مسقط- ش
مع انتهاء الإجازة الصيفية، يقوم الأهل بإعداد أطفالهم للعودة إلى المدرسة. وخلال هذه المرحلة الانتقالية، يشعر بعض الطلاب بالقلق والخوف من العودة إلى اليوم الدراسي الروتيني وترك الأجازة والمرح وأيام الصيف الخالية من الضغط و المسئولية.
وفي السطور التالية نستعرض تجارب أولياء الأمور ببداية دخول أبنائهم المدرسة.
كسر حاجز الخوف
يقول سليمان الزدجالي: من واقع التجربة فإن الابن في أول يوم دراسي يحتاج إلى مؤازرة ولي الأمر فقد اصطحبت ابني بنفسي للمدرسة وكنت أهمس في أذنه بأنه أصبح اليوم رجلا وسوف يكون في المستقبل طيارا أو مهندسا وهكذا فقد زرعت في نفسه حب التعليم، وقلت له ستكسب أصدقاء جددا عليك أن تتعاون معهم وان تتعاون مع المعلمات فهن كأمك وعليك أن تحترمهن وتسمع كلامهن وتلتزم بقوانين المدرس .
وأضاف الزدجالي: أنصح العائلات بتحفيز أبنائهم وكسر حاجز الخوف من قلوبهم وتصوير المدرسة بأنها مكان جميل ومفيد فيه العلم والمعرفة والأصدقاء والمعارف وغير ذلك حتى يحب الابن المدرسة بشغف.
تجربة ايجابية ومرضية
بدوره يقول المعلم سلطان الناعبي من خلال تجربته مع ابنه في أول يوم ذهابه للمدرسة: كانت تجربتي مع ابني ايجابية ومرضية حيث استطعت إثارة دافعيته للدراسة فكان والحمدلله شعلة من النشاط رغم انه كانت لديه بعض المخاوف من بعض المواقف التي يتعرض لها من بعض الطلاب الأكبر منه سنا فكان لابد من توجيهه إلى مرافقة الصالحين والمتميزين من هم في نفس عمره، كذلك هناك صعوبة الملل التي قد تواجه الطالب وهذه يجب كسرها من خلال التنويع بين الدراسة واللعب وبين نزهة يومية قصيرة بين الولد وأبيه ليخبره فيها عن ما قام به في المدرسة خلال اليوم ومراجعة بعض الآيات القرآنية التي درسها وتشجيعه على أعماله.
ويسدي الناعبي نصيحته قائلا: نصيحتي للعائلات أن الطفل قابل للتشكيل بالطريقة التي نريدها، فقط لابد من التحفيز والتنويع بين الدراسة واللعب.
كن صديقا لطفلك
أما المعلم بدر الحراصي فقال: كانت تجربتي مع أول ابن لي والحمدلله ايجابية حيث كان متحمسا كثيرا ورغم الاستيقاظ المبكر والاستحمام منذ الصباح الباكر كان يمثل بالنسبة له صعوبة ولكن مع التعود تم التغلب عليها حيث ان النوم المبكر كان حلا لهذه المشكلة.
ويضيف الحراصي: لتجنب المخاوف التي قد تصيب الطفل عندما يصطدم بمن هم أكبر منه سنا يجب إعطاء الطفل تعليمات بعدم الذهاب إلى الصفوف الأعلى من صفه. كذلك عدم قدرته من مزاحمة الطلاب عند شراء وجبة من المدرسة خاصة الطفل ضعيف البنية وهنا يجب تزويده بوجبة خفيفة من البيت. كما ان بعض الأطفال لا يستطيعون الذهاب لثلاجة المدرسة لشرب الماء وهنا يجب تزويده بالماء من البيت.
ويوجه بدر الحراصي نصيحته قائلا: أنصح العائلات بعدم تهديد الطفل في الصغر بالمدرسة لكي لا تترسخ في ذهنه أن المدرسة شي مخيف بل يجب ذكر المدرسة في العامل الإيجابي.
كذلك عدم الضغط على الطفل بالمراجعة بل إعطاءه مساحة كافية للعب، وأيضا عدم مقارنته بمن هو أفضل منه حتى لا تتولد لديه كراهية للطرف الآخر. وأخيرا كن صديقا لطفلك لكي يبوح لك بكل ما يدور حوله من عوائق ومشكلات تساعده بعد ذلك في حلها.
