القلق يحميك من الخطر

مزاج الثلاثاء ٠٥/يناير/٢٠١٦ ٠٠:٢٠ ص

ليزيت بورلي-ترجمة: أحمد بدوي

قال باحثون فرنسيون أن مشاعر الخوف والرهبة قد يكون لها فوائد عصبية غير متوقعة، حيث نشرت الدراسة مؤخرا في دورية eLife.
ووجدت الدراسة أن أدمغة الأشخاص الذين يشعرون بالقلق تتفاعل مع التهديدات المحيطة من خلال أجزاء تختلف عنها عند الأشخاص في حالات مزاجية أكثر هدوءا، وهذا بدوره يسمح لهم بتحقيق نتائج أفضل خلال أوقات الأزمات، والمعروف أن هناك مناطق معينة من الدماغ البشري هي التي تستجيب للتهديدات الاجتماعية بسرعة وتلقائية – في حدود 200 ميلي ثانية، إلا أن الأشخاص القلقين يميلون إلى إظهار حساسية أكبر لهذه التهديدات، فضلا عن التجاوب مع المشاعر السلبية عموما.
وكانت دراسات سابقة قد أشارت الى ان القلق يمكن أن يؤدي إلى حساسية مفرطة لإشارات التهديد، والتي قد تؤثر بدورها في كيفية معالجة الدماغ للتهديدات.
وبدلا من اقتصار الاستجابة على وقت الضرورة، يظل الشخص القلق في حالة قلق دائم قد يضعف قدرته على الاستجابة السريعة وتتسبب في تجمده في حالة الخوف. إلا أن الدراسة الحالية وجدت أن القلق في الواقع يسمح لإشارات التهديد بالوصول إلى القشرة الحركية في الدماغ بسرعة أكبر، ما يثير رد فعل أكثر حسما.
ولغرض الدراسة قامت الباحثة مروة الزين، من المعهد الفرنسي للصحة والبحوث الطبية، وقائدة الدراسة مع زملائها بقياس الإشارات الكهربائية في أدمغة 24 من المشاركين من خلال مخطط كهربائية الدماغ electroencephalogram وطلب من كل واحد من المشاركين أن يحدد ما إذا كانت الوجوه التي تم تغييرها رقميا تعبر عن الغضب أو الخوف، وكان المقصود أن ينظر الى كلا التعبيرين على أنها تحمل تهديدا. وفي حين أظهرت كل الوجوه نفس التعبير، إلا أن العينين تغيرتا لدى البعض ومن ثم كان أصحابها ينظرون بعيدا عن الكاميرا.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص القلقين يقومون بمعالجة التهديدات في مناطق معينة من أدمغتهم مسؤولة عن القيام بالفعل، في حين أن المعالجة لدى الاشخاص الأقل قلقا تتم في دوائر حسية مسؤولة عن التعرف على الوجه.
ووجد الباحثون ان اتجاه انظار الأشخاص في الصور يمثل مفتاحا رئيسيا لتعزيز حساسية المشاركين لمشاعرهم الخاصة، وبعد توجيه الأنظار الى الكاميرا كانت النتيجة استجابة أسرع بكثير في أدمغة المشاركين مما كانت عليه عند النظر الى مكان آخر. تقول الزين: عندما يكون هناك حشد من الناس تكون أكثر حساسية لوجه غاضب ينظر باتجاهك واقل انتباها لشخص غاضب ينظر الى مكان آخر.
ورغما عن أنه ينبغي أن يكون واضحا أن الأشخاص أكثر عرضة للاستجابة للشئ الموجه اليهم، إلا أن السبب العصبي وراء حدوث ذلك كان الى حد كبير غير مفهوم حتى الآن، ويقول الباحثون أن رد الفعل هذا على الغضب هو آلية تكيف تهدف إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة.
وتدعم دراسة أجريت عام 2012 هذه النظرية، وتقول أن القلق قد تطور، جنبا إلى جنب مع الذكاء كسمات مفيدة لتعزيز فرص الإنسان في البقاء على قيد الحياة، وقال مؤلف الدراسة د. جيرمي كوبلان أنه على الرغم من أن القلق المفرط ينظر إليه عادة على أنه سمة سلبية بينما ينظر الى الذكاء العالي أنه سمة إيجابية، إلا أن القلق قد يكون هو الذي يدفعنا الى تجنب المواقف الخطيرة، بغض النظر عن مدى بعد احتمالية وجود مثل تلك المواقف على أرض الواقع. وفيما يحاول الأشخاص القلقون تجنب القيام بالمخاطر، تظل الإحتمالات قائمة أنهم الأكثر احتمالا للبقاء على قيد الحياة لمدة أطول.

عن ميديكال ديلي