«الشكوي» زعيم بوكو حرام... الغامض المتمرد على إعلان نعيه

الحدث الأربعاء ٢٤/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٣١ م

لاجوس –
أعلن الجيش النيجيري أن زعيم جماعة بوكو حرام أبو بكر الشكوي أصيب بجروح خطيرة بينما قتل عدد من قادة الجماعة الإسلامية في غارة جوية على معقلهم في شمال شرق نيجيريا.

وهذا الإعلان الذي يتزامن مع زيارة قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لشمال نيجيريا أمس الأول الثلاثاء، شكك فيه خبراء مذكرين بأن السلطات النيجيرية سبق أن أعلنت مراراً مقتل زعيم بوكو حرام.
وقال الناطق باسم الجيش، ساني عثمان، في بيان إن الشكوي «أصيب بجروح خطيرة في كتفه» في الغارة التي نفذت الجمعة على غابة في سامبيزا. وأوضح الضابط لاحقاً لفرانس برس «قلت إنه أصيب، إذا كان ثمة تطورات أخرى سأبلغكم إياها».
وأضاف ساني عثمان أن ثلاثة من قادة الجماعة هم أبو بكر موبي ومالام نوهو ومالام هامان قتلوا وأصيب آخرون بجروح.
وقال عمر محمود من معهد الدراسات الأمنية الذي مقره في جنوب أفريقيا لفرانس برس «يبدو أن ليس هناك تأكيد (من مصدر) آخر (لهذه المعلومات) وعلينا أن نتذكر بأن موت الشكوي سبق أن أعلن مراراً».
وتدارك «لكن الإعلان يأتي ضمن ظروف مثيرة للاهتمام انطلاقاً من الانشقاقات داخل الحركة، وفي حال لم يعد الشكوي قادراً على التحرك فسيشكل ذلك ضربة قاصمة لجناحه».
وبداية أغسطس، عيَّن تنظيم داعش الذي كان الشكوي بايعه في مارس 2015، «والياً» جديداً لبوكو حرام هو المتحدث السابق باسم الحركة أبو مصعب البرناوي.
وبعد أسبوع من ذلك، كرر أبو بكر الشكوي أنه لا يزال قائدا للحركة في شريط مصور أكد فيه أنه يتحمل «مسؤولية شخصية» في القتال «ضد نيجيريا والعالم أجمع».
من جهته، اعتبر المحلل الأمني راين كومينجز أن الجيش النيجيري قد يكون مطالبا بتبرير لجوئه إلى الغارات الجوية بعدما أكدت بوكو حرام الأسبوع الفائت أن العديد من الفتيات اللواتي خطفن في 2014 في شيبوك قتلن في قصف جوي.
وقال الخبير «الجيش النيجيري هو من يقول لنا إن القصف الجوي يشكل استراتيجية فاعلة».
وتعرضت بوكو حرام التي أسفر تمردها عن أكثر من عشرين ألف قتيل و2,6 مليون نازح منذ 2009، لهزائم كبيرة منذ عام لكنها تواصل شن هجمات واعتداءات في مناطق شمال شرق نيجيريا المطلة على بحيرة تشاد.

شائعات اغتياله

أبوبكر محمد الشكوي زعيم حركة بوكو حرام مولود في قرية من المزارعين ومربي المواشي قرب الحدود مع النيجر في ولاية يوبي (شمال شرق). درس الفقه لدى رجال الدين المحليين في مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو المجاورة. وفي تلك المرحلة تعرَّف على مؤسس حركة «بوكو حرام»، الداعية محمد يوسف قبل أن يلتحق بها.