القلق والخوف من المدرسة
بدورها اوضحت اخصائية الإرشاد والتوجيه ونائب مدير مركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس د. مها عبد المجيد العاني حالة القلق والخوف التي قد تصيب الطالب في بداية دخوله للمدرسة حيث قالت: هي حالة تصيب غالبا الطالب في بداية دخوله للمدرسة وخاصة ممن لم يلتحق بمرحلتي الروضة والتمهيدي، وغالباً ما تكون هذه المشكلة في المرحلة العمرية ما بين (5 – 7 ) وقد تستمر إلى سن العاشرة، وفي حالات اخرى تحدث في اعمار اخرى بمراحل دراسية مختلفة وبطبيعة الحال يعتمد ذلك على اسباب تلك المشكلة، ومن تلك الاسباب أسلوب التنشئة كالدلال الزائد وشدة التعلق بالوالدين او وجود اخوه اصغر منه في البيت أو حدوث أمور جديدة في الاسرة كسفر احد الوالدين او الوفاة او الفراق او وجود خلافات بين الاب والام وضعف الثقة بالنفس أو عدم تمهيد أولياء الأمور لابنائهم للدخول للمدرسة أو اسباب تتعلق بوسائل الاعلام وقد تكون الاسباب تتعلق بعوامل حدثت في المدرسة مثل موقف يحمل انفعالات سلبية كصراخ المعلمة على الطلبة او التهديد بالعقوبة او الضرب او مخاوف من الطلبة بسبب سلوكيات عدوانية او التنمر او تحرشات جنسية وغيرها، وقد تتسم الاعراض بالانطواء والانعزال عن الزملاء في المدرسة وعدم القدرة على التكيف الاجتماعي في محيط المدرسة أو البكاء الشديد والرفض التام للذهاب للمدرسة مع وجود عدد من الاعراض "السيكوسوماتية" كشحوب الوجه والتعرق والصداع والام في المعدة والتقيؤ والتبول والالام الجسدية المختلفة وغيرها، وقد تزداد تلك الاعراض عند الذهاب او الاصرار لان يذهب للمدرسة وتختفي تلك الاعراض عند وجوده في البيت، واما عن اليات التعامل مع هذه المشكلة فمن الضروري بداية معرفة الاسباب لان تأخر معرفتها واستمرار المشكلة يؤدي بطبيعة الحال الى تأخر علاجها، كما ان الاسرة لها دور كبير في ذلك حيث يجب ان تبدأ الحوار مع الطفل من حيث تقبل مشكلته والأسباب التي يبديها ويبرر بها رفضه للمدرسة والإصغاء إليه جيداً والإجابة عليها بأسلوب منطقي يتناسب مع قـدرات الطالب والتخفيف التدريجي لمشاعر الخوف والرهبة المتعمقة في نفس الطالب الخائف من خلال تطبيق البرامج التربوية التي يراعى فيها أن صياغتها بأسلوب تربوي يبعث في نفس الطالب الطمأنينة والألفة ومحاولة اقتران الطالب الخائف بآخر يكون محباً للمدرسة ومتفاعلاً مع بيئتها لكي يكتسب حب المدرسة منه عن طريق (الاشتراط العكسي) مع اعطائه الوقت الكافي لكي يعدل سلوكه وعدم استباق الوقت لمعرفة النتائج على حساب مصلحة الطالب وان يتحلى التربوي المسؤول أو ولي الأمر بالحلم والصبر حتى ولو أدى ذلك إلى التخلف عن بعض الدروس في سبيل إكسابه محبة المدرسة ويمكن تعويضه الدروس التي فاتته عن طريق البيـت، وإثارة حب المدرسة في نفس الطالب عن طريق الأشياء المحببة إليه مثل اللعب وأدوات الترفيه المختلفة وخصوصاً في الأسبوع الأول، والذهاب مع الطالب للمدرسة لأول مرة مع مراعاة الانسحاب التدريجي خصوصاً الأسبوع الأول عند اصطحاب الوالد لابنه إلى داخل المدرسة وعدم تعويده على البقاء معه طيلة اليوم، ومن جانب اخر على الوالدين إلحاق الطالب بإحدى مدارس ما قبل المدرسة كمدارس تحفيظ القرآن أو الروضة والتمهيدي كتهيئة لالتحاقه بالمدرسة وتنشئته بالاعتماد على النفس والتخلي عن الحماية المفرطة الممنوحة للطفل تدريجياً وتنشئته على الاعتماد على نفسه ومواجهة الآخرين والتعامل معهم وتشجيعه على الاختلاط بأصدقائه ومباشرة أعماله ذاتياً واكتشاف مهارات الطالب ومواهبه في وقت مبكر والعمل على صقلها وتنميتها. واضافت د. مها عبد المجيد العاني: يجب تربية الطالب على حب الأدوات المدرسية منذ وقت مبكرة من عمره حتى يألفها ويحبها، وفي حالة قدوم مولود جديد يجب أن يراعي الوالدان نفسية الطالب وأن يستمران في منحه الرعاية والاهتمام وألا يصرفا جل وقتهما للمولود الجديد لئلا يبعث ذلك في نفسه الغيرة منه مما يؤثر في الذهاب إلى المدرسة، كما يمكن استخدام وتفعيل اساليب تعزيزية كالمكافئة المعوية أو المادية واستخدام ذلك من خلال اللوحات التعزيزية المعلقة داخل البيت مع الحذر وتجنب نقل الطالب لمدرسة أخرى لأنه قد يؤدي إلى تعقيد المشكلة إذ من الصعوبة التكهن بأنه سيتكيف مع مجتمع المدرسة الجديدة ولابد من استشارة اخصائي قبل الإقدام على هذه الخطوة، و لابد للمدرسة ان يكون لها دور كبير في العلاج او الوقاية منها عقد لقاءات مع أولياء أمور الطلبة الذين لديهم مخاوف من المدرسة ورسم البرامج العلاجية المناسبة لمثل هذه الحالات وتوعية الطلبة في الصفوف العليا بضرورة حسن التعامل مع الطلبة الجدد تحسباً لأي موقف طارئ قد يولد خبرة سيئة لدى نفوس الطلبة المستجدين مع ضرورة تمييزهم ببطـاقات خاصـة، مع ضرورة اقامة دورات تدريبية لمعلمي الصف الأول الابتدائي مع مطلع كل عام تعنى بتوعيتهم بمراحل النمو المختلفة للطلبة واحتياجاتهم وسمات كل مرحلة وكيفية التعامل معها، واخيرا على ولي الامر في حالة عدم استجابة طفله مراجعة اخصائي أو مرشد نفسي.