التبرع بالدم.. عمل إنساني بمعايير محددة

بلادنا السبت ٢٠/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٠٩ م
التبرع بالدم.. عمل إنساني بمعايير محددة

مسقط - ش

يعد التبرع بالدم من الأعمال الإنسانية التي تسهم بشكل كبير جداً في إنقاذ حياة كثير من الناس، ومعالجة كثير من الإصابات، لهذا يحصل العديد من الناس يومياً على نقل للدم ومكوناته لمسببات عديدة من أهمها العمليات الجراحية، وإصابات الحوادث التي تنتج عنها حالات نزف وإصابات الحروق، وعدد من الحالات المرضية الأخرى. وفي هذه الحالات يكون نقل الدم هو العلاج الأنسب مع الأدوية الاخرى المكملة للعلاج.
مديرة دائرة خدمات بنوك الدم د. صبرية بنت ناصر الهشامية أوضحت أن للدم مكونات رئيسية أهمها الكريات الحمراء والبيضاء وبلازما الدم والصفائح الدموية، لذلك ليس بغريب أن نجد الكثير من الناس يقبلون على التبرع بالدم باعتباره حاجة إنسانية تساعد في إنقاذ المرضى والمصابين المحتاجين لنقل الدم ومن هنا وُضعت قواعد وأسس معينة لاختيار وقبول المتبرع تهدف في الأساس إلى توفير الحماية والأمان لكل من المتبرع بالدم والمريض المتلقي للدم الى جانب ضمان جودة وسلامة وحدات الدم أو مشتقاتها، ومن هذا المنطلق فان أسس وقواعد اختيار المتبرع بالدم لا تقل أهمية عن الاختبارات والفحوصات التي تتم على وحدات الدم داخل مختبرات بنوك الدم.

خطوات وأسس

وعن أهم الخطوات والأسس المتعبة في عملية التبرع بالدم، قالت د. صبرية بنت ناصر الهشامية: يُقبل مختلف الأفراد من المواطنين والمقيمين بالسلطنة على التبرع بالدم في بنك الدم المركزي ببوشر وبنوك الدم بالمستشفيات المنتشرة في مختلف المحافظات، ومن أولى هذه الخطوات تعبئـة الاستمارة الوطنية للتبرع بالدم والتي تحتوي على أسئلة متنوعة بين العامة والشخصية والطبية بحيث ينبغي الإجابة عنها بمصداقية وشفافية من أجل سلامة المتبرع والمتلقي للدم، فسلامة المتبرع بالدم هنا تعني أن هناك حالات قد يكون التبرع بالدم فيها غير آمن للمتبرع نفسه مثل بعض الحالات التي تعاني من مشاكل بالقلب أو الأوعية الدموية وجراحات القلب والجلطات الدموية وحالات الصرع وأمراض الدم وأثناء فترة الحمل بالنسبة للسيدات وغيرها من الحالات.
أما سلامة المريض المتلقي للدم فهناك بعض الأدوية التي قد يتناولها المتبرع وتؤثر على المريض المتلقي للدم أو تؤثر على جودة مشتقات الدم. وهناك أيضا التعرض للعدوى ببعض الفيروسات والتي تحتاج الي فترة زمنية حتى تصل هذه الفيروسات أو الاجسام المضادة الخاصة بهذه الفيروسات الى مستويات في الدم تستطيع الأجهزة والفحوصات اكتشاف هذه الفيروسات أو الأجسام المضادة لها وهذه الفترة قد تمتد من أسبوعين ( 15 يوما ) إلى 12 شهرا ( سنة كاملة ). ولهذا فمن الضروري أن يجيب المتبرع على كافة الأسئلة بشفافية ومصداقية كاملة حرصا على سلامته وسلامة المريض المتلقي للدم.
وأضافت الهشامية أنه يتم تقييم حالة المتبرع بالدم وتحديد إذا كان يمكنه التبرع بالدم أو تأجيل التبرع لوقت لاحق وذلك بمعرفة فريق بنك الدم عن طريق مناقشة المتبرع في بعض النقاط الصحية وعمل الفحص الطبي اللازم للمتبرع بالدم.

