفرج عنهم من اليمنيين مؤخراً من سجن جوانتنامو سيء الصيت، بعد أن قبلت السلطنة استقبالهم وإبقائهم لديها لحين تتهيأ ظروف عودتهم إلى بلدهم اليمن.
"الشبيبة" تواصلت عبر الهاتف مع "محمد عبدالله غازي" شقيق "فهد عبدالله غازي" المتواجد حالياً في السلطنة، والذي يؤكد بدوره أن السعادة التي تغمرهم لا تكاد توصف ولا يستطيع أن يعبر عنها بعد خروج فهد من سجن جوانتنامو. كما يقول محمد واصفاً شعور "حفصة" ابنة شقيقه فهد الوحيدة: إن فرحتها عند تلقيها الخبر لا توصف فقد ارتمت على صدري وبدأت تجهش بالبكاء من شدة الفرح. فهي تدرك أنها المرة الأولى التي قد ترى والدها على الحقيقة وتلمس يده ويضمها إليه بعد غياب دام "15"، منذ تركها وهي لازالت رضيعة حين كان عمرها شهر ونصف.
وخلال سرد "محمد" قصة اعتقال شقيقه "فهد" يؤكد لـ "الشبيبة" أن شقيقه اعتقل وعمره 17 عام في باكستان، مشيراً إلى أن فهد أبلغهم حينها أنه سيسافر إلى دولة عربية، إلاً أنه وبعد شهر أو أكثر جاءت الطامة والفاجعة لأسرة فهد.. حيث يقول محمد جاءت لنا رسالة من فهد عبر الصليب الأحمر وصلت إلى منزل خالي تفيد بأنه معتقل في جوانتنامو ولم يوضح في الرسالة أين تم اعتقاله لذا اعتقدنا أنه سافر إلى باكستان مع أصحاب الدعوة ولا نعرف بالضبط في أي دولة تم القبض عليه وبأي تهمة، سوى إننا عرفنا أنه يتواجد في معتقل جوانتنامو وأبلغنا بذلك الصليب الأحمر عبر رسالة منه بذلك.
*-*
الشكر لا يفي السلطنة حقها تجاه ما قامت به
يؤكد محمد في ختام حديثه لـ "الشبيبة" أن كلمات الشكر للسلطنة لن تفي تجاه ما قامت به عُمان تجاه اليمنيين العشرة المُفرج عنهم، ويقول في هذا الصدد: كلمة شكر وامتنان وعرفان وتقدير لسلطنة عُمان الشقيقة والتي لا زالت فيها نخوة وإخاء وحمية. نشكر سلطنة عمان وكل من ساهم بالإفراج عن المعتقلين واستقبلهم في بلاده واستضافهم. وسعادتنا لا توصف.
وأوضح محمد وهو شقيق المفرج عنه مؤخرا فهد أحد العشرة اليمنيين المفرج عنهم من جوانتنامو الذين تم نقلهم إلى السلطنة في 14 من يناير الجاري، أنه تم اعتقال شقيقه في عام 2001م، وبعد شهر ونصف فقط من ارتزاقه بمولودته البكر التي لم تعرف والدها حتى اليوم إلا عبر الصور، مشيرا إلى أن آخر تواصل بين فهد وأسرته قبل شهر ونصف تقريبا من الإفراج عنه، حيث كانت إدارة سجن جوانتنامو تسمح لفهد بالتواصل مع أسرته كل شهرين أو ثلاثة أشهر، كان يطمنهم خلالها على صحته ولم يكن يتحدث عن تعرضه لأي تعذيب.
ونوه محمد إلى أن شقيقه فهد كان قد شارك مع بقية زملائه المعتقلين في الإضراب عن الطعام كإجراء احتجاجي على اعتقالهم لسنوات دون محاكمة أو توجيه إي تهمة إليهم، إضرابه عن الطعام كان قد أدى إلى تدهور صحته إلا انه بعد أن أوقف الإضراب تحسن وعادة إليه صحته، بحسب ما يؤكد محمد.
.