" الرياضة " اداة سياسية احيانا

الحدث الاثنين ٢٢/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٠١ م
" الرياضة " اداة سياسية احيانا

عواصم – ش

أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية، لاعبين محترفين لكرة السلة إلى "كوبا" كسفراء رياضيين يقومون بتطبيع العلاقات عن طريق الرياضة.
وكتبت صفحة الخارجية الأمريكية على موقع التدوينات الصغيرة "تويتر": "أرسلت الخارجية الأمريكية لاعبين محترفين لكرة السلة كوبا، ليكونا من أوائل الدبلوماسيين الرياضيين الذين يقومون بتطبيع العلاقات عن طريق الرياضة".
وكانت العلاقات الثنائية بين البلدين انقطعت عام 1961 على خلفية قيام السلطات الثورية الكوبية بتأميم مزارع قصب السكر ومصادرة الممتلكات الأمريكية فى الجزيرة، بما فيها مصانع النفط.
وشهدت العلاقات الكوبية الأمريكية انفراجا نسبيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتى، أكبر شريك سياسى واقتصادى لهافانا، أواخر عام 1991، دون أن يؤدى ذلك إلى تطبيع العلاقات الثنائية أو رفع الحصار الاقتصادى والتجارى الأمريكى عن كوبا.

تاريخ

علاقة الرياضة بالسياسة ليست وليد اليوم بل ان لها جذورا تاريخية بعيدة حيث أدرك هتلر وموسوليني قيمة الرياضة في تعزيز الكرامة الوطنية وخاصة تجاه السلطات الحاكمة.
وقد عزز موسوليني موقفه من خلال الهيبة التي اكتسبها بعد حصول بلادة على كأس العالم مرتين في عامي 1934 و 1938، بينما أصبحت ألمانيا بطل الأولمبياد عام 1936 كرمز للتقدير ولقوة النظام الحاكم وقوة عقيدته.
وفي بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1934 في ايطاليا، شارك موسوليني شخصيا في اختيار الحكام، وحضر جميع المباريات التي خاضها منتخب بلاده.
وفي هذه البطولة، فاز المنتخب الايطالي في المباراة قبل النهائية على النمسا مسقط رأس هتلر، بينما وقعت ألمانيا في الدور قبل النهائي مع النرويج، والتي احتلتها القوات الألمانية فيما بعد.
وقال جوبلز مسؤول الدعاية في النظام النازي "إن الفوز بمباراة دولية أهم من السيطرة على مدينة ما."

الحرب الباردة
وخلال الحرب الباردة، أولت الولايات المتحدة وروسيا اهتماما كبيرا بتعزيز قدراتهما الرياضية كنوع من الدعاية لقوة بلادهما وذلك عبر إذاعة موسكو وإذاعة صوت أمريكا، وهذا ما يفسر جزئيا تغاضي السلطات الرياضية في الدولتين عن قضايا تعاطي المنشطات، وحتى في الحالات الأكثر وضوحا للعيان.
وكانت أبرز حالات التنافس بين القوى العظمى هي مقاطعة الولايات المتحدة وعدة دول غربية لدورة الألعاب الأولمبية بموسكو عام 1980 احتجاجا على غزو الاتحاد السوفياتي السابق لأفغانستان، وفي المقابل قاطعت موسكو دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجيلوس عام 1984.

ولعدة سنوات، أصيب المئات من اللاعبين بما وصفه البعض بالشلل الرياضي وذلك جراء التعنت من قبل واشنطن وموسكو بعدم المشاركة في هذه البطولات.
وخاضت الولايات المتحدة وروسيا حربهما الباردة في أيسلندا عام 1972 عندما التقي لاعب الشطرنج السوفيتي بوريس سباسكي ونظيره الأمريكي بوبي فيشر في مبارة شهيرة للشطرنج، والتي فقد فيها اللاعب السوفيتي لقبه العالمي.
وانعكس البعد السياسي للمباراة على اللاعب السوفيتي الذي تعرض بعد الهزيمة لموجة من النقد الإعلامي والشعبي حيث اعتبرت الهزيمة أمام لاعب أمريكي بمثابة مهانة للدولة بالكامل، مما دفع اللاعب في نهاية الأمر إلى مغادرة البلاد والحصول على الجنسية الفرنسية.