الفحص الطبي

- أسس وشروط التبرع بالدم:
ومن أهم الأسس والشروط المتبعة في عملية التبرع بالدم أشارت د. صبرية بنت ناصر الهشامية الى أنه لا بد على كل فرد أن يدرك تماماً بأن عملية التبرع بالدم تحتاج أن يكون المتبرع لائقا من الناحية الصحية ومدركا كذلك تمام الإدراك بكافة مراحلها وخطواتها والفحوصات التي تجرى على الدم المتبرع به، وأن هذا العمل عمل تطوعي في المقام الأول ولا ينتظر منه مقابل وغير إجباري، ولهذا وضعت شروط يجب توافرها في كل متبرع، ومن أهم هذه الشروط:
- السن المناسب للتبرع بالدم:
السن المناسب للتبرع بالدم يتراوح ما بين 18 سنة الي 65 سنة، لأن الشخص الأقل من 18سنة يكون في مرحلة نمو ونضج وفي احتياج زائد للحديد في سن المراهقة وخاصة النساء ويؤخذ أيضا في الاعتبار الناحية القانونية للحصول على الموافقة (تحمل المسئولية)، كما تزداد فرصة حدوث الآثار الجانبية للمتبرع بالدم في سن أصغر من 18 سنة، كما أنه بعد سن الـ 65 قد تظهر بعض المشاكل الصحية التي تعوق عملية التبرع بالدم وقد يصعب علي الجسم تعويض الدم المتبرع به ولهذا فقد يطلب من المتبرع أحيانا تقرير طبي حتى يسمح له بالتبرع لضمان سلامته وقدرة جسمه على التكيف مع عملية التبرع بالدم، ولهذا يكون السن المناسب للتبرع بالدم يتراوح ما بين 18 سنة و65 سنة.
- الوزن المناسب للتبرع بالدم:
الوزن المناسب للتبرع بالدم هو 50 كيلوجراما فأكثر، وذلك لأن حجم الدورة الدموية يتناسب مع وزن الجسم، فالشخص الذي يزن 50 كجم أو أكثر يكون حجم الدم في الدورة الدموية من 5 -6 لترات وعندما يتبرع بوحدة دم في حدود 450 مل فهذا يعادل حوالي 1/12 من حجم الدورة الدمويه وذلك لا يشكل اي خطورة على حالته الصحية أما إذا قل الوزن عن 50 كجم فهذا يعني أن حجم الدورة الدموية أقل من 5-6 لترات مما قد يشكل خطورة على المتبرع.
- التبرع بالدم ونسبة الهيموجلوبين:
التبرع بوحدة دم 450 مل يزيل حوالي من 200 – 250 مجم من نسبة الحديد الموجودة بالجسم لذا ينبغي تقييم نسبة الهيموجلوبين قبل التبرع بالدم مباشرة من قبل أحد أعضاء فريق بنك الدم، ويكون الحد الأدنى لنسبة الهيموجلوبين المقبولة للتبرع بالدم هي:
للرجال من 13 الي 18 جم / ديسيلتر، للنساء من 12 الي 17 جم / ديسيلتر.
أما إذا قلت النسبة عن ذلك الحد فيتم تأجيل التبرع فترة معينة حرصا على سلامة المتبرع ولضمان أن مخزون الحديد داخل الجسم كاف للمتبرع بعد عملية التبرع بالدم
وتكون فترة التأجيل كالآتي:
- التبرع بالدم و ضغط الدم المرتفع:
يعتبر ضغط الدم الطبيعي مؤشرا على صحة جيدة، لذا يكون معدل ضغط الدم المقبول للمتبرع قبل عملية التبرع بالدم
للرجال من 70 /110 ملم زئبقي الى 100/150 ملم زئبقي. وللنساء من 70 /110 ملم زئبقي الي 90/140 ملم زئبقي.
- أما بالنسبة لمرضي ضغط الدم المرتفع فيتم قبول مريض ضغط الدم المرتفع للتبرع بالدم إذا كان ارتفاع ضغط الدم مسيطر عليه بالعلاج ولا يوجد أي مضاعفات منه، كما يتم تأجيل المتبرع لمدة شهر واحد إذا كان ضغط الدم المرتفع مكتشف حديثا أو تم تغيير العلاج حديثا، وأيضا يتم رفض المتبرع إذا كانت هناك مضاعفات لضغط الدم أو كان ضغط الدم مصاحب لأمراض بالقلب او بالكلى.
- التبرع بالدم ومرض السكري:
ينبغي النظر إلى الحالة العامة للمتبرع والقدرة على تحمل التبرع بالدم، فيتم قبول مريض السكري اذا كان المتبرع بحالة صحية جيدة ومرض السكري مسيطر عليه باتباع نظام غذائي أو عن طريق الأدوية التي توخذ بالفم ولا توجد أية مضاعفات للمرض
كما يتم رفض المتبرع اذا كانت هناك أيه مضاعفات لمرض السكر أو اذا كان المريض يتم علاجه بالانسولين.