ترأس بوكو حرام العام 2009 بعد أن أعدمت الشرطة زعيمها السابق محمد يوسف.
يتهم القيم الغربية بأنها مسؤولة عن المشاكل في نيجيريا مثل الفساد المتفشي والفقر المدقع في صفوف السكان. ويعلن صراحة أنه «يحب أن يقتل من يأمره الله بقتله تماما كما يحب قتل الدجاج والأغنام».
أعلنت السلطات النيجيرية أكثر من مرة مقتله، ولكنه كان يعود في كل مرة ليكذّب تلك الأنباء، وقد كادت الشرطة أن تقبض عليه بعد مداهمة منزله العام 2012، والذي كان قد قصده لحضور مناسبة عائلية تتعلق بأحد أبنائه، ولكنه تمكن من الهرب بعد معركة نارية أصيب خلالها في قدمه، وقبضت الشرطة بعد ذلك على زوجته وأولاده الثلاثة.
في العام 2009 أُشيع أنه قُتل، ولكن عاد إلى الظهور كزعيم المجموعة بعد أقل من عام.
في العام 2014 قال الجيش النيجيري إن قتله خلال معركة استمرت في الفترة من 12 سبتمبر إلى 14 سبتمبر.
في سبتمبر 2014 نشر الجيش الكاميروني صورة وادّعى أن قواتها قتله.
ورداً على هذه التقارير، علّق المحلل الأمني، ريان كامينجز «هل هذا الموت الرابع أو الخامس له؟»، في أوائل أكتوبر العام 2014، حصلت وكالة الأنباء الفرنسية على فيديو له يظهر أنه على قيد الحياة، وسخر فيه من مزاعم الجيش النيجيري أنه قُتل.
في 8 مارس 2015 بايعت حركة بوكو حرام تنظيم داعش وذلك بحسب بيان صوتي بُث عبر موقع الحركة على تويتر. وجاء الإعلان على لسان زعيم بوكو حرام أبوبكر الشكوي.
وقال في رسالته: «نعلن بيعتنا للخليفة»، وذلك في إشارة إلى أبو بكر البغدادي، وأضاف: «سنسمع ونطيع في العسر واليسر».
وفي 12 مارس 2015 قبل تنظيم داعش بيعة الحركة، وغيّرت الحركة اسمها ليصبح ولاية غرب افريقية.

غامض ومخادع

تثور الكثير من التساؤلات حول هوية زعيم التنظيم، أبوبكر الشكوي، بعد تهديده ببيع الفتيات في سوق النخاسة، فمن هو زعيم تلك الجماعة وما أبرز محطات حياته.

ولد أبوبكر في قرية «شيكو» الحدودية مع النيجر، ودرس الشرعية قبل ارتياد كلية ولاية بورنو لدراسات الشريعة والقانون التي خضع فيها لدراسات عليا في المواد الدينية، ولذلك يلقبه بعض أنصاره بلقب «دار التوحيد» وذلك بسبب علومه الدينية.
يجيد أكثر من لغة، فهو ينطق بالعربية، وكذلك بلغات الهوسا والفولاني والكانوري المحلية، ولكنه لا يجيد اللغة الإنجليزية، وربما يعود ذلك إلى موقفه المناهض للتعليم الغربي.
تتفاوت التقديرات حول سنه، إذ تتراوح الترجيحات بين 38 و49 سنة، وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إنه قد يكون من مواليد العام 1965 أو 1969.. أو 1975.
الذين يعرفون الشكوي يصفونه بأنه «أستاذ في الخداع» وشخص «محب للعزلة»، وهو لا يتحدث مباشرة إلى أنصاره، وإنما يقوم بإرسال رسائله إليهم عبر مجموعة من الذين يثق بهم، ويستخدم الشكوي العديد من الأسماء المستعارة، بينها «أبوبكر سكيكوا» و«أبومحمد» و«أبوبكر بن أحمد الشكوي» و«المسلمي بيشكو».

عديم الرحمة

تأسست جماعة بوكو حرام على يد محمد يوسف، هو رجل دين معروف ومتعلم كان يقود سيارة مرسيدس ويطالب في الوقت نفسه بإقامة دولة إسلامية في مناطق شمال نيجيريا، ولكنه لم يتمكن من حشد الكثير من الأتباع بسبب ضعف قدراته القيادية، كما لم يتمكن من السيطرة على الرجل الثاني بالتنظيم، وهو الشكوي، الذي سرعان ما سيطر على الأمور بنفسه.

قتل محمد يوسف العام 2009 بهجوم شنته القوات الحكومية على معاقل بوكو حرام، وسقط إلى جانبه 700 من أنصاره، وقد تعهّد الشكوى بالانتقام لمقتل يوسف عبر سلسلة هجمات لم تميز بين جهة وأخرى في البلاد، إذ استهدفت الموظفين ورجال الحكومة والشرطة والصحفيين والقرويين والطلاب والكنائس، وتقدر منظمات أن الحملة هذه أدت خلال خمس سنوات إلى مقتل ثلاثة آلاف شخص.
حرص الشكوي على الالتزام بتنفيذ تهديداته، بصرف النظر عن فظاعتها، فقد أعلن في مايو 2013 عزمه اختطاف فتيات رداً على قيام الشرطة باختطاف زوجات وأطفال عناصره، وقد نفذ تهديده بالفعل عبر العملية المرعبة التي أدت إلى اختطاف 279 فتاة من مدرسة محلية مهدداً ببيعهن. ورصدت الولايات المتحدة شيكو ونشاطاته منذ سنوات، وقامت قبل فترة بوضع جائزة قيمتها سبعة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تساعد على القبض عليه.