تقاريرتكشف انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين

الحدث السبت ٢٧/أغسطس/٢٠١٦ ٠٢:١٥ ص
تقاريرتكشف انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين

القدس المحتلة - نظير طه - زكي خليل

سلط تقرير الضوء على أعداد كبيرة من الشبان الفلسطينيين الذين أصيبوا مؤخرا بنيران جيش الاحتلال في عدة مواقع في الضفة الغربية. وتبين أن جنود الاحتلال تعمدوا إطلاق الرصاص الحي على منطقة الركبة، ما يعني جعل الشبان معاقين طوال حياتهم. وتناول تقرير أعدته الصحفية عميرا هس، في صحيفة ‹هاآرتس› العبرية، أمس الجمعة، مجموعة من الفتيان والشبان في مخيم الدهيشة للاجئين وفي تقوع والفوار، والذين يتحركون على عكاكيز بسبب إصاباتهم بنيران جيش الاحتلال في الشهور الأخيرة.

ويتضح أن كلا منهم خضع لعدة عمليات جراحية طويلة، ومن المتوقع أن تجرى لهم عمليات جراحية أخرى. كما أن كلا منهم بحاجة إلى مراقبة طبية دائمة، وتنظيف متكرر للجروح وانتزاع الشظايا، وحبوب ضد الالتهاب، واستبدال قطع البلاتين التي زرعت في أجسادهم. علما أن أحد الفتية قد تم بتر ساقه.

معاناة

يقول أحد الشبان (23 عاما) «في نشرات الأخبار يقولون إنه لم يسقط قتلى وإنما جرحى فقط. وعندها يهدأ الجميع، ولكنهم لا يتخيلون المعاناة التي نعيشها». ويتضح أنه أصيب برصاصة في ساقه قبل شهرين بينما كان يحمل مصابا إلى مكان آمن. وكان الأطباء يعتقدون أنه لا بد من بتر رجله، إلا أنه رفض، ووجد له علاجا أنقذها في ألمانيا، ولكنه لا يزال يتحرك على العكاز حتى اليوم.
وبحسب التقرير فإنه في عمليات المداهمة الثلاث الأخيرة لجيش الاحتلال للمخيم، الذي يقع جنوب بيت لحم، في نهاية يوليو وحتى مطلع أغسطس، تم اعتقال عدة أشخاص، ولكن أصيب 15 آخرون بالرصاص، ووضعهم صعب. وتبين أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على منطقة الركبة، ما يعني أنهم سيعيشون معاقين طوال حياتهم. كما يتضح خلال عمليات المداهمة في مطلع تموز وفي العام الأخير كان هناك مصابون آخرون بحاجة إلى رعاية متواصلة.
ويشر التقرير إلى أن المصابين تحدثوا، في فعالية نظمت لأجلهم في مطلع الأسبوع، عن أدوية لتمييع الدم ومسكنات للأوجاع وأنواع عمليات جراحية. كما تحدثوا عن شهور طويلة لم يتمكنوا خلالها من الوصول إلى الحمام بقواهم الذاتية، وعن ضمور وضعف في العضلات بالنتيجة.
وضمن المصابين، هناك من اعتقل فور إجراء عملية جراحية له أو قبل العملية الجراحية الثانية، وصدرت أحكام بالسجن الفعلي ضدهم لعدة شهور، إضافة إلى فرض غرامات مالية، وذلك بسبب تصديهم لمداهمات جيش الاحتلال بالحجارة.
وبحسب التقرير، فإن كثيرين من سكان مخيم الدهيشة على قناعة بأن مركز الشاباك، كابتن نضال، هو اليد الموجهة، ويقوم بالتنكيل بالمخيم بذريعة أن أحدهم قام بالتقاط صورة له في إحدى المداهمات ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي. وكان قد ظهر في المخيم قبل نحو سنتين، وهناك شكاوى في مؤسسات دولية ضده. وقد اختفى لعدة شهور من المخيم، إلا أنه عاود الظهور مرة أخرى هناك.
يقول أبناء المخيم إنه في التحقيقات، وفي المحادثات الهاتفية، وفي الزيارات التي يقوم بها الكابتن نضال، يقول للشبان: «هنا لن يسقط شهداء، ولكن ستتحركون جميعكم على عكاكيز.. سنجعلكم معاقين».
ويشير التقرير أيضا إلى أنه في قرية تقوع، أصيب 20 شابا في أرجلهم خلال عدة شهور. وهناك يظهر شهر يطلق عليه ‹الكابتن عماد›، من الشاباك، وأنه يتعهد بدوره للشبان الذين يتصدون لجيش الاحتلال بأن يصبحوا معاقين. ويتضح أيضا أنه بين إصابات كثيرة في مخيم الفوار، والذي داهمه الجيش مؤخرا، كانت هناك إصابات كثيرة في منطقة الركبة.
ويضيف التقرير أنه يتضح أن جيش الاحتلال يستخدم الرصاص الحي بكثرة، حتى في المواجهات مع راشقي الحجارة غير المسلحين، وأن الإصابات خطيرة ومتعمدة. وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من مئة إصابة في الضفة الغربية، غالبيتهم قاصرون، قد حولهم جيش الاحتلال إلى معاقين في السنة الأخيرة.

