كوكب الزهرة.. هل كان صالحاً للعيش؟

مزاج الأحد ٢١/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:٥٧ م

ماكس ليونتن - ترجمة: خالد طه

يبلغ سمك الغلاف الجوي المليء بغاز ثاني أكسيد الكربون لكوكب الزهرة تسعين ضعفا سمك الغلاف الجوي لكوكب الأرض، وتصل درجة حرارته إلى 864 فهرنهايت (462 درجة مئوية تقريبا) على سطحه.

ولكن الباحثين في وكالة ناسا للفضاء يقولون إن الزهرة ربما كان صالحا للسكن في يوم من الأيام، حيث كشفوا عن وجود محيط به وغلاف جوي رقيق يشبه غلاف كوكب الأرض.
وتتناقض هذه النتائج، التي استخدمت نموذجا حاسوبيا لمناخ الكوكب القديم، مع الافتراضات السابقة القائلة إن دوران الزهرة البطيء حول محوره يعتمد على كون غلافه الجوي أكثر سمكا.

وقال الباحث في معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا مايكل واي: «الكثير من نفس الأدوات التي نستخدمها لعمل نماذج لتغير المناخ على الأرض يمكن تكييفها لدراسة المناخ على الكواكب الأخرى، سواء في الماضي أو الحاضر. وهذه النتائج تبين أن الزهرة القديم كان مكانا مختلفا تماما عما هو عليه اليوم». وقد كان العلماء يعتقدون منذ زمن طويل أن الزهرة مكون من مكونات مماثلة لمكونات الأرض، ولكنهم تصوروا من الناحية النظرية أن تلك العناصر تطورت بشكل مختلف. وفي ثمانينيات القرن الفائت، أشارت القياسات من بعثة «بايونير» التابعة لناسا في البداية إلى أن الزهرة ربما كان به محيط في يوم من الأيام.

ولأن الزهرة أقرب إلى الشمس من الأرض، فهو يتلقى قدرا أكبر كثيرا من ضوء الشمس. ومع تبخر محيط الكوكب قديما، كما يقول الباحثون، تكسرت جزيئات بخار الماء بفعل الأشعة فوق البنفسجية، فسببت هروب الهيدروجين إلى الفضاء. وفي غياب الماء، تكون ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكوكب، مؤكدا ما يطلق عليه الباحثون «تأثير غازات الاحتباس الحراري الهاربة» التي أدت إلى الوضع الحالي للكوكب. ولكن ماذا عن الماضي؟ افترض الباحثون أن الزهرة القديم كان به أرض جافة أكثر من الأرض، فقاموا بعمل محاكاة للظروف على الزهرة مع وجود محيط ضحل، وأضافوا معلومات طبوغرافية من بعثة ماجلان التابعة لناسا، وملؤوا المناطق المنخفضة بالماء. فإن كان الزهرة به أرض جافة أكثر من الأرض في الماضي، كما يقول الباحثون، فإن كمية الماء المتبخر من المحيطات -وما نجم عنه من تأثير غازات الاحتباس الحراري من تبخر الماء- من المرجح أنه كان محدودا، مما يجعل من الممكن ازدهار الحياة هناك.

ونتيجة لذلك، فإن سطح الكوكب، في ظل القدر الكافي من الماء والأرض لتقليل حساسية الكوكب للطاقة الشمسية، كان يمكن أن تزدهر عليه الحياة.
ومن خلال استخدام نموذج المناخ، وجد الباحثون في معهد جودارد أن الدوران البطيء، الذي ينتج عنه يوم الزهرة الطويل الحالي الذي يساوي 117 يوما من أيام كوكب الأرض، ما زال بإمكانه أن ينتج نفس الظروف بمرور الوقت مثل الغلاف الجوي السميك الحالي لكوكب الزهرة.
وقال أنتوني ديل جينيو، المؤلف المشارك للدراسة والباحث بمعهد جودارد: «في هذا النموذج، نجد أن الدوران البطيء للزهرة يعرض جانبه النهاري لأشعة الشمس لمدة شهرين تقريبا في المرة الواحدة. وهذا يزيد من دفء السطح وينتج أمطارا توجد طبقة سميكة من الغيوم والسحب، وهي التي تعمل بمثابة مظلة لحماية السطح من الكثير من الطاقة الشمسية. والنتيجة تعني درجات حرارة فعلية أقل قليلا من درجة حرارة الأرضي اليوم».
ويؤكد الباحثون في وكالة ناسا للفضاء أن المزيد من المعلومات عن الغلاف الجوي القديم لكوكب الزهرة يمكن أن تؤثر على عمليات البحث المستقبلية عن كواكب صالحة للحياة، بما فيها الكواكب الخارجية، تلك التي تدور في مدارات نجوم أخرى.

خدمة كريستيان ساينس مونيتور -