كيف يفكرون.. وكيف نفكر؟!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٨/أغسطس/٢٠١٦ ٠٣:٣٠ ص

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby

أستنتج، ووفقاً لتجوال في بلدان شتى من العالم، أن جذب السياحة إلى البلاد لا يعني وزارة السياحة فقط، إنما هو منظومة متكاملة يشترك فيها حتى سائق سيارة الأجرة وهو يتعامل مع السائح، كما شأن الواقف في محل ليبيع تذكارات من البلاد هويتها الأولى وطنية، قبل أن تكون مجرد.. سلعة!!

قبل عامين تقريبا، وفي إندونيسيا، اقترح عليّ السائق زيارة حديقة، وكان لا بد أن ندفع تذاكر دخولها، كما هو الشأن مع منطقة للبراكين، وأخرى وأخرى، كما شاءت التسميات والأنواع، رسوم نراها غالية أحياناً، وأحياناً لا تزيد عن نصف ريال تقريباً، لكنها القطرة التي تصب في النهر، وكنا ندفع عن طيب خاطر، هذه بلادهم، وقوانينهم، ونحن سياح علينا واجب اتباع ما يفرض علينا.
ذات الأمر في الهند، وسريلانكا، ووصولاً إلى رحلتي الأخيرة إلى ماليزيا، واخترت من البلدان الجانب الآسيوي القريب منا، والذي له ظروف تشبهنا في بعض الملامح، حيث اختلاطنا بهم كبير..
في ماليزيا هناك منحل للعسل، وجانب للفراشات، ومشتل للفراولة، وآخر للورد، وتحت كل مسمى هناك تذكرة، بسيطة ربما، لكنها مهمة في سياق الثقافة العامة التي لا تقدم شيئاً مجاناً لأن من يريد أن يستمتع فعليه واجب الدفع، مع أنه لن يرى العجائب في حركة النحل وأجنحة فراشة، كما أن الفراولة والورود يمكن تكرار تجربتها معنا أيضا، وببساطة متناهية، لتكون بأفق تعليمي وثقافي لأبنائنا، قبل أن تكون متعة سياحية للقادمين إلى البلاد ليروا جانباً من ملامحها، وليس زيارة مجمعاتها التجارية.
في جبل شمس وجواره «السراة» ماذا يحدث لو كان هناك تليفريك ينقل الناس إلى تلك البقاع التي تشهد برودة في عز الصيف بدلاً من قضاء الساعات في نكد الطريق وصعوبته؟!
كيف نتخيل الأمكنة وقد عمرت بالبشر، ووجدت العائلات ضالتها حيث يمكن القول إن المشروع السياحي يحقق مبتغاه الاقتصادي، إنما تفكيرنا ينتظر عقوداً كما انتظر كهف الهوتة، على بساطته، سنوات كي يعاد افتتاحه أمام السياح، ويمكنه أن يحقق دخلاً يصب في «نهر السياحة» كما أحبّ تسميته!!
تلك الشواهق الجبلية، بقسوتها وتوحشها، تثير السياح الغربيين كما تدهشنا نحن جبالهم الخضــراء، وفي أمكنة أخرى يمكن تكرار الأفكار والتجارب، إنما..
في قلب مسقط، هناك حديقة القرم الطبيعية، وأضرب بها المثل دائماً كونها أفقاً استثمارياً مهملاً، مع قدرته على تحقيق عائد يكفي على الأقل لكلفة التشغيل، إن لم ننجح، أو نطمع، في الأكثر. الأفكار الإبداعية قادرة على تحويل المكان من تلك العتمة وعبث الأسر الآسيوية بأطفال لا يجدون رادعاً كون المال العـام (وأشكاله متنوعـة) مشـاعا لدينا..
فلماذا لا تحوّل مثل هذه المرافق إلى وزارة السياحة لتشغيلها بمفهوم «سياحي» مختلف، أو شركة عمران وفق أفق «استثماري» نحتاجه وبقوة!