وتقول معدة التقرير إنها التقت 12 مصابا في ثلاثة أيام، وكان من حسن حظ بعضهم أنهم أصيبوا في العضلات، في حين تحطمت عظام آخرين، أو أصيبوا بقطع أو تلف أعصاب أو أوتار. وبينهم من اخترقت الرصاصة ساقه الأولى لتخرج وتخترق الثانية، وبينهم من أطلقت النار على ساقيه مرتين.

ويشير التقرير إلى حادثة حاول فيها أحد الفتيان حمل شاب آخر مصاب في ساقه، وعندها أطلق عليه الجنود النار، ولما واصل الفتى طريقه أطلق الجنود النار على ساقه الثانية. وعندما سقطا أرضا أطلق الجنود النار على الساق الثانية للشاب المصاب.

ويقول شاب آخر أصيب برصاصة في ساقه، وخضع لسبع عمليات جراحية، ولا يزال غير قادر على الدوس بقدمه، إن جنود الاحتلال أطلقوا النار على كل من حاول تقديم المساعدة له لحظة أصيب.
ويقول المصاب يزن لحام (22 عاما)، وهو نجل عضو المجلس التشريعي محمد لحام، إن جنود الاحتلال الذين استوقفوه، في الثامن والعشرين من يوليو الفائت، قرب محطة الوقود ‹الهدى› في شمال المخيم، أطلقوا عليه النار من الخلف بعد أن سمحوا له بالعودة إلى مركبته. وقد أجريت له عمليتان جراحيتان ولا يزال يتحرك على العكاز.

القوة المفرطة

من جهة أخرى أجرى المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين «بديل» ومقره مدينة بيت لحم تحقيقا ميدانيا حول حملات الاعتقال التي تشنها قوات الاحتلال في الضفة الغربية حيث يجري اقتحام المنازل ليلا ويقوم الجنود بحملات تنكيل بالأهالي وترويعهم بشكل متعمد قبل أن يعتقلوا من يريدون.
وأكد المركز أن الاستهداف الإسرائيلي يعبر عن سياسة إسرائيلية ممنهجة تُشكل خرقا وانتهاكا جسيما للقانون الدولي، وقد ترقى لمستوى اعتبارها جريمة دولية.

وأضاف أن هذه الخروقات تتطلب فتح تحقيق دولي وبالتحديد من محكمة الجنايات الدولية، إلا أنه في الوقت نفسه يتحتم على السلطة الوطنية الفلسطينية اتخاذ تدابير وإجراءات من أجل حماية المناطق المستهدفة، خصوصا أن أغلب هذه الخروقات تُرتكب داخل ما يسمى المناطق «أ».