أيام لا تنسى
وهناك أيام لا تنسى في تاريخ كرة القدم في أمريكا اللاتينية.
فأحد أعنف مباريات كرة القدم هو ما يعرف بمعركة سانتياغو في الثاني من يونيوعام 1962 حينما واجهت تشيلي إيطاليا، وذلك في إحدى مباريات كأس العالم في تشيلي والتي فاز فيها المنتخب التشيلي على منتخب إيطاليا بهدفين نظيفين.
وتوصف هذه المباراة بأنها من أسوأ المباريات في تاريخ اللعبة نظرا للعنف المتعمد الذي شهدته بين لاعبي الفريقين والذي أدي إلى اصابات بالغة بين اللاعبين.
وهناك تقارير تقول إن نظام البطاقات الصفراء والحمراء ابتكر خلال هذه المباراة العنيفة.
وهناك ما يعرف باسم "حرب كرة القدم"، حيث وقعت مواجهات عسكرية بين هندوراس والسلفادور وذلك بعد سلسلة من المباريات بينهما في الفترة ما بين 6 و27 من يونيو عام 1969، وكان ذلك ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1970.
وخلفت الاستباكات بين البلدين نحو ألفي قتيل.
وقال الصحفي البولندي ريزارد كابسينسكي، وهو أحد أعظم الصحفيين في ذلك الوقت بعد أن أوضح الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكرة القدم إن هذه اللعبة كانت فقط المحرك لهذا الصراع والتي استخدمتها الحكومتان لتبرير وتعزيز موقفيهما أمام شعبيهما.
وكانت هناك أيضا مبارة بين الأرجنتين والمنتخب الانجليزي في كأس العالم بالمكسيك عام 1986، والتي كان ينظر إليها الجمهور الأرجنتيني على أنها معركة للانتقام بعد حرب جزر الفوكلاند بين الطرفين قبل ذلك بأربعة سنوات.
وقد بلغت الرمزية الكروية مستوى غير متوقع من التحايل في هذه المباراة حينما قام النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا بتسجيل هدفه الشهير بيده، وهو أشهر تحايل على الإطلاق في تاريخ كرة القدم.

تداخل
يستغل السياسيون أحياناً الرياضة وأحداثها لتحقيق أهدافهم، مستفدين من قدرة الملاعب على تحسين العلاقات والتقريب بين الشعوب، ومن تأثيرات أبطالها الذي يتجاوز حدود بلادهم إلى العالمية.
وتكثر الأمثلة على هذا التداخل بين الرياضة والسياسة، ولعل اقربها الينا الخلاف الذي وقع حول رغبة «اتحاد كرة القدم الفلسطيني» في التقدم بطلب لسحب عضوية نظيره الإسرائيلي، بسبب السياسات العنصرية التي تمارسها إسرائيل بحق لاعبي المنتخب الفلسطيني. وعلى رغم إصرار الفلسطينيين على المضي قُدماً بالطلب، أسهمت حملة أطلقتها وزارة الخارجية الاسرائيلية في وقفه، فأنقذت الكرة الاسرائيلية من «حملة دولية تهدف إلى تشويه صورة إسرائيل، وإنكار حقها في الوجود»، على ما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ويُعتبر ما قامت به الجزائر إبان ثورة استقلالها مثالاً إيجابياً على استغلال الرياضة لدعم مطالب سياسية، إذ شكلت «جبهة التحرير الوطني الجزائرية»، التي كانت تقود ثورة الاستقلال من الاحتلال الفرنسي، فريقاً جزائرياً لكرة القدم في نيسان (أبريل) 1958، لكي يكون لاعبوه سفراء للقضية، ويتولوا تعريف العالم بها وبعدالتها من خلال إقامة مباريات ودية.
حينذاك، نجحت فرنسا في منع الاعتراف الدولي بالفريق عن طريق «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا)، ومع ذلك استمر الفريق في محاولاته، وخاض 80 مباراة في آسيا وأفريقيا وأوروبا الشرقية، أمام فرق عالمية وإقليمية. وكان هذا الفريق نواة «الاتحاد الجزائري لكرة القدم» الذي تشكل العام 1963 بعد استقلال البلاد في 5 تموز (يوليو) 1962.

وفي 1971، حاولت الصين استغلال الرياضة في تحسين علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة منذ 1949، بسبب انتهاج الأولى الخط الشيوعي، مستغلةً وجود منتخبي بكين وواشنطن في اليابان للمشاركة في بطولة العالم لكرة الطاولة. فأرسلت دعوة رسمية إلى عقد مباراة ودية بين منتخبي البلدين المتقاطعتين. وخلال العام ذاته، أصبح أعضاء المنتخب الأميركي لكرة الطاولة أول أميركيين يزورون الصين منذ 22 عاماً، لتمهّد تلك الزيارة الرياضية الطريق أمام زيارة سياسية رسمية قام بها الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في 1972.
ولا ينسى أحد عندما جُرّد الملاكم العالمي محمد علي كلاي من لقب البطولة في الملاكمة والأوزان الثقيلة، بسبب موقفه السياسي من الحرب الأميركية على فيتنام، ورفضه أداء الخدمة العسكرية مع الجيش الأميركي هناك. حينذاك، جُرّد من ألقابه، وسُحبت رخصة مزاولته الملاكمة. وكانت دراسة نشرتها «الأكاديمية المتقدمة للعلوم في الولايات المتحدة» في 2010، حول العلاقة بين نتائج المباريات الرياضية والسياسة، أظهرت أن فوز منتخب بلد أو منطقة في حدث رياضي، قبل نحو 10 أيام من موعد انتخابات مجلس الشيوخ أو العمدة أو الرئيس، يزيد المشاركة في الاقتراع نسبة 1.61 في المئة. ولفتت إلى هذه النسبة ترتفع أكثر فأكثر كلما كانت جماهير الفرق الرياضية أكبر عدداً.