واشنطن-(أ ف ب) - تتزايد مظاهر الغضب في مدينة فلينت الاميركية الواقعة في منطقة البحيرات العظمى التي استهلك سكانها خلال اشهر مياها ملوثة بالرصاص، وقد تتسبب هذه الفضيحة بعواقب كارثية على صحة آلاف الاطفال. واتخذت القضية منحى وطنيا هذا الاسبوع عندما قال الرئيس باراك اوباما انه كان "ليشعر بغضب شديد" لو كان بين الاهالي الذين طمأنتهم البيانات الرسمية، والذين شربوا واعطوا عائلاتهم كميات من السم بجرعات صغيرة عبر المياه. ومنذ اقفال مصانع جنرال موتورز، حلت نكبة بفلينت التي كانت مركزا صناعيا في السابق قرب ديترويت. فقد خسرت نصف سكانها، ويواجه ثلث سكانها المقيمين الذين يبلغ عددهم 100 الف فقرا شديدا. وبات الحاكم الجمهوري لولاية ميشيغن التي تقع فيها فيلنت، في قفص الاتهام. فقد ارغم ريك سنايدر تحت الضغوط على ان يكشف الاربعاء 273 صفحة من البريد الالكتروني التي تكشف عن تقاعسه في معالجة الازمة. وكان سنايدر قدم امس اعتذارا ووعد سكان فلينت الذين لم تتأمن لهم بعد مياه الشرب، ب "تسوية المشكلة". لكن كثيرين منهم يطالبون باستقالته، وابرزهم اشهر ابناء فلينت، المخرج السينمائي مايكل مور الذي طالب باعتقال الحاكم. ولا شك في ان هذه المأساة لم تنجم عن حادث، بل عن تدبير اقتصادي. وزاد من حدة الفضيحة موقف المسؤولين الذين انكروا فترة طويلة وجود مشكلة. وفي نيسان/ابريل 2014، لم تعد فلينت تتلقى مياهها من ديترويت، وباتت تحصل عليه من النهر المحلي المشكوك مع ذلك في جودة مياهه. -لون بني- وسرعان ما اشتكى سكان فلينت من مذاق المياه ورائحتها واللون القاتم للسائل الذي يخرج من صنابير منازلهم.
واعلن البعض منهم انهم يعانون من مشاكل جلدية وتساقط للشعر وسواها. لكنهم تلقوا فقط نصيحة رسمية تقضي بأن يعمدوا الى غلي الماء. وفي تشرين الاول/اكتوبر، اعلن احد آخر مصانع جنرال موتورز التوقف عن استخدام مياه فلينت، لأنها تتسبب في تآكل القطع. وتؤدي المياه المشبعة بالعناصر المسببة للتآكل، الى نخر المجاري المصنوعة من الرصاص لشبكة التوزيع، مما يعرض الزبائن لخطر التسمم. واثبتت البحوث العلمية ان وجود الرصاص في دماء الاطفال، ولو بجرعات طفيفة، يمكن ان يعرقل نموهم بشكل خطير وغير قابل للعلاج، وخصوصا على صعيد الدماغ. لكن اثبات الضرر الناجم عن المياه في فلين ما زال يحتاج الى اشهر. وانفجرت القضية اخيرا من جراء عناد ربة العائلة لي آن والترز التي اصرت على تحليل المياه في منزلها، فيما كانت السلطات البلدية تقول لها ان انابيب المياه في منزلها متهالكة. وتلقت الدعم من الخبير المستقل في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا، مارك ادواردز. وقال ادواردز لوكالة فرانس برس "صباح احد ايام نيسان/ابريل 2015، ساعدت لي آن والترز على اخذ عينات لتقييم مستوى التلوث بالرصاص في منزلها. وكان ابنها قد تسمم". - نسب عالية من الرصاص- واضاف "وجدنا تكتلات خطرة لبقايا الرصاص"، موضحا ان موظفا في الوكالة الفدرالية لحماية البيئة قدم تقريرا عن هذا التلوث قد "ارغم على الصمت وتعرض للتشهير".
وقال الخبير "شكلنا عندئذ فريقا من 25 شخصا، بالاشتراك مع سكان من فلينت لدرس جميع جوانب جودة مياههم. ولقد مولنا هذه الدراسة. وعندما جمعنا العدد الكافي من المعطيات اواخر آب/اغسطس، طلبنا من السكان ان يتوقفوا عن شرب هذه المياه". وبات ملايين الاميركيين يعربون عن شعورهم بالصدمة لتسمم سكان فلينت، واسهبت وسائل الاعلام في الحديث عن الفضيحة، بما فيها وسائل الاعلام الدولية. وبدأت اولى الرؤوس تتساقط. واعلنت الوكالة الفدرالية لحماية البيئة الخميس استقالة سوزان هدمان، مديرتها للمنطقة التي تضم ميشيغن. وقالت عمدة فلينت كارين ويفر التي تم استقبالها في البيت الابيض الثلاثاء، "انها لمفارقة ان نسكن ولاية البحيرات العظمى (اسم ميشيغن) ولا تتوافر لدينا مياه صالحة". واضافت "يسعدني اننا بتنا اخيرا مثار اهتمام نستحقه. لقد تضرر اطفالنا". وحتى الفكاهي تريفور نوا مقدم برنامج "دايلي شو" الشهير، القى نكات ساخرة حول فلينت، واقترح البدء بحملة تبرعات في افريقيا، "حتى تتمكن قرية اميركية من شرب المياه التي يحتاجون اليها كثيرا".