أحمد الصمصامي.. يتغلب على الإعاقة وينتصر للحياة

مزاج الثلاثاء ٢٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٣ م
أحمد الصمصامي..
يتغلب على الإعاقة وينتصر للحياة

العوابي - محمد بن هلال الخروصي

المعلم والمربي أحمد بن بدر بن ثابت الصمصامي من قرية ثقب بوادي بني خروص بولاية العوابي في محافظة جنوب الباطنة يستحق التقدير والاعتزاز بما قدمه لمجتمعه رغم ظرفه الصحية، حيث لم تمنعه حالته الصحية عن أداء واجبه، فاهتم بنفسه في تطوير ذاته وبناء قدراته بعد أن كان يعيش تحت كنف ورعاية والده المرحوم الذي كان أحد وجهاء الولاية ورشيد القرية، حيث أشرف على تربيته والاعتناء به فخصه بالرعاية وحباه بالعناية، ولعدم وجود التعليم النظامي آنذاك قام والده بتعليمه مع المعلم المعروف منصور بن مرهون المياحي الذي كان معلماً في قرية الهجير، فطلب منه أن يأتي إلى قرية ستال ليعلِّم ابنه على نفقته الخاصة، فوافق المعلم منصور ولما حضر إلى قرية ستال وعلم به أهالي القرية طلبوا منه تعليم أولادهم أيضاً فأصبح معلماً لأبناء القرية إلى جانب تعليمه للتلميذ الذي جاء خصيصاً لتعليمه، واجتمع نحو سبعون طالباً آنذاك بما فيهم أحمد، وحيث لم تكن في ذلك الوقت أماكن التعليم متيسرة قام بتدريسهم تحت سدرة يطلق عليها (سدرة الخور) وهي من الأشجار الوارفة الظلال المعروفة بكثافة ورقها وبمنعها لأشعة الشمس لغلظة أوراقها وتداخل سيقانها وضخامة جسمها، فتعلم أحمد الصمصامي الحروف الهجائية ثم قراءة القرآن الكريم وكان يتمتع بالبصيرة والفهم الثاقب والصوت الجميل والفهم السريع حتى برز دون أقرانه وتميّز عن بقية زملائه فطلب منه المعلم ألا يراجعه ليستمع إليه كونه بات قادراً على متابعة بقية أجزاء القرآن الكريم، وبعد هذه المرحلة من حياة أحمد الصمصامي بدأ في التفكير ببناء مستقبله غير ناظر لأي عراقيل وغير مبالٍ بالصعوبات؛ لأنه تدبر القرآن فقرأ قوله تعالى (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا) فكان عنوان حياته الرضا بما قدر الله والاستغناء بما رزق والشكر على ما وهب واحتساب ما أصابه بالأجر والثواب عند الله، فكان له ما أراد وبدأ عمله بمهنة التعليم، ولم يكن باستطاعته العمل بما يبذل به من المجهود الجسدي فكان اتجاهه أن يعلِّم القرآن الكريم لأبناء القرية والقرى المجاورة، وعندما تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد تم تعيينه رسمياً معلماً للقرآن الكريم بقرية (ثقب) فعلَّم أبناء القرية وأبناء قريتي (صنيبع، وشو)، وبذلك استطاع بفضل الله أن يمارس الحياة ويكيّف نفسه رغم ظروفه، فعايش الحياة بحلوها ومرها وكوّن نفسه وبنى مستقبله ثم ما لبث أن التفت إلى رعاية أسرته وتربية أولاده فكسب من عرق جبينه وأعال أولاده الذين رزقه الله تعالى إياهم فأشرف عليهم بنفسه فرداً فرداً في تربيتهم وفي تعليمهم للقرآن الكريم إلى جانب التحاقهم بالمدارس النظامية فتخرجوا منها ثم التحقوا بالمعاهد والكليات والجامعات وأنهوا دراستهم ومنَّ الله سبحانه وتعالى عليهم الالتحاق بالأعمال في مختلف المؤسسات الحكومية، يقول الصمصامي: أبلغ من العمر الآن 74 سنة، ولله الحمد أتمتع بالحياة الكريمة والعيش السعيد وسط أولادي وأسرتي وأهل بلدي، أما عن سبب إصابته بالشلل فيقول: أصبت بهذا المرض منذ أن كان عمري ثلاث سنوات، وجاء خلال تلك الفترة طبيب يدعا (تومس) إلى قرية ستال وقام بتقديم العلاج للأطفال الذين كانوا في سني وإعطائهم جرعات دوائية وإبراً والحمد تعافوا من الأمراض التي كانوا يعانونها أما أنا فللأسف لم يكن الدواء شافياً لي، ومنذ ذلك الحين وأنا لم أستطع تحريك رجلاي فكنت أسير زاحفاً وفي البداية كانت الإصابة بساق واحدة لكن مع مرور الأيام أصيبت الساق الأخرى. وعن حركته وهو في وضعه الحالي يقول: في الماضي كنت أستطيع ركوب الحمير واعتليها بنفسي مباشرة دون مساعدة من أحد ثم جاءت السيارات وأركبها بنفسي أيضا، أما الآن ومع كبر سني أصبحت لا أستطيع ذلك إلا بمساعدة أحد أولادي وهم جميعا بارّون بي ويتسابقون على خدمتي وتقديم كل الخدمات لي. أما عن تحركاته في القرية فيقول: استخدم الآن كرسيا كهربائيا متحركا، ولله الحمد فقد خفف عني الكثير حيث استطيع التجول في القرية كيفما أشاء.

ويضيف أحمد الصمصامي: أمارس حالياً فن الكتابة بمختلف الخطوط العربية ولديّ نماذج منها. وعن النهضة المباركة يقول: لقد منَّ الله تعالى على عُمان بقائد ملهم استطاع أن يسير ببلده وشعبه إلى بر الأمن والأمان، وقال: لم تكن الأعمال متوفرة في بلدنا قبل عهد جلالة السلطان قابوس فغادر عدد من أهالي القرية والقرى المجاورة إلى بلدان الخليج المجاورة بسبب كسب العيش حتى جاء عهد صاحب الجلالة فعاد أبناء الوطن من السفر والتحقوا بالأعمال الحكومية في خدمة الوطن فتحسنت أحوالهم المعيشية إلى الأفضل.