محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby
في زمن «النباح» العالي يحلو للبعض أن يمارس هوايته، وغوايته، كأنما القمر التفت يوما إلى صوت الكلاب فاهتز في عليائه، أو أن القافلة ارتبكت في خطوها فعادت لترى ما قصة هؤلاء النابحين يسيرون في إثرها.
وعمان التي ولدت قبل ملايين السنين، وكتبت نقوش التاريخ قبل أن تتشكل جغرافيات وخرائط لم تكن يوما إلا قافلة تمضي، تذود عن حمى تربتها، ولا يعجبها ممارسة دور النابح لأنها شجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وقال عنها الرسول الكريم إنه من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان، وكان يدرك عليه الصلاة والسلام أنها تلك التي ينضح البحر بجوارها، وكم من بحار عرفها أبناء هذه البلاد، وكم بحّارة رفعوا صواريهم على أنهم الأعلام القادمة من عمان، هي الممتدة شموخا من جبال مسندم إلى جبال ظفار، تعرف البحار سواحلها فيجد الغزاة الزبد الذي يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.. خيرا لأهلها، وكرامة.
وكلما تصاعد نباح من «أحدهم» وحاشا لهذا الكلب الوفي أن نشبّهه بما يقوم به بعض «النابحين» نشعر أننا نكبر، فلا يلتفت إليك أحد إلا إذا شعر أنك كبير تستحق النيل منك.. وأن من أخذوا وكالة توزيع الفتن سيحترقون بما تفعله أياديهم ذات يوم، طال الزمان أو قصر.
كل عماني يدرك جيدا أن بلاد التسامح والأمان تغري من يفتقد هذا التسامح.. وهذا الأمان، ولذلك هو صمام الأمان بتسامحه، حتى مع المسيء وهو يلقي أحجاره في ماء النهر، لم يتوقف نهر ذات يوم عن الجريان لأن هناك من يرميه بحجر، بل يمضي بشريان الحياة، وهكذا تمضي عمان، باحثة عن الحياة ودافعة إليها، إذ إنها دعاء الرسول عليه السلام، وحكمة حكام وأئمة وسلاطين تتابعوا على قيادتها نحو بر الســـلام دوما، وبعد كل فتنة عاشتها، على مر التاريخ، تنهض لتثبت أنها كبيرة، وأن كل مواطن فيها همته كرؤوس الجبال، لا تنحني، مهما كانت العواصف.
كيـــف لهـــؤلاء الجــهلاء، مواليــد الأمـــس، أن ينالوا من عمان التاريخ والحضارة وقد عرفهــا التاريخ بحضـــارة ممتــدة آلافاً من السنين؟!
أيها الأصدقاء، لا تلتفتوا لكل ذلك الغثاء الذي يكتب هنا أو يطرح هناك؟، فواثق الخطوة يمشي ملكا، قد نتعثر، نخطئ، ترتبك الخطوة أحيانا، لكن هذا قدرنا كبشر، لكن قدر الأوطان أن تبقى فوق كل العثرات والأخطاء وارتباك الخطوات، وفي البلدان التي صنعت مجدها على دعائم من مفردات الخير ستبقى اليد الممدودة بالخير، مهما أساء القريب أو الغريب، إنما لن نتحزب مع أحد ضد أحد، ولن نعادي أحداً من أجل أحد، ولن نصادق أحداً على حساب أحد، هذا شعور كل مواطن عماني، يفهم رؤية بلاده، ولذلك يعرف أن ما يثار من «نباح» أحيانا لن يمس هذا الحصن المهيب الذي شيدناه مجداً ممتداً على كل بقعة عمانية.
وتحية سلام، لكل الشرفاء، أصدقاء وأشقاء وجيراناً، من عمان التي لم تزرع فتنة في أرض غيرها، ولن تهتز لأن هناك من يحـــاول مكافـأتها على صـــبرها بإلقاء بذرة فتنة، سننحاز دوما للكلمة الطيبة، حتى حين نواجه «نابحين»، فثقتنا بأنفسنا كبيرة، وثقتنا بوطننا.. أكبر.