- التبرع بالدم والصحة الانجابية:

ليس للتبرع أي تأثير على النشاط الحيوي للجسم، ولكن لا يمكن التبرع اثناء فترة الحمل وذلك للحفاظ على صحة الأم والجنين ويتم قبول النساء بعد الولادة الطبيعية بستة اشهر في حالة عدم وجود رضاعة طبيعية.
أما في حالة وجود الرضاعة الطبيعية فلا يتم التبرع بالدم خلال السنة الاولى من عمر الطفل وذلك للمحافظة علي مخزون الحديد في جسم الام للحفاظ علي صحة الام والجنين.
ولا يوجد سبب يمنع من التبرع بالدم اثناء الدورة الشهرية لكن يؤجل التبرع في حالة زيادة كمية الدم المفقودة اثناء الدورة
ويمكن للمرأة التبرع بالدم اذا كانت تتناول اقراص للمباعدة بين الولادات.

- التبرع بالصفائح الدموية:
التبرع بالدم كاملا هو الأكثر شيوعا بين المتبرعين وهو الّذي يتم فيه التبرع بوحدة دم كاملة يتم بعد ذلك فصلها الى مكونات الدم داخل مختبرات بنك الدم حيث يتم فصل وتحضير كرات الدم الحمراء والبلازما والصفائح الدموية.
أما التبرع بالصفائح الدموية فهذه نوعية خاصة من التبرع تتم بواسطة جهاز لفصل الخلايا الدموية حيث يقوم الجهاز بسحب كمية صغيرة من المتبرع ثم يقوم بفصل الصفائح الدموية منها وبعد ذلك يقم الجهاز بارجاع الدم الى المتبرع والاحتفاظ بالصفائح الدموية وتتكرر هذه العملية عدة مرات حيث تجمع الصفائح الدموية بعدها في وحدة واحدة يتم فحصها ونقلها للمريض.
وأوضحت د. صبرية بنت ناصر الهشامية: تعتبر عملية التبرع بالصفائح الدموية عملية سهلة وبسيطة وآمنة، وتعد الصفائح الدموية من مكونات الدم الحيوية التى تساعد في حماية الجسم من النزيف، كما تعتبر الصفائح الدموية مهمة لعلاج الكثير من المرضى الذين يعانون من نقص في كمية الصفائح الدموية وخاصة مرضى الأورام السرطانية وسرطان الدم ومرضى أمراض الدم الوراثية الذين تتم لهم عمليات زرع النخاع.

/////////////////////////////////////////

رسالة توعوية

ووجهت د. صبرية بنت ناصر الهشامية رسالة توعوية إلى المجتمع قائلة: إن التبرع بالدم عمل إنساني طوعي وغير إجباري وبلا مقابل مادي ولهذا فليس هناك أي تمييز من أي نوع بما في ذلك الجنس او الجنسية أو الدين أو المعتقدات السياسية وكذلك فإن متلقي الدم ليس لديه الحق في أن يطلب أي تمييز من هذا النوع، والتبرع بالدم يتم تحت إشراف طاقم طبي مؤهل ووفقا لمعايير وشروط معتمدة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لذلك فإن قبول أو تأجيل التبرع بالدم وفقا لهذه المعايير يهدف الى توفير الأمان للمتبرع والمريض المتلقي للدم وكذلك ضمان جودة وحدات الدم ومشتقات الدم، ومن حق المتبرع طرح أي أسئلة أو استفسارات تتعلق بعملية التبرع بالدم على فريق بنك الدم ومن حقه الحصول على إجابات كاملة قبل أو أثناء أو بعد التبرع بالدم، كما يتم فحص جميع وحدات الدم فحصا جيدا بعد التبرع وقبل نقل الدم للمرضى ولا يتم استخدام أو نقل الدم للمرضى في حالة وجود أي نتائج غير سليمة في تلك الفحوصات ويتم ابلاغ المتبرع في حالة وجود أي فحوصات غير سليمة وتوجيهه الاتجاه الصحيح في حالة احتياجه للمتابعة الصحية أو العلاج، ولا يجب اعتبار عملية التبرع بالدم وسيلة لاجراء الفحص الطبي والاطمئنان على الحالة الصحية لأن ذلك قد يتسبب في تعرض المريض للخطر حيث إن التعرض للعدوى ببعض الفيروسات والتي تحتاج الى فترة زمنية حتى تصل هذه الفيروسات او الاجسام المضادة الخاصة بهذه الفيروسات الى مستويات في الدم تستطيع الاجهزة والفحوصات اكتشاف هذه الفيروسات أو الاجسام المضادة لها وهذه الفترة هي ما يطلق عليه بالفترة الشباكية وفي هذه الفترة تكون الفحوصات على الدم سليمة ومع ذلك يكون الدم معديا للمريض في حالة نقل الدم اليه.

//////////////////

أخي المتبرع / أختي المتبرعة
تذكروا أن تبرعكم المنتظم بالدم يسهم في إنقاذ العشرات من المرضى يوميا وأنه يمكن التبرع بالدم مرة كل ثلاثة أشهر.
"وخير الأعمال أدومها وإن قل".