الأخطاء المالية لترامب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/أغسطس/٢٠١٦ ٢١:٢٠ م
الأخطاء المالية لترامب

جيفري فرانكل

إن حملة الانتخابات الرئاسية لهذا العام في الولايات المتحدة فريدة من نوعها بالتأكيد. وقد هَز دونالد ترامب الطريقة التي تُدار بها الحملة، وكيفية اتصال المرشح مع الناخبين، والبرنامج السياسي للحزب الجمهوري، بالإضافة إلى كثير من مواقفه المنحرفة عن تقاليد الحزب الجمهوري. ولكن، بالنسبة للسياسة الضريبية، فقد تجاوز ترامب خط الحزب - وهذا ليس شيئا جيدا.
بطبيعة الحال، أي تقييم لمواقف ترامب له حدود بحيث تتغير مواقفه في غضون ساعات قليلة. إنه يغير مواقفه بنحو سريع جدا، متنصلا مرارا من تصريحاته بعد وقت قصير من الإدلاء بها. بعد يومين من الإصرار، بشكل سخيف، أن الرئيس باراك أوباما "أسس" الدولة الإسلامية، قال في نهاية المطاف بأن ذلك كان مجرد سخرية.
ولهذا السبب، من المهم دراسة اقتراح ترامب الأخير المتعلق بالضرائب، والذي يتكون من أربعة سمات بارزة – تروم تخفيض الضرائب للأغنياء.
أولا، يقترح ترامب إلغاء الضريبة العقارية - الهدف الجمهوري الذي طال انتظاره. ويحاول ترامب، مثل أسلافه، إخفاء حقيقة أن الأثرياء جدا هم من سيستفيد من هذا التغيير فقط، لأن الضريبة لا تنطبق على العقارات التي تبلغ قيمتها أقل من 5.45 مليون دولار للفرد و10.9 مليون دولار للزوجين.
ثانيا، يريد ترامب خفض معدل الضريبة على الشركات الأمريكية بشكل حاد، إلى 15٪. من الناحية النظرية، هناك بعض المزايا لخفض المعدل، الذي يبلغ 35٪، وهي واحدة من أعلى الضرائب في العالم (ما يحفز على الأرجح الشركات للحفاظ على الأرباح في الخارج). ولكن، كما سيقول معظم خبراء السياسة الضريبية، ينبغي أن يقترن انخفاض المعدل العام بتحركات لتوسيع القاعدة. على وجه الخصوص، يجب على الولايات المتحدة إلغاء الخصومات، مثل تلك التي تهدف إلى تشجيع ديون الشركات والتنقيب عن النفط.
ثالثا، يعتزم ترامب خفض أعلى معدل ضريبة الدخل الشخصي من 39.6٪ إلى 33٪. وهذا أمر مهم، ولكن ليس مثل الاقتراح السابق لخفض المعدل إلى 25٪ - والذي، وفقا لمحللين مستقلين، من شأنه أن يؤدي إلى حوالي 10 تريليون كخسائر في الإيرادات على مدى عقد واحد فقط.
وأخيرا، اقترح ترامب تخفيضات ضريبية لمتوسط تكاليف رعاية الأطفال. قد يبدو هذا مفيدا على نطاق واسع، ولكن من شأنه أن يساعد فقط تلك الأسر الموجودة في الصنف العالي من الضرائب الكافي لفصل الخصومات - ومعظمهم من ذوي الدخل السنوي فوق 75،000 دولار (بلغ دخل الأسر الأمريكية المتوسط 54،462 دولار في عام 2015).
وتبقى مسألة ما إذا كانت السياسات الضريبية لترامب ستفيده مباشرة دون إجابة، لأنه، خلافا لجميع المرشحين الآخرين للرئاسة منذ ريتشارد نيكسون، قد رفض الكشف عن سجلاته الضريبية على الدخل. ما هو مؤكد هو أن السياسات الضريبية لترامب غير مسؤولة من الناحية المالية. في الواقع، ليس هناك ما يبين كيف يمكن تمويل أي من سياساته الضريبية ، وتشير كل الدلائل إلى أنها ستعمق بشكل حاد عجز الميزانية.
ومن المؤكد أن خطط ترامب للميزانية لا تزال غامضة جدا - ولاسيما فيما يتعلق بالإنفاق التقديري، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية - للوصول إلى تقدير موضوعي لأثره الفعلي على العجز في الميزانية الفدرالية والدين الوطني. لكنه قد يواجه ضغوطات ليصبح أكثر دقة مع اقتراب الانتخابات. وإذا حكمنا من خلال ميله إلى تقديم أفكار خيالية ومُنمقة، بدلا من سياسات واقعية، يبدو من المرجح أنه سيستجيب لهذا الضغط مع مزيد من المناورة.
لحسن حظ ترامب، قد أنشأ "المحافظون الماليون" الذين سبقوه بالفعل أربعة خدع سحرية لاستخدامها عند تقديم وعود مالية مستحيلة – وهي حيل من المرجح أن يقلدها. الأولى هي "النجمة السحرية"، يَعد المرشح بخفض الضرائب وموازنة الميزانية مع تخفيضات غير محددة في الإنفاق.
أما "السيناريو الوردي" فيتوقع المرشح زيادة في إيرادات الضرائب، على أساس أن الدخل القومي سوف ينمو بشكل أسرع. اقترح أحد الاقتصاديين الثلاثة، الذي يعمل كمستشار لحملة ترامب، أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي سيتضاعف بطريقة أو بأخرى. ومن الخدع ايضاً مقترح عالم الاقتصاد لافر"، إذ أعلن ريغان وبوش وغيرهما أن خفض الضرائب من شأنه أن يحفز الكثير من النشاط الاقتصادي وأن إجمالي الإيرادات الضريبية من شأنه أن يزيد في الواقع. وقد تم كشف زيف هذه الفرضية عدة مرات، وتنصل منها المستشارون الاقتصاديون لهؤلاء الرؤساء. ومع ذلك، فإن إغراءات هذا الادعاء برفع إيرادات الميزانية قد تكون قوية جدا وجذابة لترامب. والخدعة الرابعة هي تجويع الوحش": وبعد أن ثبت أن إجراء تخفيضات ضريبية كبيرة كان خطأ، عاد ريغان وبوش مرة أخرى إلى نظرية أن تخفيض الإيرادات الضريبية كان في الواقع أمرا جيدا، لأنه من شأنه أن يجبر الكونغرس على الموافقة على خفض الإنفاق. مرة أخرى، المفتاح لهذه المناورة هو أن الرئيس لم يقترح أبدا التخفيضات التي كان يُفترض موافقة الكونغرس عليها.
ربما أمر لا مفر منه أن يتجاهل المرشحون قيود العالم الحقيقي سواء في السياسة الداخلية أو الظروف الدولية، لأنهم يحاولون تلميع صورتهم لذا الناخبين. ولكن لا ينبغي عليهم تجاهل القيود الحسابية، لاسيما عندما تم استعمال نفس خفة اليد من قبل - مع عواقب وخيمة للغاية.

جيفري فرانكل أستاذ تكوين رأس المال والنمو في جامعة هارفارد.