مسقط - فريد قمر
رغم الارتفاع الذي طرأ على أسعار النفط منذ بداية شهر أغسطس الجاري والذي بلغ نحو عشرين في المئة، ما زال سعر نفط عمان عند حدود 47 دولاراً، أي دون المستوى المطلوب للخروج من العجز أو الالتزام بالعجز المتوقع عند بداية السنة المالية الجارية، لاسيما أن الانخفاض الذي أصاب أسعار النفط على الشحنات التي ستسلم في سبتمبر المقبل، بسبب نتائج الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدد الآمال بتصحيح المعدل الوسطي لأسعار خام نفط عمان الذي كان بدأ يسجل أرقاماً مرتفعة قد تعوض عن بعض الخسائر التي مني بها منذ مطلع العام. وقد صار واضحاً أن «خيبات النفط» هذه باتت تفرض إسراعاً في خطط التنويع الاقتصادي والإسراع بالمشاريع القادرة على تنمية القطاعات الإنتاجية البديلة والبحث عن إيرادات جديدة للخزينة تخفف من المخاطر المنتظرة، وهذا ما بدأ تطبيقه بالفعل كما تظهر خلال الأرقام المنشورة في مجموعة من التقارير، أبرزها التقرير الإحصائي لشهر يوليو الفائت الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
الإيجابي في أرقام السنة المالية الجارية هو ارتفاع نسبة الإيرادات بشكل كبير من بعض القطاعات، فرغم تراجع صافي إيرادات النفط بنسبة 44.7 في المئة (حتى نهاية شهر مايو) مقارنة مع العام الفائت فقد زادت الإيرادات الجمركية بنسبة 134.7 في المئة مؤمنة للخزينة أكثر من 176 مليون ريال عماني فيما ارتفعت الإيرادات الرأسمالية بنسبة 26.9 في المئة، ليتقلص التراجع في الإيرادات إلى 27.8 في المئة فقط، أي أنه تم تعويض أكثر من ثلث ما خسرته الخزينة من تراجع إيرادات النفط.
أما من ناحية النفقات التي تعد المشكلة الأكبر التي تهدد اقتصادات العالم فنرى أن السلطنة تقدم أداء جيداً في خطتها لتخفيضه من دون أن يؤثر ذلك بشكل كبير على النمو العام.
وتظهر أرقام التقرير نفسه انخفاض المصروفات الجارية بنسبة 9.5 في المئة ومعدل الإنفاق على الدفاع والأمن بنسبة 14.9 في المئة، بينما انخفض الإنفاق في الوزارات المدنية بنسبة 2.3 في المئة، والإنفاق على إنتاج النفط بنسبة 43.6 في المئة رغم زيادة حجم الإنتاج النفطي في السلطنة. ومما استطاعت الحكومة تخفيضه حجم الإنفاق على المصروفات الرأسمالية للوزارات المدنية بنسبة 31.5 في المئة. أما الإنفاق على الدعم فانخفض بنسبة 53.6 في المئة موفراً على الميزانية العامة نحو 260 مليون ريال عماني حتى نهاية شهر مايو وهو رقم مرشح للارتفاع بأكثر من الضعف مع نهاية السنة المالية الجارية، ليبلغ أكثر من نصف بليون ريال عماني.
لكن هذه الإجراءات رغم فاعليتها ليست كافية وحدها للخروج من الأزمة، لاسيما أن السلطنة بدأت تستهلك من الاحتياطات المالية وفق ما يذكر التقرير نفسه إنما بنسب ما زالت معقولة ولا تزيد عن 1.5 بليون ريال عماني.