وبدأ «بديل» التحقيق في الخروقات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وخصوصاً في المخيمات التي تم استهدافها بشكل مكثف في يوليو وأغسطجس 2016. وأشار إلى أن التحقيق الأولي في الأحداث التي وقعت في مخيمي الدهيشة في بيت لحم والفوار في الخليل، بين أن القوات الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة ضد الشباب الفلسطيني وسكان تلك المخيمات بشكل عام، وأن هذه الأعمال لا تستند لأي أساس قانوني بالنظر إلى نوعية الأسلحة والذخيرة وحجم القوة المستخدمة. وأوضح أنه في الفترة الواقعة ما بين نهاية شهر يوليو وأواسط شهر أغسطس 2016، قامت قوات الاحتلال باقتحام مخيم الدهيشة ثلاث مرات، الأمر الذي أدى إلى إصابة 18 شابا تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 27 عاما بشكل مباشر في الأقدام، وأصيب ثمانية منهم مباشرة في منطقة الركبة، إضافة إلى إصابة أربعة من المناطق المحيطة بالمخيم في أقدامهم.

وتشير إحصائيات المركز إلى أنه ومنذ بداية العام الجاري، تعرض 30 شابا من مخيم الدهيشة للإصابة بالرصاص الحي، وجاءت أغلب إصاباتهم في منطقة القدم والركبة، وأكدت مصادر طبية أن هذه الإصابات تسببت بإعاقات دائمة ومؤقتة.
وذكر المركز أن ما يحدث في مخيمات اللاجئين اليوم يعيد إلى الأذهان سياسة تكسير العظام التي أطلقها اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مع تصاعد الانتفاضة الأولى والتي هدفت في حينها إلى إخماد انتفاضة الحجارة من خلال ردع الشباب الفلسطيني وثنيه عن المقاومة. وأضاف أنه بالعودة إلى ما يجري في مخيمات اللاجئين في الوقت الراهن، ومع أخذ ما يجري في مخيم الدهيشة كمثال، فان استهداف الشباب الذي يأتي بالتزامن مع تهديدات ضابط المخابرات الإسرائيلي المسؤول عن المنطقة، التي تنسجم مع تصريحات رابين.
وبين المركز أن الضابط المسؤول في وقت سابق من هذا العام هدد الشباب من مخيم الدهيشة بقوله: «رح اخلي كل شباب المخيم معاقين»، «رح اخلي نصكو معاقين والنص الثاني يدفع كراسي المعاقين»، «رح اخليكو كلكو تصفو على الصراف الآلي تستنو رواتب المعاقين».
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مخيم الفوار يوم السادس عشر من الشهر الجاري بأعداد كبيرة وأطلقت النيران بشكل عشوائي باتجاه الأهالي والمنازل ما أدى إلى استشهاد الفتى محمد ابوهشهش البالغ من العمر 17، وإصابة نحو 40 شابا آخرين بينهم إصابات بالغة وصعبة في الصدر والأقدام، كما اقتحمت هذه القوات عيادة لوكالة الغوث كانت تستقبل الجرحى.
ودعت وكالة «الأونروا» إسرائيل إلى فتح تحقيق شامل في «مقتل» أبو هشهش وأعربت عن بالغ قلقها لاستشهاده وللعدد الكبير من الجرحى، خلال هذه العملية، مؤكدة أن «على السلطات الإسرائيلية كقوة محتلة تحمل المسؤولية، لحماية السكان المدنيين في الضفة الغربية، ومنهم اللاجئون الفلسطينيون القاطنون هناك».
وتابعت في بيانها، «أفيد بمقتل شاب فلسطيني لاجئ أعزل من مخيم الفوار، بعد إصابته بالرصاص الحي في الصدر، من قبل قنّاص إسرائيلي، كان متمترسا على بعد حوالي 100 متر، فيما جرح ما لا يقل عن 52 شخصا من سكان المخيم، 32 منهم أصيب بالرصاص الحي في أطرافهم السفلية.